التعليم الجامعي واهتمامه بتنمية طلابه تنمية متكاملة متوازنة ، يتطلب أن تحرص مؤسساته على تهيئة المناخ المناسب لتحقيق ذلك الهدف ، من خلال تقديم مجموعة من الخدمات لطلابه ، تعينهم على التحصيل الدراسي ، وتساعدهم على مواجهة ظروفهم الأسرية والاجتماعية الخاصة ، بما يمكنهم من أن يحيوا حياة ممتعة يسودها الهدوء والاستقرار النفسي فالخدمات التى تقدم للطلاب تشكل جزءاً أساسياً من مخططات أى نظام تعليمي حديث ، ولذلك لم تعد المشكلات التي تشغل أذهان المربين وواضعي السياسات التعليمية ، قاصرة على تلك التي تتعلق بنظم التعليم وبرامجه ، وطرق التدريس وما إليها بل إن النواحي التي ترتبط بتهيئة الظروف الاجتماعية الملائمة للتعليم والتعلم ( كالخدمات الطلابية ) ، تكاد تنال نفس القدر من الاهتمام ، ومن أجل ذلك أصبحت الخدمات الطلابية في الوقت الراهن أحد المعايير الأساسية للحكم على تقدم أو تخلف النظام التعليمي. ورعاية الطلاب – من خلال توفير الظروف التي تيسر لهم حياتهم التربوية والمعيشية - لا تبدأ من فراغ ، وإنما بالتصدي للمشكلات التي تواجههم ، وتقلل من شعورهم بالاغتراب خاصة عند الانتقال المفاجئ من مرحلة التعليم الثانوي إلى التعليم الجامعي ، ولذلك تحرص كل جامعة على توفير العديد من الخدمات لطلابها من بينها الإسكان الجامعي ، والتغذية والمكتبات ، وخدمات الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية ، إضافة إلى المساعدات المادية والعينية لمن لا تمكنهم ظروفهم الأسرية من الاستمرار فى الدراسة . ويتوقف الجهد المبذول في رعاية الطلاب بالجامعة ، على الفلسفة التي تحكم التعليم في تلك الجامعة والهدف منه ، فإذا كانت تلك الفلسفة تعنى بتزويد الطلاب ببعض الخبرات والمعلومات النظرية ، والمهارات التي تفيدهم في حياتهم العملية ، كان التركيز في هذه الحالة على العمل داخل قاعات الدروس والمحاضرات ، أما إذا اتسعت فلسفة التعليم الجامعى لتشمل تنمية الفرد تنمية شاملة متكاملة ومتوازنة ، فإن التركيز لا يكون على قاعات المحاضرات فقط ، بل تتنوع أساليب الرعاية داخل الحرم الجامعي وخارجه ، بما يساعد على الوصول إلى هذه التنمية . الدراسات التي تتعلق بما قدم لطلاب العلم من خلال عصور تاريخية سابقة ، من أمثلتها دراسة جمال الدهشان (1996م) عن الخدمات الطلابية في مصر زمن الأيوبيين والمماليك ، والتي استعرض فيها الباحث أوضاع المجتمع المصرى في ذلك الوقت وانعكاس هذه الاوضاع على ما قدم للطلاب من خدمات متنوعة ، كما قدم مجموعة من التوصيات عن الجوانب التى يمكن الاستفادة منها في مجال الخدمات الطلابية في الوقت الحاضر ، كذلك دراسة السيد حسانين ( 2001م) عن الخدمات الطلابية في العراق في العصر العباسي ، والتي أبرزت الخدمات التي قدمت لطلاب العلم في العراق ، وارتباط هذه الخدمات بالظروف المجتمعية، كما أكدت على ضرورة الاهتمام بهذا الجانب من جوانب العملية التعليمية ، والعمل على تطويره في نظامنا التعليمى المعاصر . فقد تناولت دراسة فوزى سليمان (1970م) الخدمات التي قدمت للطلاب في كل من الجمهورية العربية المتحدة ، وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية مع ربط تلك الخدمات بالقوى والعوامل الثقافية الخاصة بكل دولة من تلك الدول ، في محاولة للاستفادة من ذلك في تطوير واقع الخدمات الطلابية بالجامعة المصرية . حيث سعت دراسة خالد الحيدر (1986م) إلى التعرف على الخدمات الطلابية بجامعة الملك فيصل من وجهة نظر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين وتقييمهم لهذه الخدمات ، وتوضيح ما إذا كانت بحاجة إلى تغييرات أو تحسينات من وجهة نظر أفراد العينة ، وكشفت دراسة (1996م) Zammuto عن كفاءة بعض الخدمات الطلابية في إحدى الجامعات الحكومية والتي تأخذ بنظام تقييم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في محاولة لإدخال بعض التعديلات عليها بما يعود بالخير على الطلاب، كما تناولت دراسة كل من لوبيز Lopez (1999م) وشافير بارتولد Schafer barthold ، وهاستنج Hastings (1999م) الخدمات الطلابية بالمكسيك والجامعات الألمانية وكليات المجتمع نظام السنتين بالولايات المتحدةالأمريكية على الترتيب . وانطلاقا من أهمية الخدمات الطلابية ودورها في تحقيق الأهداف التربوية بصفة عامة وأهداف التعليم الجامعي خاصة ، ومن أهمية وضرورة التعرف على آراء المستفيدين من تلك الخدمات وهم الطلبة ، إضافة إلى ما توصل إليه الدراسات من تباين في الآراء حول ما يقدم للطلبة من خدمات ، فالمسئولون يؤكدون أن الجامعة تقدم العديد من الخدمات وبصورة كافية ، في حين يطالب أولياء الأمور والطلبة بالمزيد ، ويؤكدون أن ما هو متاح يقل كثيراً عما يطمحون إليه ، الأمر الذى يتطلب ويبرر إجراء دراسة تتعلق بمحاولة التعرف على آراء الطلبة حول ما يقدم إليهم من خدمات ، ومدى حرص الجامعة على تقديم هذه الخدمات ، بما يمكن أن يسهم في تطوير هذه الخدمات ، وتوعية الطلبة بها، وبكيفية الاستفادة منها . بقلم مشعل بن سيف الشهراني معلم وباحث في الادارة التربوية بجامعة سطام بن عبدالعزيز بالخرج