شجاعةُ الاعتذار لا يُتْقنها إلَّا الكِبَار ، ولا يُحافِظ عليها إلَّا الأخيار. كُل ابن آدم خطَّاء ، وخيرُ الخطائين التوابون. الخطأ يقع ، ونقع ما بين المُعتذِر ، والمُعتذَر إليه ، فالاعتذار من شِيَم النفوس الكبيرة ، فهو يزيد النفس ثِقَة ، ويرفع من قدْر صاحبه عند المُعتذَر إليه. ما أبغض قبيح الفعل ! وما أجمل حُسن الاعتذار ! فهل هُناك أجمل من الصُّلح والإصلاح؟! إنَّ كلمة ( آسِف) لا تُكلِّف الانسان سُوى فتح شفتيه لأربعة أحرُف، يكمن وراءها الخير الكثير. لدينا قطيعاً من المُنافقين الكذَّابين المُتعالين ، الذين ليس لديهم من الشجاعة ما يُؤهلهُم لمواجهة الآخرين بأخطائهم. آدم وحواء اعتذرا لله عزَّوجل ، عندما أكلا من الشجرة ، قال تعالى:( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإنْ لم تغفِرْ لنا وترحمنا لنكُونَنَّ من الخاسرين). وقصَّة بلقيس وامرأة العزيز ، كلتاهُما اعترفتا بذنبهما ، رغم بيئتهما الوثنيَّة الكافِرة. عليك بالاعتذار ، فإنَّ فيه كمالا للشخصِيَّة ونضوجها ، فالقُدرة على الاعتذار إنجاز أخلاقي ، وأعظم شُرُوط الاعتذار حُسن توقيتهِ للطرفين المعنيين. قال عبدالمحسن الصوري: يستوجِبُ العفوَ الفتى إذا اعترف.....وتاب مِمَّا قدْ جناهُ واقترفْ لِقَولِهِ:{ قُلْ للذين كفروا.....أنْ ينتهوا يغفِر لهُم ما قد سلف}. وقال الأحنف بن قيس:( اقبلوا عُذْرَ من اعتذر إليكُم). وقال الإمام الشافعي:( التمس لأخيك سبعين عُذراً) قال تعالى : (والكاظِمين الغيض والعافين عن الناس واللهُ يُحِبُّ المُحسنين). المُعتذِر دائماً ما يحتاج إلى قُوَّة نفسيَّة لمواجهة الآخرين للاعتراف بالخطأ ، وبالتالي فالاعتذار شجاعة ومُبادرة وإقدام ، والعُذر عند كِرام النفوس مقبول. والله المُستعان ، ومنهُ التوفيق ، وعليه التُّكلان. اللهُمَّ طهِّر قُلُوبنا ، وصفِّ نفوسنا ، ويسِّر أمورنا ، واغفرْ زلَّاتنا!!