أجمع عدد من خبراء القطاع المالي والاقتصادي على أن الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها بعض دول المنطقة، والتي أثرت بشكل غير مباشر على دول أخرى تفرض تبني نموذج اقتصادي جديد يقوم على المشاركة الشعبية وتتطلب الإسراع بوتيرة الاصلاحات والاهتمام بمتطلبات الشباب. وقال الخبراء خلال الملتقى الاقتصادي السعودي الذي اختتم أعماله يوم الأربعاء بالرياض، ان الاضطرابات الاقليمية الجارية أثرت سلبا على بعض اقتصادات المنطقة وان من المتوقع أن تستمر تلك التأثيرات على المدى القصير الى المتوسط لكنها ستحقق آثارا إيجابية على المدى الطويل. وقال هنري عزام رئيس الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لدى دويتشه بنك ان الدول التي تحدث فيها انتفاضات تمر بمرحلة انتقالية من الصعب تحديد كم ستأخذ سواء أشهر أو سنوات، لكن خلال تلك المرحلة يجب أن نتوقع معدلات نمو أقل ان لم تكن سلبية. وأوضح أن أكثر القطاعات تأثرا ستكون قطاعات السياحة والتجارة والتمويل والعقارات كما توقع تراجع تحويلات العاملين بالخارج، ما سيؤثر سلبا على المستثمرين محليا وخارجيا وعلى أسواق الاسهم والسندات والعملات. وتوقع الا يكون هناك استقرار لأسعار الأسهم بدول المنطقة خلال المرحلة الانتقالية، كما توقع خروج المحافظ الاستثمارية من أسواق الأسهم في دول المنطقة ككل. وأضاف انه بعدما كانت الأسواق الناشئة هي التي تقود الاقتصاد العالمي، حدث تغير وتوجه المستثمرون مرة أخرى للأسواق العالمية، فارتفع مؤشر داو جونز 6% فيما تراجع مؤشر الأسواق الناشئة 5%. وأضاف أن المثير في الامر هو أن الدول التي شهدت احتجاجات كانت تسجل نموا اقتصاديا قويا بلغ 5.2 في المئة في مصر و4.6 في المئة في تونس لكن الاستفادة من هذا النمو لم تصل الى كافة طبقات المجتمع. وقال ان هذا الوضع يتطلب الحديث عن نموذج اقتصادي جديد يجمع بين فعالية اقتصاد السوق وتحديد دور أكبر من العدالة الاجتماعية... وأضاف ان التركيز لن يكون على تحقيق الربحية لكن على تعظيم المنفعة المشتركة للاعمال والمجتمع وهو ما يعرف باسم بناء القيم المشتركة. ورأى جهاد ازعور وزير المالية اللبناني السابق والمستشار التنفيذي لدى شركة بوز اند كو ان التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة معروفة منذ أكثر من عقد لكن لم يكن أحد يتصور أن تتجمع هذه الأسباب وتحدث مثل ذلك التغيير الكبير. واقترح ازعور تبني استراتيجية قصيرة المدى تشمل تحقيق الاستقرار في المرحلة الانتقالية واعطاء اشارة بأن هذه المتغيرات أخذت بعين الاعتبار وتنفيذ اصلاحات بنيوية وتبني مجموعة من الاولويات الاقتصادية والاجتماعية. وقالت عالية مبيض رئيس أبحاث الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لدى باركليز كابيتال ان المستثمرين يترقبون الاسواق العربية وسط هذه الاضطرابات ويقولون "اليوم هو يوم المتغيرات السريعة" ويرون أن الامور تتغير كل يوم حسب التطورات السياسية وعدد المتظاهرين. وأشار عبد الرحمن الزامل رئيس مجموعة الزامل الصناعية وأحد المستثمرين البارزين في المملكة ودول الخليج الى الثورة المصرية قائلا ان الحديث عن اقتصادات المنطقة ومستقبلها تغير بشكل كبير بعد ثورة الشباب يوم 25 يناير. وأضاف ان التغير الجذري حدث في الوطن العربي في كل الدول بلا استثناء بعضها بشكل مباشر وبعضها بشكل غير مباشر. سي ان بي سي ارابيك