تُؤخذ التجارب من الماضي ، كما أنّ المُستقبل يتكون من مواد الحاضر نفسها ، وفي كنف المُستقبل تحديداً ، يختبئ الأجمل والأسمى.. فادرس الماضي إذا أردتَ أنْ تكشِفَ المُستقبل! إنَّ الإنسانَ يتكئ على أعمدة ثُلاثيَّة الأبعاد : ماضٍ قد رحل ، وحاضرٌ نعيشُ فيه ، ومُستقبلٌ نُراقبه ، مراقبة الحكيم ، كأنَّه الحاضر . إنَّها مدرسةُ الزمن ، استفادةٌ من ماضيه ، ومُمارسة في حاضره ؛ ليصنع المستقبل ، ففي كُل فجرٍ يُشْرِقُ المُستقبل! ففي الماضي الجميل والقبيح ، وكُلَّما أزحنا القبيح ، وعزَّزنا الجميل في حاضرنا ، استطعنا أنْ نضع بصمات أصابعنا على شفرات المُستقبل ، لنتخطى دروب الحياة المُرَّة ، إلى مضامير واسعة ومفروشة بالخير الوفير. الحاضر سيكون في يومٍ من الأيامِ ماضياً ، والمُستقبل القريب ، هو الحاضر الذي سنعيشه قريباً ، فهو البوّابة المُشرعة على مصراعيها ، لِصنيعة المستقبل البعيد ، وكثيرون من يرون أنَّ الحاضر هو بمقدار ما يقوم به لحظيَّاً ؛ لأنهُ سوف يتحوّل إلى ماض ، إمَّا أنْ تبكي عليه ، أو تفرح بهِ .. لذا ، فاستمتع بالحاضر طال وقتاً أم قصُر . يقول دايل كارينجي :( أحدُ الأشياء المأساويّة التي أعرفها عن الطبيعة البشريّة، أننا نميلُ جميعاً إلى المُماطلة ، فنحلمُ بحدائق الورود السحريّة في الأُفق البعيد ، بدلاً من الاستمتاع بالورود المُتفتِّحة خارج نوافذنا اليوم). المُستقبلُ هو أحلامنا ، وآمالنا المنتظرة ، نرجو فيه جمالاً لا قُبحاً ، وهذا يعتمد على نيّاتنا ، وعلى نيّاتكم تُرزقون. إنَّ التوازن بين الحاضر والمُستقبل ، هو الوسيلة الفُضلى التي تضمن الحياة الرائعة للإنسان ، فهو يُحقِّق أهدافهُ المُستقبلية ، من خلال الرُّؤية الواضحة ، والأهداف المرسومة ، بالإضافةِ إلى الاستمتاع بالرِّحلة التي يقوم بها لتحقيق كُل ذلك. وقد قيل أنَّ أيّام الإنسان ، ثلاثة : يوم ولادتك ،ويوم قبرك ، ويوم بعثك ، فيالهُ من يومٍ عظيم. فهذه الأيام الثلاثة ، ليس للإنسان سُلطة عليها ، فهو مُسيّرٌ فيها ،فليس لهُ حول أو قوّة في ولادته ، أو وفاته ، أو يوم بعثه ، ولكن بيدهِ ما يقوم به في ثنايا الأيام ، فما بين ولادته وموته ، يقبع الماضي والحاضر والمستقبل الذي انتظره ، هو ما يصنع مستقبل قبره وبعثهِ ونشره. تغنّى بالماضي الجميل ، وعشْ الراحة في الحاضر ، وتفاءل بالمُستقبل وخطِطْ له جيِّداً ، وتذكر أنَّ الرِّحلة أنت من يصنعها ، وأنت من يُخطِّط لها ، وأنت من يقود دفَّتها ، إلى مُستقبل آمن ، وطريق مُعبَّد ، بالشعور والراحة والطمأنينة. ونصيحتي . . أنْ تكون على وعي بما تعدّه لمُستقبلك ، وتصنعهُ لحياتك ، واجعل ذخيرتك العمل الصالح ، وزادك التقوى ، فهي القنطرة التي سوف تنقذك من أهوال الدنيا والآخرة.