بات خروج طالبات أو طلاب من مجتمع محافظ، إلى آخر منفتح، لا يعترف بالتقاليد ولا يحكمه معيار إسلامي، أشبه بالجلوس على خيط العنكبوت. لكن الطالبات المبتعثات اللاتي يملؤهن الإيمان، ويعرفن أنهن ذاهبات للعلم، والطلاب الذين يحفظون تعاليم دينهم عن ظهر قلب، يرفضون الخروج على تعاليم الدين، ويؤكدون أن أي حالات تحرش ليست سوى حالات فردية لا تمثل الصفوة من المبتعثين وهم الأغلبية، أو بالأحرى كثر. حالات محدودة من المبتعثين عادت للوطن بخيبة أمل، بعدما رفضت النصائح التي أهدتها لهم تعاليم دينهم، وعززتها تربيتهم في المملكة، وتوجتها إجراءات ومتابعات نظامية من الجهات المشرفة على الابتعاث، ليحملوا لأهلهم شهادات الخزي والعار، بدلا من التفوق والنجاح. عودة بالخزي سالم. غ مبتعث سابق تجاوز عمره 26 عاما، أحد العائدين من رحلة الابتعاث بخيبة أمل، ليجد نفسه في فخ التحرش، بعد عام من الاستقامة، إذ تحول إلى مستمع لنصيحة أولاد الغرب، بعدما كان يحمل مشعل ضوء لهذه الفئة البعيدة عن تعاليم الدين: «ذهبت للخارج متسلحا بثقتي في نفسي ونصائح والدي التي لم تفارقني على مدار عام كامل، فأصبحت شابا يشار له بالبنان، لكنني لم أعد أستطيع مجاراة تلك الحياة المنفتحة، وسرعان ما نفد وقود النصائح التي منحني إياها والدي، وأخذت شيئا فشيئا أسير في طريق الوناسة، وهو طريق التعاسة، سهر وليالٍ حمراء، لأصبح ابنا بارا بالخمور والمنكرات، حتى وقعت في قضية تحرش، فألقوا القبض علي، وعدت بخيبة أمل، حتى منزلي رفض قبولي لفترة من الوقت قضيتها في مستشفى الأمل حتى أتخلص من تلك السموم القاتلة». ويعترف سالم بأن هناك قلة ساروا على طريق الخطأ، فوقعوا في فخ قضايا التحرش بالفتيات وشرب الخمور وتعاطي المخدرات. التعاليم تحمينا لكن سميرة. خ المبتعثة التي عادت للوطن بماجستير الإدارة من إحدى الجامعات في سيدني الأسترالية، ترفض محاولة إلصاق تهمة التحرش بعدد مقدر من المبتعثين، وإن اعترفت بأن درجات التحرش موجودة في تلك المجتمعات: «ليعلم الجميع أن الإنسان الواثق من نفسه وصاحب الهدف ومن يسير على الطريق المستقيم من الصعب جدا التحرش به، أو محاولة مضايقته بشكل صريح، ودرجات التحرش موجودة فهناك من يبحث عنها بطريق غير مباشر فيقع في الفخ، وهناك من يحاول التحرش ويخشى الوقوع في الفخ». وتشدد على أن ثقتها الكبيرة وبنات جلدها فيما حفظنه من تعاليم وتربية كفيل بدرء الغبار عنهن في بلاد الغرب: «ما قمت به على مدار سنتين وأشهر قليلة مصدر فخر لي ولبنات وطني، ورسالة أوجهها لكل من يشكك في تصرفاتنا في الخارج أو من يبدي تخوفه علينا بشكل غريب فهذه سميرة عادت وعاد معها العديد من الزملاء بشهادات الفخر والعزة والكرامة، ثم بالشهادات الجامعية والدراسات العليا». المخاطر معروفة ولا يقلل محمد السحيمي الشاب الذي تعدى، 28 عاما، من مخاطر الابتعاث، التي يجب أن يعيها كل مبتعث ومبتعثة: «عندما تكون شابا في مقتبل العمر، وتنشأ في مجتمع محافظ وفجأة بين عشية وضحاها تذهب للعيش فترة لا تقل عن سنتين في مجتمع متفتح بما تعنيه الكلمة، أمر في غاية الصعوبة، وإن كان الاحتماء منه ليس مستحيلا؛ لذا فإن مرحلة التدبر والتعقل واجبة». ويعتبر الدورات النفسية أحد عوامل الحماية. الدورات أفضل وأيدت الاختصاصية النفسية فوزية المليفي، أهمية توفير دورات مكثفة موجهة لمثل هؤلاء المبتعثين قبل مغادرتهم، على أن تكون شاملة: طبية، دينية، نفسية، اجتماعية، ومن خلالها يقام اختبار لهؤلاء المبتعثين، ونجاحهم هو البوابة الأولى لمن أراد الابتعاث