أكّد وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، أن «الولاياتالمتحدة أتمّت انسحابها العسكري من شمال شرق سوريا ليصبح عدد الجنود الأمريكيون في بقية أنحاء سوريا حوالي 600 جندي»، رغم تصريحات سابقة صادرة عن الجانب الأمريكي بخصوص نشر قوات في الشرق الأوسط تزيد من مساحة الغموض حول تحركات الجيش الأمريكي في المنطقة. وتشير تصريحات «إسبر»، بحسب وكالة رويترز، إلى «نهاية فترة اضطراب وغموض بشأن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا بعد أمر الانسحاب الأولي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب في أكتوبر»، حيث تراجع حجم القوات الأمريكية في سوريا بنحو 40 في المئة، وسط تأكيدات من «إسبر»، على احتفاظ الجيش بالقدرة على إدخال أعداد صغيرة من القوات وإخراجها، وفقًا للضرورة في سوريا. وأشار «إسبر»، إلى أن «عدد القوات سيتأرجح عند مستوى 600 فرد في المستقبل المنظور»، وقال خلال عودته من قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت على أطراف لندن «سيكون العدد ثابتًا نسبيًّا حول ذلك الرقم، ولكن إذا رأينا أن هناك أمورًا تحدث.. سيكون باستطاعتي زيادة العدد قليلًا»، ولم يستبعد «إسبر»، خفض مستوى القوات على نحو أكبر «إذا أسهم الحلفاء الأوروبيون في المهمة في سوريا». وقال «إسبر» -من دون الإشارة إلى أي مساهمة جديدة وشيكة- إن «التحالف يتحدث كثيرًا مرة أخرى.. ربما يرغب بعض الحلفاء في المساهمة بقوات.. إذا قررت دولة حليفة عضو في حلف شمال الأطلسي تقديم 50 فردًا لنا فقد يكون بمقدوري سحب 50 شخصًا من قواتنا…». ويقول الجيش الأمريكي، إنه «يركز على الحيلولة دون ظهور تنظيم داعش في سوريا مجددًا»، بينما قال ترامب، خلال زيارته للندن، إنه يرغب في الاحتفاظ بقوات أمريكية ل«ضمان عدم سقوط احتياطات النفط السورية مرة أخرى في يد التنظيم المتشدد.. حافظنا على النفط.. والنفط هو ما كان يمول داعش…». وخفّف ترامب من خططه للانسحاب من سوريا بعد أن تعرض لانتقادات من الكونجرس شارك فيها عدد من كبار رجال الحزب الجمهوري المنتمي إليه، والذين يقولون إنه مهّد الطريق أمام الهجوم الذي هددت به تركيا منذ وقت طويل ضد القوات الكردية في سوريا، والتي كانت من أكبر حلفاء أمريكا في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي. ويشعر دبلوماسيون بحلف الأطلسي بالقلق من أن تركيا العضو بحلف الأطلسي منذ عام 1952 وحليف جوهري في الشرق الأوسط تتصرف بشكل أحادي الجانب على نحو متزايد؛ حيث شنت هجومها في سوريا على قوات تدعمها الولاياتالمتحدة، وقامت بشراء منظومة الدفاع الجوي إس-400 من روسيا. وتقول واشنطن، إن منظومة إس-400 تتعارض مع الدفاعات الجوية لحلف الأطلسي وتمثّل تهديدًا لمقاتلات إف-35 التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، وأعلنت في يوليو تموز عن استبعاد تركيا من برنامج المقاتلات إف-35. وهدّدت أيضًا بفرض عقوبات على أنقرة. إلى ذلك، سعى الجيش الأمريكي لشرح خططه لزيادة محتملة للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط وسط مخاوف من قيام إيران بمزيد من الأعمال العدائية في المنطقة، وقال مسؤولون أمريكيون، طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن «الولاياتالمتحدة تدرس إرسال آلاف القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط لردع إيران، لكنها لم تتخذ قرارًا بعد، ولا يزال الموقف غير واضح». واستشهد المسؤولون بمعلومات المخابرات خلال الشهر الماضي التي تشير إلى أن إيران تقوم بإعادة تمركز وانتشار للقوات والأسلحة، بينما نفت وزارة الدفاع «البنتاجون»، في وقت سابق، تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، يقول إن «الولاياتالمتحدة تدرس إرسال 14000 جندي إضافي إلى المنطقة». وضغط النواب على ثالث أكبر مسؤول في البنتاجون «جون رود»، بشأن ما إذا كان سيتم بحث إرسال قوات إضافية للشرق الأوسط. وقال «رود»: «بناءً على ما نراه وفي ظل قلقنا بشأن حجم التهديد، من الممكن أن نحتاج إلى ضبط وضع قواتنا.. نفكر دائمًا وفي الواقع، استنادًا إلى حالة التهديد في الشرق الأوسط، نراقب ذلك، وأخبرني وزير الدفاع أنه عند الضرورة يعتزم إجراء تغييرات على وضع قواتنا هناك». وبدت خيبة الأمل على النواب من إجابات «رود»، وقال السناتور الجمهوري، جوش هاولي، إنه «يريد أن يسمع من وزير الدفاع مارك إسبر.. أود أن أسمع منه اليوم عن هذه القضية.. أريد ذلك علنًا لأن البنتاجون أصدر حتى الآن تصريحات متعددة متناقضة…». وأرسلت الولاياتالمتحدة بالفعل حوالي 14000 جندي إضافيّ إلى الشرق الأوسط منذ مايو الماضي، بدعم من قاذفات وأفراد الدفاع الجوي لردع ما تقول واشنطن إنه سلوك إيران الاستفزازي، وانفتاح البنتاجون على نشر قوات إضافية ليس مفاجأة، نظرًا للتخطيط المتواصل الذي يهدف إلى التصدي لاحتمال تصاعد حدة التوتر مع إيران، التي تعاني من العقوبات الأمريكية والاحتجاجات. وقال مبعوث الولاياتالمتحدة الخاص لشؤون إيران «رايان هوك»، أمس الخميس، إن «قوات الأمن الإيرانية ربما تكون قد قتلت ما يربو على 1000 شخص منذ بدء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار البنزين في منتصف نوفمبر الماضي، بينما قد يمثل أشد الاضطرابات دموية منذ ثورة الخميني عام 1979».