رفض المتظاهرون المعارضون للرئيس المصري محمد مرسي دعوته الي الحوار التي وجهها في كلمة وجهها الي الشعب مساء يوم الخميس وأصر فيها على إجراء استفتاء على مشروع دستور جديد للبلاد. وبينما كان مرسي يلقي كلمته هاجم محتجون المقر الرئيسي لجماعة (الاخوان المسلمون) التي جاء منها مرسي. وقال الرئيس المصري "استعدت الدولة كلها لإجراء الاستفتاء على الدستور في موعده." ويقول معارضون إن الجمعية التأسيسية التي وضعت مشروع الدستور لم تكن تمثل مختلف أطياف المجتمع وإن المشروع الذي كتبته الجمعية التي غلب عليها الإسلاميون يأخذ مصر إلى تطبيق صارم للشريعة الإسلامية ويمنع تداول السلطة. وكان مرسي حدد منتصف الشهر الحالي لإجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الذي قالت منظمات حقوقية إنه ينطوي أيضا على انتقاص لحقوق مصريين وقال إعلاميون إنه يقيد حرية التعبير. وقال شهود عيان إن مئات المحتجين احتشدوا أمام المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين في هضبة المقطم بالقاهرة قبل بث كلمة مرسي وإنهم رشقوا المقر بالحجارة وقذائف مولوتوف. وقال حزب الحرية والعدالة -الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين- في صفحته على فيسبوك إن متظاهرين أضرموا النار في المقر الرئيسي للاخوان في القاهرة وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن مكتبا آخر للحزب في زهراء المعادي بجنوب القاهرة تعرض لهجوم. وأضافت الوكالة إن متظاهرين اقتحموا مقرا آخر للحزب في حي الكيت كات بمحافظة الجيزة. وقال حزب الحرية والعدالة "بلطجية يضرمون حريقا بالمقر العام للإخوان بالمقطم" ووصف الهجوم بأنه "عدوان إرهابي". وقالت الوكالة إن المتظاهرين "حطموا بعض الواجهات الزجاجية داخل المقر وقاموا بالاستيلاء على الأثاث الخشبي الموجود بداخله وإشعال النار فيه خارج المقر." وانتخب مرسي في يونيو حزيران وتسلم السلطة نهاية ذلك الشهر. والخلاف مع المعارضة هو أكبر أزمة سياسية في البلاد منذ انتخابه واندلع بعد إعلان دستوري أصدره الرئيس الشهر الماضي حصن قرارات وقوانين أصدرها من رقابة القضاء كما حصن الجمعية التاسيسية ومجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة. وقرب انتهاء مرسي من إلقاء كلمته هتف ألوف المتظاهرين عند قصر الرئاسة "قاتل.. قاتل" و"الشعب يريد إسقاط النظام" ورفعوا أحذية. وهتفوا "باطل باطل" و"مش هنمشي.. هو يمشي". والهتاف الأخير ردده المتظاهرون اثناء الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي. وكان المتظاهرون اقتربوا من القصر الرئاسي بعد مسيرات انطلقت اليوم من أحياء مختلفة في القاهرة وأزالوا أسلاكا شائكة وقف خلفها صفوف من جنود الحرس الجمهوري متشابكي الأيدي. ودعا الرئيس المصري قوى سياسية وقضاة وشخصيات أخرى لاجتماع يوم السبت القادم لحوار وطني ووضع خريطة طريق سياسية لما بعد الاستفتاء على الدستور الجديد. وقال إنه ليس مصرا على بقاء مادة في الإعلان الدستوري المثير للخلاف منحته صلاحية اتخاذ إجراءات وتدابير إذا قام خطر "يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها". واضاف قائلا "إذا كانت هذه المادة تمثل قلقا لأحد فإني لست مصرا على بقائها إذا انتهى الحوار مع القوى السياسية إلى ذلك." وألقى مرسي كلمته بعد ساعات من اشتباكات دامية بين مؤيدين ومعارضين له في محيط قصر الرئاسة أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة أكثر من 700 . وقالت جبهة الإنقاذ الوطني -وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي- انها تدرس عرض الحوار رغم أن مقترحات مرسي لم تصل إلى حد تلبية مطالب المعارضة. وفي كلمته تحدث مرسي عن "دعوة للحوار الشامل المنتج أوجهها لكل الرموز والقوى السياسية والأحزاب لنجتمع معا يوم السبت القادم" مشيرا الى أن الاجتماع سيكون في القصر الجمهوري. وإضافة إلى وضع خريطة طريق قال مرسي إن الاجتماع سيبحث استكمال مجلس الشورى الذي يحق للرئيس تعيين ثلث أعضائه والذي نص مشروع الدستور على أن يصبح مجلسا تشريعيا لحين انتخاب مجلس تشريعي جديد بعد أن حل مجلس الشعب في يونيو حزيران بحكم من المحكمة الدستورية العليا لعدم دستورية مواد في قانون انتخابه. وقال مرسي إن الحوار الوطني سيبحث قانون الانتخابات الجديد. وبينما دافع مرسي عن إصدار الإعلان الدستوري قال إن المادة الثانية في الإعلان التي تحصن قراراته من الطعن عليها "لم يقصد بها أصلا أن تمنع القضاء من ممارسة حقه أو تمنع المواطنين من الطعن على قرارات أو قوانين. وكان الإعلان الدستوري تسبب في ثورة ألوف القضاة الذين قالوا إنه يقوض سلطتهم ويجعل الرئيس يجمع في يديه السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وقالت حركة شباب 6 ابريل التي شاركت في الانتفاضة التي أطاحت بمبارك إنها ترفض دعوة مرسي الي الحوار وانها ستشارك في مظاهرة حاشدة غدا تطالب برحيله. واضافت الحركة قائلة في بيان "تعلن حركة شباب 6 ابريل عن رفض دعوة الحوار التي دعا لها الدكتور مرسي يوم السبت القادم وتؤكد مشاركتها غدا في مليونية الكارت الأحمر." وبدأ مرسي كلمته بقوله "أيها الشعب المصري الكريم... أتحدث إليكم اليوم بقلب يعتصره الألم ونفس يلفها الأسى... على الدماء التي سالت بغير ذنب." وأضاف قائلا "لقد جرت هذه الأحداث الأليمة تحت لافتة خلاف سياسي الأصل فيه أن يحل بالحوار." وقال إن هناك من "يعارضون بشرف" ومن "يعمدون إلى القتل والتخريب وترويع الآمنين وتخريب المنشآت العامة أو الدعوة إلى الانقلاب على الشرعية القائمة." وأضاف أنه لن يسمح بالتخريب أو الاعتداء الذي قال إن من صوره مهاجمة سيارات تابعة للرئاسة يوم الثلاثاء قرب القصر الرئاسي وإصابة سائق احداها بإصابات جسيمة. وقال ان من يعتدي "لن يفلت من العقاب." وقال مرسي إن قوات الأمن ألقت القبض على "أكثر من 80 متورطا في أعمال العنف وحاملا للسلاح" اثناء الاشتباكات حول القصر الرئاسي. وأضاف أن متورطين في الاشتباكات حصلوا على تمويل من "الذين ينفقون أموالهم الفاسدة التي جمعوها في ظل النظام السابق الذي أجرم وأجرم معه هؤلاء."