صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله على مشروع الترجمة في الحرمين الشريفين ويأتي ذلك من منطلق حرص القيادة الرشيدة على كل ما يخدم قاصدي الحرمين الشريفين من الحجاج والمعتمرين والزائرين، وتقديم أفضل الخدمات وأعظم التسهيلات لهم في كافة المجالات ومن أهم الجوانب الرئيسة في خدمة رواد الحرمين الشريفين ما يتعلق بالأمور العلمية والتوجيهية والتوعوية والإرشادية لهم فيما يفيدهم في دينهم وفقه مناسكهم وزيارتهم على الوجه الصحيح . وتأتي أهمية هذا المشروع المبارك لما لوحظ أن عدداً كبيراً من قاصدي الحرمين الشريفين لا يتحدثون اللغة العربية وتفوت عليهم فرص الاستفادة من خطب الحرمين الشريفين المباشرة لأنها تلقى بغير لغتهم ، وقد ينشغلون عنها بما هو محذور شرعاً ، كما أن كثيراً منهم يتطلع إلى الاستفادة من سماع الدروس التي تلقى بالحرمين الشريفين مترجمة بلغتهم لاسيما وأن وسائل تمكين غير الناطقين بالعربية للاستفادة من خطب الحرمين الشريفين وفهمها سهل وميسر بعد توفر الإمكانيات المادية والكوادر البشرية المؤهلة . وحيث إن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي من منطلق اختصاصاتها بتقديم أفضل الخدمات لرواد الحرمين الشريفين لديها من الإمكانيات بفضل الله ثم دعم المقام السامي الكريم ما يمكنها من تمكين هذه الفئة عند تواجدها في الحرمين الشريفين وساحاتهما من الاستفادة من سماع ومعرفة الخطب والدروس بلغتها، وسوف يكون البث بواسطة جهاز بث للترجمة الفورية لبعض اللغات الحية ويمكن التوسع باللغات حسب الحاجة وتوفر المترجمين الموثوقين ومراعاة الضوابط المهمة في هذا المجال . ولا شك أن من المُتيقَن أن هذا المشروع المبارك سوف يلقى قبولاً واستحساناً لدى جميع المسلمين من غير الناطقين بالعربية ويوفر لهم فرصة الاستفادة مما يلقى بالحرمين الشريفين من خطب ودروس ومواعظ تسهم في بيان محاسن الإسلام وإظهار جمالياته وقيمه السمحة . ولا يخفى أن المقصود من بث الدعوة الإسلامية والحكمة من نشرها بين الناس أن تكون معلومة مفهومة لتحقق مقاصدها السامية وأهدافها النبيلة وثمارها اليانعة قال تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ، وقد جاء في السنة النبوية إرشاده صلى الله عليه وسلم لعدد من الصحابة بتعلم لغات بعض الوفود لدعوتهم وإيصال حقائق الإسلام لهم بما يفهمونه وهو عين النقل والأثر ولب الحكمة والنظر، وقد عد أهل العلم ذلك من فروض الكفايات التي يجب على الأمة فيها تعيين فئة منها للقيام بهذا العمل الجليل لينتفي الإثم عن جميعها لاسيما والعالم يعيش عصر التقنية الحديثة التي ينبغي أن تستثمر في كل ما يخدم الدين ويهم المسلمين . ويهدف هذا المشروع العظيم إلى تحقيق عدة أهداف سامية أهمها : 1. إظهار حقائق الدين الإسلامي الحنيف ومحاسنه ووسطيته واعتداله . 2. ايضاح الدور الكبير للحرمين الشريفين ورسالتهما السامية في العلم والتوجيه والإرشاد . 3. إبراز الجهود المباركة والخدمات الجليلة التي تبذلها الدولة رعاها الله في المشروعات والتوسعات ومنظومة الخدمات . 4. توفير الفرصة وإتاحة المجال لرواد الحرمين الشريفين لإفادتهم مما يلقى في الحرمين الشريفين بلغاتهم وهذا من الواجب تجاه ضيوف الرحمن ووفود الملك العلام . وسيركز المشروع بإذن الله على عدد من الجوانب المهمة كالترجمة الفورية للخطب والدروس العلمية، والعناية بنشر الكتب والرسائل والمطويات بشتى اللغات الحية، وايصال الرسائل التوعوية في آداب الحرمين وتوجيه رواده، والعناية بحسن اختيار المترجمين المتخصصين الموثوقين في شتى المجالات بالضوابط المعتبرة . وقد بادرت الرئاسة بحمد لله منذ صدور الموافقة على الإعداد لهذا المشروع المبارك وعقد اللجان للدراسات المستفيضة حوله والتعاون مع الجهات ذات العلاقة ليظهر المشروع على أحسن مستوى وأرقى خدمة وأفضل صورة وبما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة ويلبي المقاصد والأهداف المرجوة منه . كما بادرت الرئاسة في إنشاء إدارة للترجمة تضم عدداً من المؤهلين في هذا المجال . واشتملت الموافقة الكريمة على أن تكون الترجمة للغات الحية المشهورة . وقد حرصت الرئاسة على التعاون مع عدد من الجهات الأكاديمية المتخصصة في هذا الجانب المهم ولها مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تعاون بناء في ذلك عقدت من خلاله عدد من اللقاءات واللجان وورش العمل وخصصت الرئاسة فريقاً من المهتمين لديها وكان من ثمراته المباركة وآثاره النافعة إصدارُ سِفرٍ من الخطب المترجمة يحتوي على قرابة سبعين خطبة من خطب الحرمين الشريفين . ومن حسن التوفيق أن تزامن انطلاق هذا المشروع المبارك مع توافد حجاج بيت الله الحرام لهذا العام وقد أعدت الرئاسة خطة مناسبة للإفادة من هذا الموسم العظيم . ومما يؤكَدُ هنا أهمية هذا المشروع الموفق ودوره الرائد في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما ويعد بحق مفخرة من مفاخر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأيده ومتعه بالصحة والعافية تضاف بكل فخر واعتزاز إلى سجله الحافل وصفحاته الناصعة وتوسعاته المباركة ويسجل بمداد من نور وأحرف من ذهب إلى أعماله الجليلة في الحرمين الشريفين وروادهما كما يعد فتحاً عظيماً ومنارة مضيئة ومشعلاً متلألأً في التعليم والتوجيه لقاصدي الحرمين الشريفين جعله الله في موازينه وأعماله الصالحة ذكراً وذخراً له في الدنيا والعقبى . وبهذه المناسبة التاريخية ترفع الرئاسة ومنسوبوها من الدعاء أوفره ومن الشكر أعطره لمقامه الكريم على هذا المشروع العظيم كما نشكر المقام الكريم على ما تلقاه الرئاسة والعاملون فيها والحرمان الشريفان وقاصدوهما من لدنه حفظه الله من مزيد العناية ومديد الرعاية وتدعو الله له بأن تقر عيناه برؤية آثار أعماله الجليلة وثمرات توجيهاته الكريمة في كل ما يصب في رعاية مصالح المسلمين ويحقق رسالة الحرمين الشريفين ويقدم لقاصديهما أعظم التسهيلات وأرقى الخدمات إنه خير مسؤول وأكرم مأمول . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبة أجمعين