حذّر اقتصاديون من أن استمرار الاضطرابات في المنطقة سيؤثر في نمو الاستثمارات عموماً وفي الدخل القومي، ما سيرفع من حجم البطالة في كثير من الدول ذات الاقتصادات الناشئة، التي يرتفع فيها عنصر المخاطرة. وقال خبير التخطيط الاستراتيجي والمشاريع الدكتور سليمان بن علي العريني ل«الحياة»، إن الاضطرابات في أية دولة خصوصاً الدول ذات الاقتصادات الناشئة ستسهم في انسحاب الشركات الدولية والمستثمرين من تلك الدول، ما يزيد من معدلات البطالة في تلك الدول، ويؤثر في إيرادات الدخل القومي المتعددة سواء من الجمارك أو من الضرائب أو من السلع. وأضاف أن «دول الخليج ومنها المملكة سيؤدي ارتفاع عنصر المخاطرة على الاستثمارات الى زيادة أسعار النفط، الذي بدوره سيسهم في زيادة إيراداتها، ما سيكون له أثر سلبي في ارتفاع تكاليف كثير من الخدمات، ومنها التأمين وكذلك السلع وغيرها». وتوقّع العريني ارتفاع حجم التكاليف الاقتصادية خلال السنوات الثلاث المقبلة، خصوصاً إذا استمرت الاضطرابات وحركات التغيير في البلدان العربية، إضافة إلى أن ذلك سيؤدي إلى هجرة الاستثمارات والبحث عن أسواق آمنة مثل الصين ودول شرق آسيا. وأشار إلى أن المبدأ الاقتصادي الذي يؤكد أن رأس المال جبان، وارتفاع نسبة المخاطرة سيسهم في هجرة الاستثمارات من المنطقة، وهذا متوقع بشكل كبير، لافتاً الى أن الكثير من الشركات والمستثمرين سواء محليين أو أجانب سيعيدون النظر في استثماراتهم في المنطقة. من جهته، أكد عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري، أن أي منطقة فيها اضطرابات وعدم استقرار ستكون منطقة طاردة للاستثمار، والدليل على ذلك أن البورصات العربية شهدت خلال الفترة الماضية تراجعاً كبيراً، مشيراً الى أن توجه حركة البورصة المصرية التي تعود للعمل يوم الأربعاء المقبل سينعكس على الوضع الاقتصادي في المنطقة عموماً. ولفت الى أن بورصات منطقة الخليج شهدت خلال الأيام الماضية خروج أموال كبيرة ومستثمرين عدة، على رغم غياب الإحصاءات أو الأرقام التي توضح ذلك. وتوقع العمري أن تشهد المرحلة المقبلة أن يقوم المستثمرون سواء المحليين أو الأجانب بإعادة النظر في الكثير من مشاريعهم وأماكن استثماراتهم، والبحث عن المناطق المستقرة قليلة المخاطر، مشيراً إلى أن العام الحالي سيشهد اضطراباً وتذبذباً في اقتصادات المنطقة عموماً، لافتاً إلى أن منطقة الخليج لن تتأثر بشكل كبير بما يحدث في المنطقة بسبب قوة الإنفاق الحكومي، الذي يسهم دائماً في استقرار اقتصاداتها. من جهته، أكد الأكاديمي الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز الطويان أن هجرة الاستثمارات من المناطق المضطربة ستتركز في الاستثمارات المالية (صناديق الاستثمار والبورصة)، وهذا شيء طبيعي يحدث في جميع أنحاء العالم، بهدف البحث عن مناطق مستقرة، ومن ثم العودة الى تلك المناطق عقب استقرار الأوضاع فيها. ولفت إلى أن عامل المخاطرة ارتفع في المنطقة، وهذا سبب رئيس في خروج تلك الأموال وهجرتها، متوقعاً أن تصبح المنطقة مع تغير الأوضاع فيها والشفافية المتوقعة جاذبة للاستثمارات بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة. وكانت تقارير اقتصادية أشارت الى أن الاقتصادات الناشئة استطاعت عقب الأزمة المالية العالمية جذب أكثر من 95 بليون دولار خلال العام الماضي، الا أن الاضطرابات الحالية في المنطقة تسببت في تدفق الأموال من هذه الاقتصادات إلى الخارج، ما خلق شعوراً بأن فترة جذب هذه الاقتصادات للاستثمارات العالمية انتهت، وبدأ الاتجاه يعود مرة أخرى إلى الغرب.