رفضت لجنة الشؤون الإسلامية في مجلس الشورى، تبني توصية تنظيم زواج القاصرات المقدمة على تقريرها بشأن التقرير السنوي لوزارة العدل، مبررةً موقفها بحجة أن هذا الموضوع من اختصاص هيئة كبار العلماء، ومطروح أمامهم وبصدد إصدار قرار بشأنه. ولا يزال مقدمو التوصية (الدكتورة موضي الخلف، والدكتورة لطيفة الشعلان، والدكتورة نورة المساعد، والدكتور عيسى الغيث، والدكتورة فوزية أبا الخيل)، متمسكين بتوصيتهم المقدمة، وسيطرحونها أمام المجلس في إحدى جلساته القادمة؛ لإخضاعها لتصويت الأعضاء، بحسب ما نقلته صحيفة "عكاظ" عن مصادرها، الأربعاء (4 أكتوبر 2017). وتم تقديم مقترح تنظيم زواج القاصرات كتوصية وليس كمشروع وفق المادة 23 من نظام المجلس؛ لأنه لا يوجد قانون للأحوال الشخصية كبقية الدول. وفي ظل هذا الفراغ التشريعي، لا يمكن تقديم موضوع زواج القاصرات إلا كتوصية، وفقًا لما أوضحته عضوة المجلس وأحد مقدمي التوصية الدكتورة موضي الخلف. وشددت الدكتورة موضي على أن العمل في وزارة العدل مبني على لائحة مأذوني عقود الأنكحة وتعاميم بتعليمات صادرة عن وزارة العدل (أي أنها أمور تنفيذية). وأكدت أن اعتذار لجنة الشؤون الإسلامية في المجلس عن عدم تبني التوصية بحجة أن الموضوع من اختصاص هيئة كبار العلماء ومطروح أمامهم وبصدد إصدار قرار؛ هو اعتذار يصادر دور مجلس الشورى كجهاز استشاري وكجهة مسؤولة عن رفع اقتراحاتها إلى الملك النابعة من حاجات المجتمع الآنية. وأشارت إلى أن وجود بُعد شرعي للتوصية لا يمنع من تناوله في المجلس إطلاقًا؛ فهو ليس من الأمور العقدية ولا التعبدية، بل هو من شؤون الحياة الخاضعة للمتغيرات، ومسألة دنيوية، وسياسة شرعية للمصلحة العامة، وليست مسألة دينية محضة حتى تحال إلى جهة الفتوى (فمثلها مثل منع الزواج دون كشف طبي مثلًا). ولفتت إلى أن كثيرًا من أنظمة الدول الإسلامية، وبناءً على المصلحة الراجحة، تقيّد سن الزواج بسن معينة، مثل قوانين بعض الدول الخليجية والبلدان العربية التي تنص على عدم جواز توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره. ويطالب مقدمو التوصية بعدم عقد النكاح للفتيات دون سن 15 إطلاقًا، وأن يكون عقد النكاح للفتيات دون سن 18 بضوابط أربعة؛ هي: موافقة الفتاة والأم، وتقرير طبي عن لجنة مختصة لتأكيد أهلية الفتاة الجسدية والنفسية والاجتماعية للزواج، وألا يكون عمر الزوج أكثر من ضعف عمر الفتاة، وأن يكون عقد النكاح عن طريق القاضي المختص بمثل هذه الأنكحة المشروطة. وقدم مقدمو التوصية للجنة عددًا من المسوغات؛ منها مسوغات شرعية وصحية ونفسية، وأفادوا بأنه من الناحية الشرعية، فإن التوصية تنطلق عملًا بالقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار"، وأن حفظ النفس الإنسانية من الضرر مقدم على ما سواه، ولما ثبت من الأضرار النفسية والاجتماعية والجسدية المترتبة على زواج القاصرات، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "أنتم أعلم بأمر دنياكم". أما من ناحية الصحة الجسدية للأم ومواليدها، فقد أثبتت الدراسات أن الزواج المبكر له مضاعفات جسدية سلبية على صحة الفتيات، مثل ازدياد معدلات الإجهاض والولادات المبكرة، إضافة إلى ازدياد العمليات القيصرية بسبب تعسر الولادة في العمر المبكر مع ارتفاع نسبة وفيات المواليد نتيجة للمضاعفات المختلفة مع الحمل والولادة للفتيات في عمر مبكر.