أطلق معالي وزير العدل رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، اليوم (الأحد)، أعمال المحاكم التجارية رسمياً بعد أن بدأت أعمالها غرّة محرم الجاري. وكشف معاليه عن مباشرة القضاء التجاري اختصاصاته من خلال افتتاح ثلاث محاكم تجارية في كل من الرياضوجدة والدمام، ودوائر تجارية متخصصة داخل منظومة المحاكم العامة، إضافة إلى عددٍ من دوائر الاستئناف المتخصّصة في عدد من مدن المملكة. وقال معالي وزير العدل في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح الذي أقيم في فندق الريتز كارلتون في الرياض: "إنّ بِدء العمل في هذه المحاكم يُعدّ نقلةً نوعيّة وتطوّراً لافتاً في مسيرة القضاء المتخصّص في المملكة العربية السعودية، مُؤكداً أنّ الدعم الكبير والاهتمام من مقام خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز– حفظه الله – كان له أبلغ الأثر في نجاح هذا المشروع ودعم مسيرة تطوير القضاء في المملكة، إضافةً إلى المتابعة المباشرة والمستمرّة من سمو ولي العهد الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – وفقه الله-. وأشار الدكتور وليد الصمعاني إلى أنّ المحاكم التجارية المتخصّصة ستسهم في تعزيز بيئة قطاع الأعمال وتوفير مناخ اقتصادي يسوده الثقة والاستقرار وحفظ الحقوق، والتشجيع والتحفيز على الاستثمار في المملكة، ودعم حراك التنمية الاقتصادية بما ينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030، كما ستحقق على مستوى التميز المؤسسي للقضاء تحولًا نوعيًا يتمثل في سرعة الفصل في المنازعات التجارية، وجودة المخرج القضائي. وبيّن وزير العدل أنّ فريق العمل في المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وديوان المظالم، بذل جهوداً كبيرة على مدى العامين الماضيين حتى أصبحت المحاكم التجارية المتخصصة واقعاً نفخر به في مسيرة قضائنا. وأبان أن المجلس الأعلى للقضاء حرص عند تفعيل المحاكم والدوائر التجارية على تطوير إجراءات نظر وسير الدعاوى التجارية بما يساعد على فاعليّة التخصيص، ويلائم طبيعة القضايا المنظورة لديها ويسرع الفصل فيها. وأوضح الشيخ الدكتور وليد الصمعاني أن الوزارة تقوم بالتزامن مع تفعيل القضاء المتخصّص بتعزيز وتطوير قضاء التنفيذ بوصفه ثمرة الحكم القضائي إذ "لاخير في حق لانفاذ له"، إذ أحدثت المشروعات التطويرية لقضاء التنفيذ نقلة جوهرية ونوعية جعلته يحقق أرقاماً قياسية في معدلات الأداء والإنجاز. وكشف الصمعاني، أنّ إجمالي طلبات التنفيذ التي استقبلتها محاكم ودوائر التنفيذ في كافة أنحاء المملكة للعام 1438ه بلغت أكثر من 444 ألف طلب بمبلغ إجمالي قارب المائتي مليار ريال، بزيادة فاقت ال 100% عن طلبات التنفيذ لعام 1437ه ومثلت الأوراق التجارية 75% من إجمالي السندات التنفيذية المقدمة لمحاكم التنفيذ , وصاحب ذلك ارتفاع معدل إنجاز الطلبات ( خلال أقل من أسبوعين ) إلى أكثر من 27% بعد أن كان المعدل لا يصل إلى 2% كما تم تفعيل الربط الالكتروني حتى الآن مع تسعة عشر جهة حكومية لتقديم نحو 60 خدمة إلكترونية للمستفيدين . وأفاد الصمعاني بأن الوزارة قد بدأت بالتطبيق الفعلي التدريجي لمشروع الربط الإلكتروني بين محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف، لانتقال القضية إلكترونياً بشكل كامل. وشدّد الصمعاني على عزم الوزارة تحقيق التحول الرقمي في كافة أعمالها وخدماتها، موضحاً أن كافة البرامج والمبادرات الجديدة للوزارة تأتي في مسار التحول الرقمي، وقال :"لم تعد التقنية خياراً بل أصبحت مساراً حتمياً يتيح تنفيذ الأعمال بسهولة وموثوقية عالية لجميع الأطراف، انطلاقًا من إدراكنا التام لأهمية استغلال وتفعيل الموارد التقنية وتسخّيرها لتسهيل الخدمات العدلية وتطويرها، واختصار الإجراءات القضائية على المستفيدين". وفي جانب تطوير الأداء في محاكم الدرجة الأولى، قال الصمعاني: "أطلقت الوزارة مشروع "تنظيم الدوائر القضائية إدارياً"، الذي يعنى باختصار وقت انتظار المستفيد وضبط دورة القضايا داخل الدائرة القضائية لزيادة معدلات الإنجاز، مع العمل على العديد من المبادرات التي تستهدف رفع كفاءة العمل القضائي وتطوير إجراءته كبرنامج تطوير الخبرة وإجراءات التبليغ وإسناد القضائي في المحاكم، مع الاهتمام بجانب الحد من تدفق الدعاوى والمنازعات من خلال مبادرة تفعيل منظومة المصالحة وتوسيع نطاقها وإعادة هيكلة النموذج التشغيلي لمراكز المصالحة. من جهته قال رئيس ديوان المظالم الشيخ الدكتور خالد بن محمد اليوسف: "نحتفل اليوم بمناسبة تحمل في جنباتها معاني الإنجاز، التي تمثلُ التعاون التام بين مؤسستين عدليتين وزارة العدل وديوان المظالم؛ لا نسعد بتطبيق النظام فحسب، بل يفتخر القضاء أجمع بالوصول إلى تحقيق الغايات السامية والتطلعات العالية لولاة الأمر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله ". وأبان الشيخ اليوسف خلال كلمة ألقاها في حفل الإطلاق، أن التعاون المشترك بين الديوان ووزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، كان ترتيباً وتعاوناً نجم عنه – ولله الحمد- وفي حدود الوقت المرسوم منذ توقيع الوثيقة المنظمة لسلخ الدوائر التجارية ودوائر الاستئناف التجارية التابعة لديوان المظالم إلى القضاء العام بتاريخ 13/6/1437ه، انتقال كامل لعمل الدوائر التجارية بكادرها البشري من قضاة وموظفين، وببنيتها التقنية من تطبيقات وبرامج للترافع الإلكتروني وبمنشآتها المرفقية في الرياضوجده والدمام وبكمال تجهيزاتها الفنية والمكتبية. ونوّه اليوسف بأن القضاء التجاري يعد رافداً مهماً وملاذاً آمناً لإنجاح البيئة الاقتصادية وحماية الأموال والحقوق، مضيفا "فلا تستقر وتنمو الحركة الاقتصادية إلا بقضاءٍ متخصصٍ عادل ناجز، فكان الاهتمام به من أولويات العمل المؤسسي التنظيمي في المملكة بصدور نظام المحكمة التجارية بموجب الإرادة السامية في عام 1350ه، ممثلاً بباكورة الأنظمة المتقدمة موضوعاً وإجراءً في وقت مبكر؛ مؤسساً بذلك بنية أساسية للعمل التجاري ولمفهوم التقاضي أمام المحاكم التجارية. كما نظّمت وزارة العدل خلال حفل افتتاح المحاكم التجارية ندوة علمية متخصصة ناقشت أبعاد افتتاح المحاكم التجارية وانعكاساتها الإيجابية على تحسين بيئة الاستثمار في المملكة وفق رؤية 2030، كما أطلقت الوزارة "معرض العدل" خلال الافتتاح الذي يستعرض عدد من المشاريع والمبادرات العدلية وأبرز الخدمات العدلية المقدمة للمستفيدين.