ما حدث مع نادي الفتح مؤخرا من تتويج بلقب الدوري للأنديه المحترفه لكرة القدم هو انتصار ساحق ومنطقي للفكر على حساب المادّه والتهوّر الاستثماري في قطاع الرياضة ، ففريق الفتح الذي حقق بطولة الدوري بجدارة واستحقاق لم يكن فريقا ذو هالة إعلاميه قويّه ، وليس له من الموارد الماليه ما تمتلكه فرق المصاف الأول إعلاميّا كالهلال و الأهلي أو غيرها من الأندية المحلية ، لكنه وبشاهدة الكل إمتلك إداره محترفه وعقول شابّه تعايش ما يحدث في العالم من حولها من تطورات واختلافات فكريه واستثماريه على الصعيد الرياضي ، وتهدف إلى تحقيق الإنجازات لصالح الكيان الذي تنتمي إليه ، وقبل ذلك علينا أن نقول أنها كانت تعرف جيدا طريق النجاح ، لذلك اعتمدت اسلوب الطهي على النيران الهادئه كما يقال ، ونهجت منهاج العمل المحترف بكل ثقه وصبر، حتى نالت نجاحا عجزت العديد من الأندية أن تناله على مدى عشرات السنين ، والفرق هنا هو الفكر الناصح والناضج . فريق الفتح الذي تأهل الى الدوري الممتاز في العام 2009 تميّز عن بقيّة الأنديه بأن رسم خطه طويلة الأمد ، بقصد او بغير قصد ، وسار على نهجها , ووصل من خلالها الى منصة التتويج ، هذه ألخطه كانت من وجهة نظري تقوم على ثلاث ركائز أساسيه كما يلي : أولا : إعطاء الثقه كاملة للمدرب التونسي (فتحي الجبالي ) بعد أن ابقت عليه ستة مواسم متتابعة ، ما أعطى الفريق الفتحاوي ميزتان لا تتوافر في أي فريق سعودي آخر , وهما (الاستقرار الفني ) و (الانسجام التام بين المدرب واللاعبين وكذا الإدارة ). ثانيا : الفصل بين الصلاحيتين (الاداريه ) و(الفنيّه ) وهذا أعطى للاداره ميزة التفرّغ التام لدراسة القرارات والمهام الإداريه ، وترك كل ما يتعلّق بالأمور الفنيه للجهاز الفني دون تدخلات . ثالثا : اختيار لاعبين مناسبين لإمكانات النادي المادية وكذلك التركيز على لاعبين سبق لهم الظهور في دوري زين سابقا والأهم ( الصبر ) عليهم وتأهيلهم وإعادتهم إلى مستوياتهم الحقيقية ، وعلى رأسهم البرازيلي المبدع جوزيه التون ، والذي كان علامة فارقه في البطوله ككل ، وأيضاً اللاعب أحمد الموسى ، بالاضافه إلى عدد من اللاعبين الذين تدرجوا في فئات الفريق السنيّه المختلفه . تلك الثلاث الصفات والمميزات كانت في رأيي هي عنصر النجاح الأول للفريق الفتحاوي ، وهي مميزات لم تكن لتأتي صدفة ، لولا ان كانت هناك اداره واعية تعمل بفكر ناضج وصادق . كل عوامل النجاح السابقه التي تحدثنا عنها في فريق الفتح وغيرها ، كانت للأسف تحدث نقيضاتها تماما في نادي نجران ، وهذا ما يهمنا نحن ابناء منطقة نجران ، فإدارة النادي السابقه بقيادة المهندس صالح ال مريح ، كانت قد وضعت اللبنه الفنيّه الأولى لبناء فريق مستقر ومتماسك ، وذلك من خلال تجديد عقود اللاعبين المؤثرين في الفريق كجهاد الحسين وفريد شكلام ، وبعد الأحداث التي صاحبت خروج المدرب جوكيكا من منظومة الفريق نجحت لاداره في جلب مدرب متميّز وقدير وهو الصربي ( مودراتش ) ، وبدأ الفريق يمضي نحو الطريق الصحيح ، وحقق مع هذه الاداره نجاحات مرضيه لطموح الشارع النجراني ، لكن فجأة ، انقلب السحر على الساحر ، وانقلبت اطراف مؤثره في الاداره النجرانيه على هرم الاداره (المهندس آل مريح ) كما ظهر في وسائل الإعلام ، وما يهمنا أن الاداره النجرانيهالجديدة بقيادة الأستاذ (هذيل آل شرمه ) قدمت عددا من الأخطاء التي لا نعرف ما دوافعها ، حيث تمثلت بما يلي : أولا : الاستغناء عن خدمات المدرب الصربي (مودراتش ) , ما افقد الفريق سمة الاستقرار الفني . ثانيّا : احضار مدرب دون دراسة عميقه لإمكانية الاستفادة منه في تدريب الفريق ، والدليل الاستغناء عنه بعد فتره قصيره جدا من إحضاره . ثالثا : اعادة المدرب السابق للفريق (جوكيكا ) بعد سلسة مشاكل بينه وبين الرئيس السابق صالح آل مريح ، ما يجعلنا نرجح كفة القول بأن إحضاره مجددا للفريق لم يكن محض الاعتناء بمستقبل الفريق بقدر ما هو تصفية حسابات شخصيّه بين الإدارتين السابقة والحالية ، وكل هذه التصرفات لا تتناسب أبدا مع طموح المشجع النجراني ولا مع مصلحة الفريق النجراني بشكل عام . وبالنظر الى مجمل القرارات السلبيه التي اتخذتها الاداره الحاليه للفريق النجراني ، يتضح لنا مدى الشح الفكري للاداره النجرانيه الحاليه ، ما قد يعرض الفريق لخطر الهبوط في المواسم القادمه لا قدر الله . بالعوده إلى فريق الفتح والإمعان في إمكانات الفريق الماديّه والاعلاميه ، يمكننا القول بل والتأكيد على ان بطولة الدوري منالا ليس بالبعيد ، بل هو قريب جدا ، وللوصول اليه ، على كل اداره ان تضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وان تعي تماما ان النجاح في عالم الاحتراف يحققه الفكر ، أولا وأخيراً ، وبقيّة الإمكانيات تأت مساعدة للفكر الحقيقي . = بقلم أ. الحسين بن اسماعيل آل قاسم كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية =