عبدالمحسن محمد الحارثي لكل دولة سياساتها الخارجية المبنية على المصالح المشتركة بين الدول ، وفيها من السياسات ما هو ثابت لا يتغيّر بتغير الظروف والأحداث ، ومنها ما هو متحوّل بحسب طبيعة الحدث وعلاقته السياسية التي لا تتعارض مع الثوابت التي رسمتها سياسة الدولة. فعلى سبيل المثال لا الحصر ، استطاعت السعودية أنْ تُنوّع في قدراتها الدِّفاعيّة بما يتناسب ومتطلبات المرحلة ، واحتياجها للعديد من الصواريخ الاستراتيجية ، في ظل التنامي الإيراني الذي بدأ منذُ وقت ليس بالقصير في إعطاء المنظومة الصاروخية الأهميّة القصوى ، ومدى ما تمثله تلك القوة من تهديدات حقيقية من خلال تصريحات المسؤولين في طهران ، واستعراضهم لتلك القوى الصاروخية البلاستية عابرة القارات والتي لم تُبنَ للدعاية والإعلان بقدر ماهي تهديد حقيقي لاطماع الفُرس في البلاد العربية. ولأن الحكومة السعودية أوضحت تلك الأطماع في بناية الأممالمتحدة وأمام القوى الخمس الثابتة في مجلس الأمن من الخطر الإيراني ، وتهديداتها المستمرة ، وتوسُّعاتها المشبوهة في كلٍّ من لبنانوالعراقوسوريا واليمن ..وامتدادها في اختراق مجلس التعاون الخليجي عن طريق علاقتها المشبوهة مع الدوحة، والتي بدأت تظهر في كل عمل إرهابي له علاقة مباشرة مع الكيان الفارسي وأجنداته ابتداءاً من حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن ، والحرس الثوري في سوريا، فضلاً عن ما أحدثته وزرعته من ولاءات شيعية في كل أقطار العالم ، لأغراض مشبوهة ، الكُل أجمع على هذا الخطر القادم الذي يهدد المصالح المشتركة بين الدول في الشرق الأوسط مع الدول العُظمى ، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي باتت تعي أكثر من قبل خطر الاتفاقية النووية مع إيران وما قد تسببه تلك الاتفاقية من تحولات جذرية قد تقود القوى العِظمى للركوع والخنوع إذا ما وضعت حدّاً لتجاوزات الفرس في حلمها الإمبراطوري الذي سيطول – لو تحقق- الكثير من الدول ذات الصلة المباشرة مع مصالح الدول العظمى، الأمر الذي سيزاحمها مستقبلاً ، ويكون بمثابة اللبنة الخطأ التي لا يستطيعوا هدمها … ومن تلك الدول التي تتشارك في مصالحها مع دول الشرق الأوسط ( أمريكا وروسيا والصين ) فكان الثابت المصلحة العُظمى للدول ، وكان المتحوّل هو تغيير السياسات بما يتوافق والمصلحة العُظمى . ولعلّ التواصل الروسي الإيراني لا يُمثل ثوابت بل تحولات ، بينما المصلحة العظمى تمثل علاقتها مع السعودية مثلاً ، رغم تحالفاتها مع ألد أعدائها ، إلا أن الثوابت الروسية أعطت الضوء الأخضر للسعودية في صناعة عالمية لا يعيها إلا الكبار .