! عبدالمحسن محمد الحارثي العظيم يتحلَّى بِثلاث : السَّخاء والمُرُوءَة والاعتدال ، وفي هذهِ الحياة تجد كثيراً من العُظماء ، وكثيراً من الأبرار ، ولكن قلَّما تجد رجُلاً عظيماً وبارَّاً. قد يصلُح الإنسان للشُهرة والجاه ، وقد يصلُح للحُكم والسلطان ، ولكن.. عليه أنْ يكون عظيماً حقَّاً ؛ لِيَصْلُح للعظمة! كلمةُ مشاهير عند النّاس ، بُرهان على سذاجتهم ، ويقضي المرءُ نصف حياته في طلب الشُهرة ، فإذا بلغها قضى نصفها الآخر في الفِرار منها .. هذا الكلام قبل موضة مشاهير اليوم. الشُهرة حياة إضافيّة للإنسان ، فهي صدىً للبيع والشِراء ، إنّها ظمأ لِمن يبحثُ عنها ، وارتواء لمن يجدها ويعرفُ طريقها . ما قيمةُ الشُهرة إذا أصبحت للبيع والشِراء؟! وهل الشُهرة تأتي إليك دون أنْ تبحث عنها؟! يجب ألّا نخلط بين الشُهرة والعظمة ، فكثيرون من حاملي الألقاب – في عالم اليوم – اكتسبوا الشُهرة والثروة عن غيرِ استحقاق ؛ لأنَّ العظيم ينظر إلى الحق ، والحقير ينظر إلى الكسب! العُظماء الحقيقيون رِجال طيبون ، لا يطالُها كُل إنسان. العظمة حالة رُوحيَّة تُثير الحُب ، والاهتمام ،والإعجاب! قال جُبران:( للرجلِ العظيم قلبان: قلبٌ يتألم ، وقلبٌ يتأمَّل). فمِن الصَّعب أنْ تجتمع العظمة والطيبة في رجل واحد . وللمشاهير عيوب ، لكن الشُهرة تسترها ، ومنهُم من هو عظيم حينما يطلب الأجر من الله ، فلم تكن شُهرته مُقتصرة على البيع والشِراء ، بل تجدهُ كثيراً في ساحات البر والخير والمساعدة. لا تطلب الشُهرة .. دَعِ الشُهرة تطلبك ، فإنْ جاءتك مُهروله ، فعليك أنْ تستخدم كوابح الوقوف على أطراف الفضيلة ، وألّا تنجر إلى البيع والشراء للدُنيا ، بل اجعل بيعك وشراءك للآخرة ، فلا تنسَ نفسك بين أوساط المشاهير ، الذين يركضون وراء من يُفكِّر في سِواها. قال طاغور:( الشُهرة زبدٌ متناثر من تيار الحياة). ولنا أنْ نتساءل. ما هي الشُهرة؟! إنَّها فقاقيع الصَّابون ، ما تلبث أنْ تنفقع! الرجلُ العظيم يا سادة : من أحبَّ الخير ، وسعى إليه ، حتَّى يُدْرِكَه! فليست العظمة مِنْحة .. إنَّها إنجاز! بينما الشُهرة كالمال.. فيها الزائف الحرام ،وفيها الصادق الحلال، ولا يُميِّز بينهُما إلا الزمن!