ثمن عدد من المختصين قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الحوافز والمزايا الممنوحة للمتبرعين بشراء قطع أثرية أو تراثية أو مجموعات خاصة تعرض في المتاحف، مؤكدين أنه يمثل نقلة نوعية في مجال العمل الأثري بالمملكة ويجسد حرص الدولة على الحفاظ على ممتلكاتها الثقافية، وحافزاً للمواطنين على التبرع بالقطع الأثرية لصالح المتاحف ما سيثري المجموعات المتحفية بالمملكة. لافتين إلى أنه يعد مكملاً للمشروع الذي تبنته الهيئة لاستعادة الآثار الوطنية من الداخل والخارج وأصبح مساراً مستقلاً ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة.
العناية بالقطع الأثرية وأوضح أ.د أحمد الزيلعي عضو مجلس الشورى وعضو الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، أن قرار مجلس الوزراء باعتماد الحوافز الممنوحة للمتبرعين بشراء قطع أثرية أو تراثية يأتي تتويجاً لجهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في جمع ما بأيدي المواطنين من قطع أثرية لتكون تحت مظلة الهيئة بوصفها صاحبة الاختصاص والجهة الوحيدة المسؤولة في المملكة بحفظ الآثار وإتاحتها للدارسين والباحثين وتزويد المتاحف بها لعرضها، منوها بالتوسع الكبير في بناء المتاحف الذي تشهده المملكة واحتضانها لمختلف المناسبات والمعروضات الأثرية والتراثية. وأوضح أن القرار سيشجع المواطنين الغيورين على تراث هذه البلاد ورجال الأعمال على التبرع أو شراء القطع الأثرية والتراثية، منوهاً بالحوافز التي تضمنها القرار وتنوعها ما بين الحوافز المعنوية والمادية والتكريمية الفعلية، والتي ستكون عوامل مؤثرة للغاية في زيادة عدد القطع المهداة إلى المتاحف.
نقلة في العمل الأثري بدوره أكد الدكتور مشلح المريخي عضو هيئة التدريس في كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود، أن القرار يمثل نقلة نوعية في مجال العمل الأثري بالمملكة ويجسد حرص الدولة على الحفاظ على ممتلكاتها الثقافية بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 بشأن اعتبار السياحة والتراث أحد المجالات الواعدة للاستثمار وإيجاد فرص العمل للشباب، مشيراً إلى أنه يشجع بما تضمنه من حوافز مادية ومعنوية المواطن على أن يكون شريكاً وحارساً أميناً على آثار بلاده وتراثها الوطني. وأبان أنه يشكل دوراً بارزاً في تحفيز المواطنين على التبرع بالقطع الأثرية لصالح المتاحف وإثراء وتعزيز المجموعات المتحفية بالمملكة من ناحية، وزيادة الوعي بقيمة وأهمية الآثار والتراث الوطني من ناحية أخرى، مشيراً إلى أن التراث الثقافي المادي والمعنوي يشكل ذاكرة الأمة الجماعية التي تُعد أحد أهم المقومات التي ترتكز عليها الدول في تعزيز هوياتها الوطنية. وأفاد الدكتور المريخي أن القرار يأتي متناسقاً ومكملاً مع المشروع الطموح الذي تبنته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لاستعادة الآثار الوطنية من الداخل والخارج وأصبح مساراً مستقلاً ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، منوهاً إلى نتائجه باستعادة آلاف القطع الأثرية من الداخل والخارج، والتي تم عرضها من خلال إقامة معرض للآثار المستعادة بالمتحف الوطني، حيث لاقى إقبالاً كبيراً من المواطنين وقُدر عدد زواره بحوالي 600: 800 زائر يومياً.
تتويج لجهود الهيئة من جهته بين أ.د. عبد الناصر الزهراني عميد كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود، أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على اعتماد الحوافز الممنوحة للمتبرعين بشراء قطع أثرية أو تراثية أو مجموعات لمصلحة المتاحف تكمن أهميته في أنه يهدف إلى اقتناء المتاحف الوطنية أكبر قدر ممكن من المقتنيات التراثية والأثرية التي يحتفظ بها بعض الأفراد والعناية بها وصيانتها دورياً حيث ستضيف معلومات مهمة لتاريخ المملكة والجزيرة العربية بشكل عام كونها تنتمي إلى حضارات الجزيرة العربية على مر عصورها، لافتاً إلى أن أهميته كذلك توافقه مع رؤية المملكة 2030 والأهداف الاستراتيجية للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ضمن برنامج التحول الوطني التي تهدف إلى زيادة عدد المتاحف في المملكة، منوهاً بدور القرار في تشجيع المواطنين على التبرع بما يقتنونه أو يشترونه من مقتنيات تراثية وأثرية إلى المتاحف الوطنية حيث شملت الحوافز جميع الجوانب التي يمكن أن ترضى المتبرع. ونوه بدور القرار في الحفاظ على مقومات التراث الوطني والهوية الوطنية للمملكة، مبيناً أن انتقال المقتنيات الأثرية والتراثية من الملكيات الخاصة التي يحتفظ بها أصحابها ولا تتاح فرصة رؤيتها والتعرف عليها إلا لأعداد محدودة من الناس، ستتحول بعد إهدائها إلى المتاحف وعرضها إلى مادة متاحة لجميع شرائح المجتمع من زائري المتاحف، ما يؤدي لزيادة التعريف بالقطع وبما تمثله من قيمة تراثية والوعي المجتمعي بها، مشيداً بالشروط التي وضعتها هيئة السياحة والتراث الوطني فيما يتعلق بالقطع المهداة أو التي يتم التبرع بها، ومنها أن تكون القطعة أو المجموعة ذات قيمة تاريخية أو علمية وأن تكون معلومة المصدر وأن لا يكون صاحبها قد استنسخها، وغيرها من الشروط التي تهدف إلى اقتناء ما تميز وتأصل من القطع وهو ما يعمل بالتأكيد على ترسيخ فكرة الهوية التراثية. وبيّن الزهراني، أن القرار يعد متوافقاً مع برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة الذي تضمن مساراً خاصاً باستعادة الآثار الوطنية من داخل وخارج المملكة، مشيراً إلى أن تلك المسارات والمشاريع معروفة في عدد من كبريات المتاحف العالمية التي تسعى إلى استعادة وزيادة عدد القطع في مجموعاتها المتحفية والتي غالباً ما تمثل حضارات شتى. وكان مجلس الوزراء قد قرر الموافقة على "الحوافز والمزايا الممنوحة للمتبرعين بشراء قطع أثرية أو تراثية أو مجموعات خاصة تعرض في المتاحف"، في الجلسة التي رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله -، بعد ظهر يوم الاثنين 4 ربيع الآخر 1438ه الموافق 2 يناير 2017م، في قصر اليمامة بمدينة الرياض. وأشار القرار إلى أن هذه الحوافز تتضمن التالي: وضع اسم المتبرع في لوحة الشرف الخاصة بالمتبرعين في المتحف الذي أهديت إليه القطعة أو القطع المتبرع بها، الاحتفاء بالمتبرع في إحدى المناسبات الرسمية للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، تنشر الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للمتبرع الذي تزيد قيمة تبرعه على مليون ريال خبرا إعلاميا عن المتبرِّع والمتبرَّع به للمتحف في واحدة (أو أكثر) من الصحف المحلية.، تطبع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كتيبًا وثائقيًا موجزًا للمتبرع الذي تزيد قيمة تبرعه على خمسة ملايين ريال يوضح أهمية التبرع ويضم عرضًا للسيرة الذاتية للمتبرع، ويمنح كل متبرع مائة نسخة من الكتيب الوثائقي الخاص به، وأن تنسق الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مع إمارة المنطقة لتكريمه بوسيلة (أو أكثر) من وسائل التكريم المتبعة في تكريم رجال الأعمال، وأن ترفع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى المقام السامي الكريم توصية بمنح المتبرِّع وساما، وفقا لنظام الأوسمة السعودية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 39) وتاريخ 24 / 6 / 1434ه.