تشكر الجامعات السعودية على فتحها الباب مشرعا لمن هب ودب لإكمال دراسته العليا وتقديم كافة التسهيلات في القبول بغض النظر عن المعدل والتخصص وعلاج ذلك من خلال برنامج التعليم الموازي. وقد نتج عن فتح الباب على مصراعه أن التحق كم هائل من الطلاب ببرامج الدراسات العليا لتحقيق طموحهم الذي طال انتظاره، ولكن المشكلة في أنه لم تواكب هذه الزيادة في أعداد طلاب الدراسات العليا زيادة في طاقم أعضاء هيئة التدريس، بل إن العكس هو الحاصل !! فقد صاحب ذلك هجرة عكسية كبيرة جدا إلى جهات شتى خارج أسوار الجامعة من قبل أعضاء هيئة التدريس في كثير من الكليات حتى أن هذه الهجرة قد تجاوزت النصاب المسموح به ( 10% ) في بعض الأقسام إلى (35%) من المجموع العام !! وأخشى ما أخشاه أن نجد لافتة (للتقبيل ) معلقة على مداخل بعض أقسام الجامعات إذا استمر هذا النزيف الكبير في أعضاء هيئة التدريس، حيث لم يواكب ذلك زيادة في أعداد المحاضرين والمعيدين ، بل إن البقية الباقية من أعضاء هيئة التدريس تفكر بجدية كبيرة في الهروب أسوة بزملائهم إلى حيث الشهرة والدخل الأعلى بالجهد الأقل. وقد نتج عن هذا الاستنزاف وليس النزيف! أن اسند تدريس بعض مواد الدراسات العليا إلى صنفين من الأساتذة، فصنف مستهلك قد أكل عليه الدهر وشرب آخر عهده بمطبعة جوتنبرج وصنف آخر قد حصل على شهادة الدكتوراه حديثا ولم يصقل خبراته ومعارفه بعد! وأخشى ما أخشاه إن استمر هذا الوضع أن يسند تدريس مواد المستوى الأول إلى طلاب المستوى الثاني وهكذا دواليك بل إني أخشى _إن استمر هذا الهروب الجماعي _ أن تعرض علي رئاسة قسم من الأقسام ! في ضوء شح الأساتذة، فبت لا أنام الليل أفكر في عظم المسؤولية التي ستلقى على عاتقي في القسم وكيف سأمنع تسرب الطلاب الذين يدرسون زملاءهم في المستويات الأدنى!!