كشفت مصادر مطلعة في صناعة الألبان أن ست شركات من أصل تسع تعمل في إنتاج الألبان المحلية تسعى للاندماج مع شركات كبرى في القطاع، ما قد يخفض من وفرة الحليب في السوق بنسبة تصل إلى 30 في المائة من إجمالي وفرة الألبان في السوق. وأضافت المصادر أن إحدى تلك الشركات وهي "العزيزية لإنتاج الألبان" بدأت إجراءاتها القانونية والإدارية للاندماج مع شركة "الصافي"، وستنتهي إجراءات الاندماج بعد شهر رمضان، وقدم نقل نحو 40 في المائة من إجمالي أعداد الموظفين للشركة المستحوذة. وتهدف الخطة الأساسية لتلك الشركات لتأسيس كيان قوي بينها للبقاء في السوق إلا أن الخلافات وعدم رغبة مالكيها في غياب أسماء تلك الشركات عن السوق حال دون ذلك. وتقدّر إنتاجية تلك الشركات بنحو 80 مليون لتر سنويا. وأشارت دراسة أجراها مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث قبل سنتين إلى أن الحل الأمثل لتلك المزارع الصغيرة هو التوجه نحو الاندماج مع شركات كبرى أو الاندماج بينها. وأوضحت الدراسة أن ارتفاع أسعار المواد الأولية ومشاكل الإنتاج والتوزيع يسهمان في زيادة التكاليف وتقليل الهامش الربحي، وأوصت بتحرير أسعار منتجات الألبان أو زيادة الدعم المقدم للشركات. كما اتجهت الشركات الكبرى لتنويع منتجاتها بين العصائر والمخبوزات والدواجن، وتصدير 25 في المائة من منتجات الألبان إلى دول الخليج المجاورة بزيادة في الأسعار تقدر ب 25 في المائة لتعويض خسائرها المتلاحقة. وتتمسك وزارة التجارة والصناعة بموقفها في منع شركات الألبان الوطنية من رفع أسعارها أو التقليل من حجم منتجاتها مقابل ثبات السعر. وتبرر الوزارة هذا الرفض بوجود دعم للمواد الأساسية مثل الأعلاف الحيوانية من فول الصويا وغيره، رغم أن هذا الدعم يراوح بين 5 و7 و8 في المائة، وذلك حسب أسعار البورصة العالمية للأعلاف. وقال المهندس عبد العزيز البابطين، نائب رئيس اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان إن تعثر وخروج ست شركات من السوق سيكون له آثار سلبية على المدى القصير، يتمثل في انخفاض في وفرة إنتاج الألبان في السوق بنسبة تراوح بين 20 و30 في المائة. وأضاف: "هذا يتطلب سرعة التدخل من الجهات ذات العلاقة للحد من الآثار السلبية وإيجاد الحلول السريعة لها" وفقا لقوله. وتابع البابطين أن الشركات الصغيرة تعاني الضعف وخطر الإفلاس في سوق الألبان "بسبب عدم استيعاب أهمية التحكم في التكاليف، وعدم الاهتمام بالإدارة الجيدة للحصول على إنتاجيات عالية من الألبان؛ ما أثر في الإنتاج وصعوبة توزيع المنتجات". وقال: "تكاليف النقل تعد عالية لمن يرغب في توزيع منتجه على مساحة جغرافية واسعة، والشركات الصغيرة لا تستطيع أن تغطي جميع منافذ البيع في المملكة، إذ إن ذلك يتطلب إنفاقا عاليا". واعتبر استحواذ الشركات الكبرى على نظيرتها الصغيرة أمرا صحيا لتقليل التكاليف، ولا يعد احتكارا للسوق"، مضيفا أن هذا التوجه تتبعه الدول المتقدمة صناعيا كافة. وقال: "السوق الأوروبية لا تعرف سوى أسماء قليلة من الشركات الكبرى، فيما يقوم عدد كبير من المزارع الصغيرة بإمدادهم بالحليب الطازج". وأوضح أن السوق تقوم على اقتصاديات الحجم الكبير "وستظل تعاني إلى الأبد إلا إذا تم فيها اندماجات مع كيانات كبرى، وهو ما يتطلب لدراسة كبيرة قبل الدخول في الاندماج"؛ كما قال البابطين. وتابع: "على الشركات الصغيرة أن تكون مُصدِّرا للحليب الخام إلى الشركات الكبرى ذات الإمكانات الأفضل في التوزيع، لضمان استمرارها في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها، إذ إن السيارة، التي توزع سبعة آلاف عبوة هامش الربح فيها يكون أعلى من تلك التي توزع ثلاثة آلاف منتج فقط".