عشق المستشرق الأمريكي الدكتور "وليام بولك" منطقة الشرق الأوسط والجزيرة العربية حتى النخاع، وساعده مكوثه في عدد من الدول العربية لفترات طويلة، بوصفه صحفيًّا ودبلوماسيًّا وباحثًا، على الإلمام بشكل كبير بتاريخ تلك المنطقة بلدًا تلو الآخر، وما شهدته من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية، كان لها تأثير كبير في تشكيل الخريطة الحالية لمنطقة الشرق الأوسط. واستثمر الدكتور بولك فترة بقائه في المنطقة، وأرَّخ لها بأسلوبه الخاص، وبحيادية، نال عليها الكثير من عبارات الإشادة والإطراء؛ وهو ما جعله من أشهر المؤرخين والمستشرقين؛ لذا تمت استضافته في 100 جامعة وكلية للحديث عن تاريخ المنطقة. واستقبل اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مكتبه بقصر اليمامة الدكتور "وليام بولك"، الذي ثمن خلال الاستقبال جهود خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، والدور الريادي الذي تقوم به السعودية لإحلال السلام الدولي. كما جرى الحديث عن رحلة الدكتور بولك التاريخية للجزيرة العربية، وأبرز محطاتها التاريخية. وُلد وليام بولك في عام 1929 في مدينة "فورت وورث" بولاية تكساس الأمريكية، وهو مستشار السياسة الخارجية في بلاده، كما أنه أستاذ سابق للتاريخ في جامعة هارفارد، وجامعة شيكاغو، وكان رئيسًا لمعهد "ستيفنسون أدلاي" للشؤون الدولية، وهو عضو في مجلس العلاقات الخارجية. نشأ وليام بولك في المدارس العامة في "فورت وورث"، والتحق بالمعهد العسكري في نيو مكسيكو، ودرس في أمريكا اللغة اللاتينية، وعمل في صحيفة روما قبل أن يلتحق بالكلية، وحصل على درجتَيْ البكالوريوس والدكتوراه من جامعة هارفارد، والماجستير من جامعة أكسفورد. كما درس أيضًا في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، وجامعة بغداد، والجامعة الأمريكية في القاهرة. و"لبولك" مشوار مهني حافل بالإنجازات والمناصب المهمة؛ وهو ما ساعده على دراسة تاريخ الشرق الأوسط بشكل مغاير عن كثير من المستشرقين الغربيين الذين لم يكن معظمهم محايدين. عُيِّن بولك بعد ذلك من قِبل الرئيس الأمريكي جون كينيدي في مجلس تخطيط السياسات في وزارة الخارجية، وهناك فضل بولك أن يركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تخصص في دراسات الشرق الأدنى، واختير عضوًا في الفريق الكوبي لإدارة أزمة الصواريخ في عام 1961. وفق “مزمز”. استقال بولك من الحكومة الاتحادية للانضمام إلى جامعة شيكاغو أستاذًا للتاريخ في عام 1965، ودرس لمدة 10 سنوات، وأنشأ مركزًا لدراسات الشرق الأوسط، الذي يتولى فيه منصب المدير المؤسس. وفي عام 1967 أصبح بولك رئيس معهد ستيفنسون أدلاي للشؤون الدولية، وساهم في تنظيم اجتماع "الطاولة روند"، التي وضعت ثوابت الاتحاد الأوروبي قبل تأسيسه، وساهم في التخطيط لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة. وخلال حرب الأيام الستة عام 1967 في الشرق الأوسط عاد إلى واشنطن لكتابة مسودة معاهدة السلام. ومكث وليام بولك فترة في جنوبفرنسا، التي ألَّف فيها عددًا من كتب التاريخ لمنطقة الشرق الأوسط والجزيرة العربية، وحاضر في المعهد الكندي للعلاقات الدولية، ومجلس العلاقات الخارجية، والمعهد الملكي للشؤون الدولية، ومعهد شؤون الاقتصاد العالمي والدولي من الاتحاد السوفييتي (الآن الروسي)، وأكاديمية العلوم، وكذلك في أكثر من 100 جامعة وكلية.