سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الملك عبدالله مخاطباً مؤتمر مكة المكرمة: المملكة تعاملت مع الأحداث والمتغيرات طبقاً لمبادئها الثابتة تجاه العالم العربي والإسلامي افتتحه الأمير خالد الفيصل أمير مكة
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة مكةالمكرمة يوم امس مؤتمر مكةالمكرمة الثالث عشر الذي تعقده رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بعنوان: المجتمع المسلم.. الثوابت والمتغيرات وذلك بقاعة المؤتمرات بمقر رابطة العالم الإسلامي بمكةالمكرمة حيث كان في استقبال سموه عند وصوله إلى مقر الحفل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي والأمناء المساعدين لرابطة العالم الإسلامي. وقد بدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالسودان الدكتور عصام البشير كلمة المشاركين أكد فيها أن الحاجة ملحة لتجديد ماهية الثوابت والبناء عليها باعتبارها تمثل خصائص الهوية ومعاقد الذات والنظر إلى عالم المتغيرات باعتباره يمثل الأمور التي يطرأ عليها التبديل والتغيير. وقال إن الإسلام لا ينظر للآخر نظرة ازدراء واحتقار بل يتعامل معه وفق إيمانه بالتعددية الحضارية الثقافية التشريعية والسياسية والاجتماعية التي تعزز مسيرة التواصل الحضاري الإنساني وتجدد الإحساس بقيمة الوقت وقيمة العدل في ظل مناخ كريم. وأعرب عن أمله في أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المرجوة منه منوها بجهود رابطة العالم الإسلامي في خدمة الإسلام والمسلمين. بعد ذلك ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي كلمة أكد فيها أن المجتمعات المسلمة، تواجه اليوم انفتاحاً شاملاً على غيرها من المجتمعات، وتعاني من ضعف في كثير من المجالات، مما أيقظ لدى كثير منها الرغبة في التغيير، فأصبحت بذلك على مفترق الطرق في حسم مصيرها، وبرزت الضرورة الملحةُ إلى مضاعفة الجهود من قياداتها ونُخبها وهيئاتها، لتوعيتها وتبصيرها بتمييز الثابت والمتغير، في شؤونها المتصلة بهويتها الدينية والحضارية، وتزويدها بمعاييرَ إسلامية لفرز الصالحِ المقبول من الطالح المردود ، مما عند الآخرين من قيم ونظم اجتماعية واقتصادية وسياسية، وتحديدِ القواعد الموجهة لضبط التعامل مع غير المسلمين، بما يحفظ للمسلمين حقوقَهم ومصالحهم، ويمكنهم من إقامة دينهم، دون إخلالٍ بالتعامل مع الآخرين في خدمة المجتمع الإنساني وقضاياه المشتركة. وأكد أن للدين الإسلامي قوة تأثيرية كبيرة على الفكر والسلوك، فهو يطهر العقيدة من الخرافات والأساطير والأباطيل، ويطهر الأخلاق من الرذائل والفواحش، والقلوبَ من الأهواء والتشبث بزخرف الدنيا وهو المصباح المنير للطريق المستقيم، الذي تصلح عليه أحوالُ العباد الفرديةُ والجماعية، الدنيويةُ والأخروية وان الإسلام جاء بشريعة في غاية الاتساق والشموليةِ والكمال؛ لتكون منهاجاً خالداً للمسلمين في عقيدتهم وعباداتهم ومعاملاتهم وشؤونهم المختلفة، مهما اختلفت أجناسهم وأوطانهم وعاداتهم، وكيفما تقلبت بهم الظروف وان الشريعة الغراء ثابتة في أحكامها بالنظر إلى الأصول الكلية، والقواعد العامة وان هذا الثبات لا يتعارض مع مرونتها في التطبيق والمعالجة، مرونةً تراعِي تغير الظروف والأحوال، وما يطرأ فيها من مستجدات ذات اعتبار وقد جعل الله في شرعه الحنيف من القوة والمرونة ما يكفل له الاستمرار والصلاحية المتجددة، مع تجدد وسائل العيش وتطور مرافق الحياة. وافاد إن بيان الموقف الشرعي من كل نازلة تحتاج إلى نظر، مناطٌ بفقهاء الأمة العالمين بنصوص الكتاب والسنة، العارفين بمسالك النظر والاستنباط، المتبصرين بأحوال العصر وشؤونه وملابساته وإن الإسلامَ لا يُعيق حركةَ الحياة وتطوراتها، بل يواكبها بمقاييس ثابتة، يزن بها المستجدات، ويقومها ويوجهها بما يناسب من الأحكام المُجلِّية لما فيها من خير وصلاح فيُجتلب، أو شر وفساد فيُجتنب وأن وظيفة التشريع في الإسلام وظيفةٌ إصلاحية تربوية، توجه السلوك البشري الفردي والجماعي، حتى لا ينحرف عن مسار الصلاح، ولا ينزع نحو الشر. ورفع شكر رابطة العالم الإسلامي لخادم الحرمين الشريفين ، الملكَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيز آلَ سعود ولسموَّ ولي عهده الأمين على ما تلقاه من التشجيع والدعم المتواصل لمختلف مناشطها ومناسباتها .كما شكر لصاحب السمو الملكي الأميرِ خالدِ الفيصلِ، أميرِ منطقة مكةالمكرمة، على جهوده، ودعمه للرابطة وأعمالها، وتفضلِه بافتتاح هذا المؤتمر نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين. ولسماحة الشيخ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الله آلِ الشيخ المفتي العام للمملكة، ورئيسِ المجلس الأعلى للرابطة الشكرُ الجزيلُ على جهوده وحرصِه على الرابطة وبرامجها. بعد ذلك ألقى سماحة المفتي العام للمملكة ورئيس المجلس الاعلى لرابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ كلمة اكد فيها ان الشريعة الاسلامية اعتنت بالمجتمع المسلم عناية كبرى وجعلت له خصائص ومميزات تميزه عن غيره بقواعد ثابتة بثبوت هذا الدين واستقراره. وبين ان هذه الخصائص التي اختص بها هذا الدين انه دين رباني مجتمع رباني خضع لأمر الله جل وعلا تسيره شريعة الاسلام ولا ينفك عنها فيه الشريعة هي الحاكمة هذا المجتمع يقوم على المحافظة على الدماء والاعراض والاموال ليعيش الناس استقرارا في حياتهم والبحث عن المصالح النافعة والمكاسب الطيبة ليعيشوا حياة مستقرة كما ارادها الاسلام. ومن خصائص هذه الامة المحمدية ان شعائرها ظاهرة مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج كل هذا لان الشريعة الاسلامية شريعة ظاهرة واضحة ليس فيها خفاء بل هي واضحة للملأ يعرفها كل من قرأها امور واضحة وثابتة تدل على ثبات هذا المجتمع واصالته. وأوضح ان من خصائص المجتمع المسلم انه مجتمع موحد كل افراده وجماعاته متعاونون على البر والتقوى وهو مجتمع متراحم يرحم بعضهم بعضا ويشفق بعضهم على بعض ويرحم كبيرهم صغيرهم وغنيهم فقيرهم رحمة متبادلة وهو دين التعاطف والتراحم والتآلف وهو يدعو الى التعاون وتفريج الكربات، وهو دين ينبذ الإجرام والفساد ويدعو الى الاخلاق والفضائل، وينبذ الفواحش والمنكرات، انه دين يدعو الى المحافظة على حقوق الاخرين جميعا كما انه حافظ على حقوق الوالدين والرحم والجيران واليتيم وحق المجتمع للتعامل معه بالصدق والامانة والوضوح ،فلا غش ولا خداع ولا خيانة. وعبر سماحة مفتي عام المملكة عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهد الامين على رعايتهم للرابطة ودعمهم لنشاطاتها كما عبر عن شكره لسمو امير منطقة مكةالمكرمة على افتتاحه لأعمال هذا المؤتمر. ثم ألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ألقاها نيابة عنه -حفظه الله- صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وفيما يلي نصها: الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القيم وشرفنا بخدمة الإسلام والمسلمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم الذي خاطبه ربه (وإنك لعلى خلق عظيم) أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي: الإخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يطيب لي أن أرحب باجتماعكم المبارك على صعيد أم القرى وأفيائها القدسية في هذه الأيام الجليلة. وأثمن عاليا تداعيكم إلى هذا المؤتمر السنوي في دورته الثالثة عشرة أداء لأمانتكم وتفعيلا لرسالتكم النبيلة في رأب الصدع وتحقيق الخير والصلاح لأمتكم ..أمة الاسلام اعزها الله بكم وأعزكم بها قوية منيعة. الحفل الكريم لقد أحسنت رابطة العالم الإسلامي في اختيار المجتمع المسلم.. الثوابت والمتغيرات موضوعا لهذا المؤتمر ودعوة هذه النخبة من علماء المسلمين ومفكريهم لدراسة هذه المتغيرات وبحث مستقبل شعوب الأمة وعلاقتها مع الأمم الأخرى وحوارها مع أتباع الأديان والثقافات المختلفة التي سعينا لنشرها على مستوى العالم وفض إشكالية الخلط بين الثابت والمتغير والتأكيد على أن الاسلام دين حضارة وتقدم وأن حماية الأمة المسلمة وعقيدتها رهن بما تحرزه من أسباب القوة ودحض دعاوي فريق الانسحاب من العصر وفريق الانسلاخ عن ثوابتنا، ولعل المملكة العربية السعودية تقدم المثل على الدخول إلى العصر في حمى ثوابت عقيدتنا الأصيلة. أيها الإخوة يؤمل من هذا المؤتمر أن يطرح الرؤى العلمية على ضوء الثوابت الأصيلة ومقاصد ديننا الحنيف لاحتواء الأزمات الدامية التي تشهدها بعض أرجاء الوطن الإسلامي ولاشك أن المشهد الحاضر الذي يحتل الصدارة في هذه الأزمات قد بلغ حدا مأساويا قياسيا وباءت كل الجهود بالإخفاق في مواجهته. وقد كشف هذا المشهد مع الأسف الشديد عن ضعف الأمة في احتواء أزماتها وحل مشكلاتها ومعالجة قضاياها. وما مرد ذلك الا للابتعاد عن صحيح الإسلام وشريعته الغراء الكفيلة بحل مشكلات الأمة إلى جانب الفرقة والتشرذم في صفوفها. وقد تعاملت المملكة العربية السعودية مع هذه الأحداث والتغيرات طبقا لمبادئها الثابتة في سياساتها تجاه العالم العربي والإسلامي التي تستند إلى مقاصد الشرع الحنيف واعتبار المجتمع المسلم كيانا واحدا تجمعه وحدة الانتماء الديني والحضاري (إن هذه أمتكم امة واحدة) ومن ثم فان إخماد أي نزاع ينشب بين أبنائه فرض على كل الأمة لتحصين وحدتها وحقن دماء أبنائها وتحقيق التعاون والتواصل بين شعوبها. وفي هذا السياق بادرنا إلى دعوة قادة الدول الإسلامية إلى عقد مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية الرابع في أواخر شهر رمضان المبارك الماضي في مكةالمكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي وتعميق الإحساس بضرورته في مواجهة التحديات واحتواء الأزمات وتنفيذ ما صدر في مؤتمرات سابقة من توصيات وقرارات بشأن التكامل والتضامن بين دول العالم الإسلامي. أيها الإخوة إننا نعول على علماء الأمة والشخصيات الإسلامية المؤثرة والمنظمات الإسلامية المتعاونة مع الرابطة والهيئات والمراكز التابعة لها في الحث على ما جاء به ديننا الحنيف من التراحم والتعاطف والتعاون والتحذير من مغبة الصراع الحزبي والطائفي وغير ذلك من انواع الخلافات والصراعات ،فديننا واحد وامتنا واحدة ورسالتها واحدة والتحديات تستهدفنا جميعا مما يفرض علينا أن نتضامن في مواجهتها وان نتحاور فيما بيننا للتقريب بين الرؤى وتنسيق المواقف وتكامل الجهود في التعامل معها. وإذ نقدر جهود هذه الرابطة في هذا المجال ندعوها لإعداد برنامج عملي لإشاعة ثقافة التضامن الإسلامي بين الشعوب المسلمة يسهم فيه علماء الأمة وقادة الرأي فيها ويكون داعما ورديفا لجهود المملكة العربية السعودية في هذا الصدد، كما ندعوها إلى مواصلة برامجها في الدفاع عن الأمة ودينها وعن حامل رسالتها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وستواصل المملكة مساندة الرابطة ودعم جهودها الاسلامية النبيلة. وختاما اشكر رابطة العالم الإسلامي ورئيس مجلسها الأعلى وأمينها العام والقائمين عليها والمتعاونين معها على ما تسهم به من جهود مميزة في توعية الأمة بواجباتها نحو دينها وثوابتها وقضاياها ورد الشبهات والأباطيل عن الإسلام وحضارته ورموزه ومقدساته. سائلا المولى جل وعلا أن يكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق لما فيه الخير للأمة الإسلامية جمعاء.