لا أختلف كثيراً مع من سبقوني في ذكر عبقرية وفكرة الإبتعاث الخارجي وريادة المشروع المستقبلي الذي تبناه قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – اطال الله عمره - في استثمار شباب هذا الوطن لبناء مجتمع متأهل تأهيلاً عالياً في مستقبل المملكة ومهم جداً للقطاعين الحكومي والأهلي والمؤثر في سوق العمل من الناحية الإقليمية والدولية للمدى البعيد. ولكن من الناحية الاخرى، ربما لم يكن الإبتعاث هدفاً لتغيير المفاهيم الدراسية من قبل حكومتنا الرشيدة للكثير من شبابها بل حتى لتغير السلوكيات التي توالدت وتكاثرت بيننا والتي اكتسبناها من المقربين لدينا والتي تعتبر سلوكيات لا تتوافق ابداً مع ديننا الحنيف الإسلام. أذكر انني "والكثير من حولي" كنت استأنس – عندما فلان يستهزأ بفلان – حتى استمتع بتلك الدقائق التي تجعل من ذلك الشخص اضحوكتي لذلك اليوم ضارباً مشاعره بعرض الحائط والتي يمكن ان تكون سبباً في تأثيره النفسي مستقبلاً. أذكر قصة حدثت معي قبل بضعة اشهر وهي ( أن مبتعث سعودي استغل عدم فهم شاب امريكي اللغة العربية بالإستهزاء بملابسه وشكلة بينما علامات التعجب تظهر بملامح ذلك الشاب الأمريكي غير مدركاً هل هو المقصود أم لا) والقصص كثيرة حول سلوكياتنا السلبية التي لا نتقبلها لانفسنا نحن العرب ولا تعكس تربيتنا الإسلامية . سمعت من أحد الأصدقاء الأمريكيين أن الأطفال يتعلمون حسن الخلق والسلوك الصحيح بينما يشتكي عمال النظافة وغيرهم الضعيفين في مملكتنا من بعض أطفالنا، وفي المرحلة الثانوية يتعلمون القيم وبعض شباب الثانوية في مملكتنا لازالوا يقللون من قيمة العمالة خصوصا عمال التموينات الغذائية بسبب تأخره عن إحضار الطلب عاجزين عن النزول بأنفسهم، وفي الجامعات الأمريكية والتي حضيت ببعض دروسها يتعلمون الأخلاق بينما البعض في السعودية ربما في طريقه إلى الجامعة لا يرضى بسائق أن يقف عند الإشارة أمامه والسبب انه سائق أجنبي!. وفي الحقيقة نحن المسلمون العرب تعلمنا ماهو أعظم من تعاليمهم بكلمات عميقة بمعانيها ليس من جامعة عريقة ولا دكتور له خبره طويلة في التعامل مع الآخرين بل من رب الكون لخير أمة أخرجت للناس وهي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لأطفالنا حق علينا ولمملكتنا الحبيبة كذلك في تغيير هذه السلوكيات للأفضل مع الجميع بالبدء بانفسنا لصناعة مملكة شبابها خير أمةٍ أخرجت للناس وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليس هذا علينا عسير.