كحاطب ليل يضرب هذا المثل للرجل يجمع كل شيء، ولا يميز الجيد من الردي. والحاطب: الذي يجمع الحطب، وصناعته: الحطابة، وإذا حطب بالليل جمع في حبله العود و الحيّة والعقرب. تذكرت هذا المثل،عندما حضرت اجتماع مع مجلس ادارة احد الجهات لتقديم بعض الخدمات الاستشاريةوالتدريبية في المجال الإداري واخبروني بكثير من العروض التي وصلتهم من افراد وكيانات، وكانوا غير راضين عنها و أبعد ماتكون عن المهنية بل قال لي أحد قيادات هذه الجهة لم نجد من كل هذه العروض مايستحق حتى المناقشة. والمتأمل في واقع التدريب والاستشارات في سوق العمل المحلي وربما العربي بشكل عام، نجد الغالب اصبح مدرباً ومستشاراً وخبيراً،وليت أنه كذلك في مجال تخصصه وخبراته،بل في كل مجال، ولو طلب منه استشارة في المجال النووي لقبلها بكل اندفاع... في مجال التدريب والاستشارات سوف تواجه كثير من المواقف التي تستدعي المصداقية مع النفس ومع الآخرين فقد تصلك رسالة تفيد بأن المحاضرة التي قدمتها قيّمة وملهمة،نود أن تقدم لنا دورة تدريبية في موضوع كذا..اسأل نفسك هل هذا تخصصي ومجالي التدريبي؟! وقد يصلك اتصال بأن العمل الذي قدمته في هذا المشروع كان متميزاً..نريد دعوتك للتفاهم حول تطبيق مشروع كذا..اسأل نفسك هل هذا تخصصي ومجالي واستطيع أن انفذ لهم هذا المشروع؟! وقد تجد من يقول لك استفدنا كثيراً من الدورة التدريبية التي قدمتها لنا، يسعدنا أن ندعوك لتقديم استشارة داخلية في مؤسستنا مرتبطة بموضوع التدريب. اسأل نفسك بكل صدق هل أنت تمتلك أدوات المستشار القادر على هذا؟! هذه المواقف على الاغلب مرت على كل مدرب واستشاري متميز، وعلى الأغلب أنه قد قبل هذه الدعوة بكل سرور. لذلك تحتاج أن تجري حواراً مع ذاتك: هل أنا مدرب؟ هل أنا استشاري؟ هل أنا خبير؟ هل أنا محاضر؟ أم أنا هذا وذاك؟ أم كل ذلك؟ تختلف المهارات المطلوبة لكل مهنة من المهن التي ذكرتها ويختلف التخصص العلمي ايضاً، فالمدرب يحتاج أن يجيد التواصل وأن يتمتع بالمرونة لتنمية مهارة معينة لدى المتدربين، والاستشاري يحتاج لمهارات التحليل ودقة الملاحظة لتقديم حلول لمشكلة تواجه الجهة المستفيدة، والمحاضر يحتاج مهارة الإلقاء والإحاطة ليقدم أراء ومعلومات حول الموضوع. يمكن لشخص أن يقوم بأداء عدة أدوار بتميز واقتدار في مجال تخصصه، ولكن هذا هو الاستثناء وليس القاعدة.... ربما عليك مقاومة رغبتك في ارتداء قبعات مختلفة، لكي تتمكن من التركيز والنجاح فيما تجيد...تخصص وابدع في مجالك ولا تكن حاطب ليل تأتي بالعقارب في حقيبتك. كتبه د.مرزوق الفهمي 25_3_1442