باريس تعول على ثوار ليبيا في الوصول الى طرابلس، وبريطانيا تحرك موسى كوسا رجل القذافي القوي لدفن طموحات الفرنسيين في بنغازي. من سيربح ليبيا..
لندن - بعد مضي اسابيع من القصف بالطائرات والصواريخ لمواقع الزعيم الليبي العسكرية، لا تزال الامور تراوح مكانها فلا القذافي تمكن من الزحف "زنقة زنقة"على بنغازي ولا غارات حلف الاطلسي مكنت ثوار بنغازي من الزحف على طرابلس واستلام مقاليد الحكم هناك. ويؤكد الجمود الميداني على الجبهة العسكرية وجود خلافات معلنة واخرى غير معلنة حول الحملة العسكرية التي قادتها الولاياتالمتحدة في البداية. وزاد انتقال القيادة الى حلف الاطلسي من تعميق الخلاف حول قيادة العمل العسكري بين المشتركين بالحرب ضد القذافي. ويحاول قادة الحلف مرارا اخفاء الخلافات الداخلية بين الدول الاعضاء وخصوصا بين الفرنسيين والبريطانيين، لكن امتعاض وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه من اداء الحلف الاطلسي يوحي فعلا بوجود توترات فوق الاجواء الليبية. وكان دبلوماسي غربي كشف عن توترات هائلة بين الامريكيين والبريطانيين من ناحية والفرنسيين من ناحية اخرى. وان "دول الناتو كانت تعمل لاسابيع لترتيب العملية وقيادتها ومع اقترابنا تماما من التوصل لاتفاق في الناتو عطلت فرنسا كل شئ فجأة، وهو ما اثار حيرتنا في البداية ... ثم اتضح بعد ذلك ان ساركوزي اراد ان يعلن بدء الضربات وهو يخرج من اجتماع باريس حيث يبدو متصدرا المشهد". وتتأكد الحرب الخفية بين فرنسا وبريطانيا اكثر مع اعلان وزارة الخارجية البريطانية ان وزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا يغادر بريطانيا الثلاثاء الى قطر لاجراء محادثات قبل اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا في الدوحة الاربعاء. ويفسر اعلان لندن عن مشاركة موسا كوسا الرجل القوي بعد القذافي في اجتماع الدوحة عزم بريطانيا على ايجاد مكان لها في ليبيا مستقبلا. ومعلوم ان فرنسا التي دفعت بحماسة في اتجاه التدخل العسكري في ليبيا قد ملكت قلوب اعضاء المجلس الوطني الانتقالي في لبيبا ولم تترك متسعا للبريطانيين الذين طردهم ثوار بنغازي بطريقة مهينة. لكن بريطانيا لم تستلم وتواصل المغامرة فوق رمال ليبيا المتحركة مستفيدة من بطء تقدم الثوار الموالين لفرنسا نحو طرابلس وهو ما يسمح لها باعادة ترتيب اوراق اللعبة. وتحاول لندن التي اعلنت موسى كوسا "شخصا حرا يمكنه السفر من بريطانيا واليها كما يشاء" الدفع بهذا الرجل المحنك في العملية السياسية الجارية بموازاة مع العملية العسكرية لرسم مستقبل ليبيا. وتدرك بريطانيا جيدا ان كوسا وهو العلبة السوداء لنظام القذافي قادر على هزيمة قادة الثورة الليبية مجتمعين وما تحتاجه الان هو تمكينه من الجلوس الى جانب الثوار خلال اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا في الدوحة. وفي حال ما ضمن كوسا كرسيه بين الثوار فان حنكته المتراكمة عبر السنيين ستمكنه من دون شك في قلب الطاولة على قادة المجلس الانتقالي وبالتالي فان بريطانيا ستجني في طرابلس ما زرعته فرنسا في بنغازي.