ذهلت عندما شاهدت منظر الرجل في استراحة انتظار عيادتي .. مررت مسرعةً .. دخلت مكتبي جلست على كرسيي المريح تنفست الصعداء . وفي رأسي مليون سؤال ما الذي جعله يلح ويطلب مقابلتي على وجه السرعة وللضرورة القصوى؟؟؟ كم أكره هذه المواقف من هذا الرجل؟؟ ماذا يريد؟؟؟ اللهم اجعله خير؟؟ بعد دقائق دخل الرجل باكياً متوسلاً فالمريض ليس هوّ بل زوجته طريحة الفراش منذ ثلاثة شهور اثر صدمه نفسيه هوّ المتسبب بها . لمست في قسمات وجهه علامات الندم والتأسي ..وفي دموع عينيه مرارة الألم والخذلان لما آلت اليه حالة زوجته الشابة وأسرته التي كانت جميلة وأطفاله الشبه أيتام .....تحدثنا مطولاً عاهدني على التوبة والعذول عن قرار الزواج وردد أريد زوجتي أحبها كثيراً ولن يعوضها أحد هي الحياة لا نعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن نفقدها ... مع حالة هذا الرجل تعودت على الصدمات وتوقع الغير متوقع ابتداءاً من ترويعي في المكتب... وصدمتى الثانية عندما دخلت على زوجته المريضة في غرفتها بمنزلهم الذي اصطحبني إليه عجبت بل ذهلت مما رأيت !! غرفه مظلمه بالكاد ارى موطئ قدماي صوت القرآن يصدح في فضاء الغرفة من تلفزيون معلق بالحائط .. جسد نحيل ممتد على السرير .. ليش لماذا ماهذا كل تساؤلات معجم اللغات مر في خلدي!!!وكل علامات التعجب وحتى الترقيم دارت في ذهني !!! أنه الجهل والتخلف والقصور الحاد في التعامل مع المريض على مختلف الحالات .... كثير من مجتمعاتنا لا تفهم او تعي كيفية التعامل مع المرضى والأدهى والأمر أننا أمة القرآن نقرأه لكننا نجهل تطبيق فحواه ومعانيه العظيمة ثقافتنا الدينيه بنيت على أن القرآن هوّ الشافي المعافي وهذه حقيقة ولكن الله يقول وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون صدق الله العظيم أسكت القرآن لا أسكت الله لقرآننا حساً وأطلقت العنان لأشعة الشمس من خلال النافذة يمسح ضيائها دموع الكآبة والحزن ..عن هذه الجدران الباردة وبالقرب من رأس هديل أخذت أردد اسمها ... هديل هل تسمعيني قبضت براحة يدي على يديها الباردة عرفتها بنفسي.. حدثتها كثيراً حدثتها عن جمالها وجمال الحياة عن شبابها واستحقاقها ..عن الأمل والسعادة . عن أطفالها وزوجها ومستقبلهم ... عن القوه والأنكسار.. لا شيء يستحق أن أخسر صحتي من أجله إن أنا كنت على قدر كافي من الوعي والأدراك ...ذكرتها بأن السعادة والتعاسة ليست أقدار بل نحن من يجلبها لذاتنا وبأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تشافت وتعافت هديل .. وعادت المياه الى مجاريها ... وضلت درساً اطرحه في الكثير من محاضرتي أوجه من خلاله رسالة إلى احبتي نساء العالم احذري أن تخسري صحتك وسلامة بدنك من اجل مشاكلك الأسرية .. فهناك الكثير من المشارب والقنوات التي قد تساعدك قبل فوات الأوان