يؤسفني أن يتحول هذا البرنامج إلى لعنة على ألسنة الناس في المجالس العامة وفي قاعات الدرس .. وخطب الجمع يؤسفني سماع ذلك الدكتور الذي حصل على الدكتوراه من إحدى جامعات بريطانيا وهو يقول لمن حوله من الشباب : احذروا أن تتزوجوا مبتعثة أو أن ترضى لأختك زوجا مبتعثا … ويتحدث بكل جرأة و (كذب ) عن سوء أخلاق الفتيات المبتعثات .. يؤسفني أن أرى تغريدة تجرم كل المبتعثين و المبتعثات وتصفهم بأبشع الصفات .. والمغرد يجلس في مقهى بالصناعية يعيش جو السلطنة مع شيشته المصون .. أو تجده مشاركا متفاعلا مع هاشتاقات لا يعلم صحتها من عدمها .. يؤسفني استسهال قذف المحصنات بالفجور .. والشباب بشرب الخمور .. والأهالي بالدياثة .. و حصر الابتعاث كله في حالات شاذة مهما كان جرم الخطأ الذي حصل .. يؤسفني استحقار كل الجهود التي يقوم بها المبتعث من أجل أن يغير حياته للأفضل ويعود بالخير لبلده في كل المجالات .. ثم تختصر كل هذه الجهود في ترميزها ب(قميص بولو) متناسين ثوب الاصالة الذي لم يخلعه المبتعث .. و حجاب الشرف الذي يزين رؤوس بناتنا .. و متناسين كل الإنجازات التي صنعتها (ابنتهم ) المبتعثة .. والمصليات والمساجد التي عمرها (ابنهم) المبتعث … وحفلات التكريم التي لا تخلو من اسم طالب او طالبة من السعودية … هذه الأيام تحول الابتعاث اإى لعنة يتناقلها الناس في مجالسهم .. لعنة انسحبت على كل مبتعث .. لعنة تدعو المجتمع لمقاطعة ابنائه وبناته و تحقيرهم وتجريمهم .. القصة التي أثارت الناس أن أبا سعوديا أعيد إلى المملكة بالقوة لأنه حاول منع ابنته وضربها لأنه اكتشف أنها تخرج مع رفيقها وفي رواية أخرى أنها تزوجت من غير مسلم وسجنت والدها بعد محاولته ضربها … ولنفترض صحة الحادثة بأي رواية كانت .. اعلموا جميعا أن اول الرافضين لها هو من يدرس في الخارج من أبنائكم وبناتكم ولا نرضى بمثل هذا الامر .. وهو امر مرفوض تماماً .. مثلما وجد الرفض التام من قبلكم .. ولا يشرفهم مثل هذا الفعل .. ولكن الفرق بين رفض المبتعث له ورفض المجتمع هو ان بعض أفراد المجتمع وضع الكل في نفس السلة و جعل الابتعاث هو السبب في هذا دون النظر في فردية الحدث .. كمن يتهم الاسلام بأي جريمة تصدر من مسلم … دعونا نتبادل الاماكن …. ولنعطي المبتعثين الحق في محاسبة المجتمع بنفس الطريقة .. لنبدأ أولا بمحاضر الخلوات الغير شرعية في مراكز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وبعض الحفلات المختلطة في استراحات نائية .. ولنعرج قليلا على بعض الرضع اللقطاء الذين وجدوا عند حاويات النظافة فجرا .. حالات السكر … طالب يقتل معلما … فتاة تهرب من بيت أهلها …. شاب يغتصب خادمة …الخ القائمة تطول يا سادة .. لو حكم المبتعث والمبتعثة على مجتمعهم بنفس المنطق لكان الحكم كارثيا .. فكما يتشدق البعض بإيقاف الابتعاث لانه خطر على الطلاب والطالبات .. فسيخرج من يقول دعونا وشأننا و لن نعود … لكي نعالج قضايانا بموضوعية و حكمة يجب ألا نعمم الأحكام .. وألا نصنع من الشاذ ظاهرة .. يجب ان تتعاملوا مع المبتعثين و أنتم على ثقة من أصالتهم و تربيتهم .. هذه الثقة هي الرابط بينهم وبينكم .. وهي الدافع لهم لكي يعودوا الى الوطن لرد الجميل لا للتعالي على وطنهم او الانتقام من المجتمع .. ويجب ان تشعروهم بأن المستقبل هنا على ارض وطنهم لا ان تهددونهم بالمقاطعة وعدم تزويج الشباب او جعل الزواج من المبتعثة عيبا .. أما الابتعاث فلا تحولونه إلى لعنة بل تطلعوا إلى مستقبل جميل من صنع أيدي أبنائكم وقدموا الحلول و الرؤى في كيفية الاستفادة من هذا البرنامج .. مثل اقتراح السن المناسب و المؤهل و التخصص .. خلاصة القول: من أحسن أهله التربية فسيحسن التصرف والسلوك ولو على كوكب المريخ ومن لم يحسن أهله تربيته فإنه حتما سيسيء التصرف والسلوك ولو كان في صحن الحرم .. تحياتي منصور محمد الحارثي … @mr_mns