تصاعدت حدة المواجهة بين عدد من القوى الإسلامية والقضاة في مصر، بعدما هدد رئيس نادي القضاة، بتعليق العمل في المحاكم، وعدم الإشراف القضائي على مشروع الدستور الجديد، الذي يعتبر القضاة أنه ينتقص من استقلال وصلاحيات السلطة القضائية، كما يحدد مدة زمنية لمنصب النائب العام. وشنت الجماعة الإسلامية هجوماً حاداً على تصريحات رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، بخصوص موقف النادي من المواد المتعلقة بالسلطة القضائية في مسودة الدستور الجديد، مؤكدة في الوقت نفسه دعمها لاستقلال القضاء، وحق المجلس الأعلى للقضاء في إبداء رأيه في المواد التي تخص السلطة القضائية بالمسودة. وأعربت الجماعة، في بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء الجمعة، عن دهشتها إزاء ما وصفته "مجاراة" بعض القضاة للمستشار الزند في تهديده بتعليق العمل في المحاكم، وعدم الإشراف على الاستفتاء والانتخابات القادمة، "ما لم يتم إلزام الجمعية التأسيسية بما يقرره الزند بشأن وضع السلطة القضائية في الدستور." وأشار البيان إلى أن ذلك الأمر يثير "علامات من الاستفهام والعجب"، بالإضافة إلى أن هذا التهديد يعد "جريمة مكتملة الأركان"، يجب أن لا تصدر من رجال القضاء، لأنه يفتح الباب أمام كل الجهات والهيئات المختلفة إلى سلوك ذات المسلك، والتهديد بالامتناع عن العمل، إذا لم يؤخذ برأيها فيما يخصها بالدستور، وهو ما يؤدي إلى إشاعة الفوضى، وتقويض أركان الدولة." كما انتقدت الجماعة، في بيانها الذي أورده موقع "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، ما وصفته ب"المحاولات المستميتة" للمستشار الزند، لتثبيت وضع النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، في الدستور الجديد، و"فرضه على الشعب الذي خرج بالملايين يطالب برحيله." وقالت الجماعة الإسلامية إنها "إذ تؤكد على حق أي فصيل أو هيئة في تقديم اقتراحاتها للدستور الجديد للجمعية التأسيسية، فإنها تذكر بأن القضاء سلطة ينشئها الدستور، ويوافق عليها الشعب"، ودعت الشعب المصري إلى أن "يقف وقفة حازمة، ضد من يفتئت على سلطته، وحقه في تحديد الدستور الذي يريده، أو من يريد أن يفرض عليه نفس الوجوه، التي كانت جزءاً أصيلاً في نظام مبارك." وكان رئيس نادي القضاة قد قال في كلمته أمام الجمعية العمومية الطارئة لقضاة مصر، إن "القضاة لن يسمحوا بأن يتضمن الدستور عبثاً بمقدرات الشعب المصري، لأن قضاة مصر لا يرضون لأنفسهم أن يكونوا خنجراً مسموما في ظهور المصريين والشعب المصري." من جانبها، أعلنت "الحملة الشعبية للتوعية بالدستور" تضامنها الكامل مع مطالب القضاة في رفضهم لمسودة الدستور الجديد، وعدم الإشراف على الاستفتاء على هذه المسودة، التي وضعها من أسمتهم "التيار الإسلامي السياسي" بالجمعية التأسيسية للدستور. وأكد المنسق العام للحملة، حسن كمال، تأييده الكامل لما طرحه المستشار أحمد الزند، واعتراضه على وضع السلطة القضائية بمسودة الدستور، لاسيما ما يتعلق بالنائب العام، وعدم النص على كيفية تعيينه، لتكون من سلطة رئيس الجمهورية بتنظيمها للقانون. وشدد كمال، في تصريحات أوردها موقع التلفزيون الرسمي، على تأييده الكامل لجعل سلطة التحقيق والادعاء من سلطات النيابة العامة، وليس فصل الإدعاء عن التحقيق، كما جاء في المادة 178 من مسودة مشروع الدستور الجديد. وقال إنه "يجب النص في الدستور، على استقلال السلطة القضائية، كضمانة لدولة القانون، ومطلب أساسي في التحول الديمقراطي، وتحقيق العدل بين الناس، وحماية الحقوق والحريات، وعدم انتهاكها من قبل السلطة التنفيذية." وأشار إلى أن كثيراً من القوى الشعبية ترفض مسودة الدستور، نتيجة عدم مشاركتها في كتابتها، وعدم وجود حوار مجتمعي حقيقي، محذراً من أن "هذا الدستور، الذي تصر عليه الجمعية التأسيسية، لا يعبر عن الشعب، ولن يحظى بالشرعية لقبوله وبقائه وتنفيذه على الشعب"، بحسب قوله.