تسعى حملة اجتماعية سعودية جديدة إلى إنقاذ حياة الأطفال الخدج (وهم الأطفال ناقصو النمو نتيجة الولادة المبكرة) من المخاطر المحتملة الناشئة عن الولادة المبكرة. وتهدف حملة التوعية بالولادة المبكرة إلى رفع مستوى الوعي العام بمشاكل الولادة المبكرة، وتقليل نسبتها في المملكة عن طريق التوعية البناءة للمجتمع والأسر بشأن مخاطرها ومساعدة الأمهات لتحسين نمط حياتهن، ورعاية والسعي لإنقاذ حياة الأطفال الخدج. وتقام في عدد من مراكز التسوق في جميع أنحاء المملكة، وتتضمن العديد من البرامج والأنشطة التوعوية الخاصة بالأسرة، حول هذه الفئة من الأطفال بمشاركة أطباء متخصصين. ومن أهم هذه النشاطات مشاركة عدد من الفنانين الشباب السعوديين من ذوي الخبرة من أجل زيادة التوعية بالولادة المبكرة في الأعمال الفنية. وتقام الفعاليات التوعوية في مراكز التسوق لتثقيف الأمهات حول أهمية اتباع نمط حياة صحي وممارسة الرياضة يومياً والفوائد المترتبة على ذلك، فضلاً عن توعيتهن بشأن الولادة المبكرة، إضافة إلى تنظيم ماراثونات رياضية توعوية للآباء والأطفال. وقد تم تدشين حملة التوعية بالولادة المبكرة "ماما احميني"، تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت سلطان بن ناصر بن عبدالعزيز، في حفل أقيم مؤخراً في فندق الفورسيزون بالرياض. وأوضحت صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت سلطان بن ناصر بن عبدالعزيز، الرئيس الفخري لجمعية مرضى الفصام وعضو جمعية مرضى السكري للأطفال والداعمة لجمعية الأطفال المعاقين، أن رعايتها لهذه الحملة يأتي في إطار جهودها في خدمة الوطن والاهتمام بمجالات العمل الاجتماعي، ودعمها للمرأة والطفل في العديد من الفعاليات والبرامج والمبادرات التي تهدف للنهوض بالمرأة السعودية وتمكينها وإسهامها في معظم قطاعات المجتمع. وأكدت سموها على مساندتها للمبادرات المجتمعية والحملات التوعوية والتثقيفية وخدمة المجتمع من أجل تحقيق التنمية المستدامة في شتى المجالات في المملكة، مشيرة إلى أن دعم كافة أفراد وفئات المجتمع ومساندتهم وتشجيعهم ونشر الوعي بين صفوفهم يسهم في تحقيقما فيه الخير للمواطن والوطن. وحول تزايد حالات الأطفال الخدج حول العالم قال الدكتور صالح العليان أستاذ طب الأطفال كلية الطب جامعة الفيصل واستشاري حديثي الولادة بمستشفى الملك فيصل التخصصي: "حسب منظمة الصحة العالمية لعام 2016 فإنه يولد كل عام 15 مليون من الأطفال الخدج في أنحاء العالم، وتتراوح نسب المواليد الخدج في 184 دولة بين 5% إلى 18% بمتوسط 11.1%. وما يقارب 50% من وفيات الأطفال الأقل من خمس سنوات سببها الولادة المبكرة أو المبتسرة ومضاعفاتها، فيما أنه من الممكن إنقاذ حياة ثلاثة أرباع الأطفال الخدج بالوسائل الطبية المتاحة الآن، حيث أن مليون طفل خديج يموت سنوياً حول العالم بسبب مضاعفات الولادة المبكرة ونسبة معتبرة ممن تكتب لهم الحياة قد يعانون من إعاقات دائمة أهما صعوبة التعلم ومشاكل النظر والسمع. ومع تزايد عدد الأطفال الخدج هناك حاجة إلى زيادة عدد الأسر بالمستشفيات المتخصصة، بجانب التدريب النوعي للكادر الطبي وكادر التمريض، حيث تبلغ تكلفة تنويم الطفل في العناية المركزة لحديثي الولادة في الولاياتالمتحدة ما بين 3 إلى 4 آلاف دولار يومياً". وتابع: "يقسم الأطفال الخدج إلى الخديج المفرط وهو الطفل الذي يولد أقل من 28 أسبوع حمل، وما بين 28 إلى 32 أسبوع حمل يسمى خديج جداً، أما الخديج المتأخر فهو الذي يولد ما بين 32 إلى 37 أسبوع حمل وهؤلاء يمثلون 84% من عدد الأطفال الخدج. وللأسف لا يوجد احصاء دقيق لنسب الأطفال الخدج في المملكة، ولكن إذا كان عدد الولادات في السعودية عام 2015 وصل إلى 540 ألف مولود ولو قلنا أن نسبة الأطفال الخدج بالمملكة 12% فهذا يعني أن هناك 65 ألف طفل خديج يولد سنوياً منهم ما يقارب 10 آلاف طفل خديج حرج". وأشار الدكتور صالح العليان إلى أنه أهم أسباب الولادة المبكرة إنجاب أطفال خدج في الماضي والحمل بالتوائم والاجهاض وتشوهات الرحم والتهابات عنق الرحم وتمزق غشاء الجنين والنزيف أثناء الحمل، وأيضاً الحمل في سن 17 سنة أو أقل و35 سنة وأكثر، وكذلك أمراض المرأة الحامل مثل السكر والضغط والقلب وأمراض الكلى، بجانب التدخين واستعمال الأدوية الممنوعة والعمل المجهد للمرأة الحامل، مشيراً إلى أنه يمكن تجنب الولادة المبكرة بتلافي المسببات مثل تطويق عنق الرحم وإعطاء الحامل عقار البروجسترون أثناء الحمل واستخدام المضادات الحيوية ومثبطات للطلق ومنع وتخفيف مضاعفات الخداج أو الابتثار، وأبان أن كلما قل العمر الحملي للطفل الخديج وقل وزنه يكون عرضة للمضاعفات مثل ضيق التنفس الحاد ومرض الرئة المزمن ونزيف المخ والتهاب الأمعاء وضعف المناعة. من جهتها حذرت الدكتورة عبير مقداد استشارية العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى قوى الأمن بالرياض، من مخاطر الولادة المبكرة، مبيناً أن معدل حالات الولادة المبكرة يتزايد باستمرار، ولكن في الوقت ذاته أكد أنه يمكن حل هذه المشكلة وإعطاء الأطفال الخدج فرصة أفضل وتقليل معدل حالات الولادة المبكرة من خلال شن حملة توعية عن الولادة المبكرة. وأضافت مقداد: "الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم غالباً ما يعانون مشاكل صحية وربما احتاجوا للإقامة في المستشفى لفترة أطول من الأطفال العاديين. ففي كل عام يولد طفل من كل 10 أطفال قبل الأوان، ولا شك في أن ذلك يمثل ظرفاً عصيباً للآباء والأمهات الذين يشاهدون أطفالهم حديثي الولادة وهم يناضلون من أجل النجاة كل يوم، حيث أن الولادة المبكرة ربما تتسبب في مشاكل صحية طويلة المدى للأطفال الرضع، وبالتالي قد يكون لذلك تداعيات مالية طويلة الأمد، كما أنها من الممكن أن تخلف تبعات خطيرة على قدرة الطفل على التعلم وقدرته على العمل مستقبلاً".