قال مستشار قانوني إن آلاف السعوديين سيكونون عرضة لعقوبات قانون الضرائب الأمريكي الجديد الذي بدأ تطبيقه في بداية شهر يوليو الحالي، مؤكداً أهمية عدم تهاون السعوديين المولودين في أمريكا مع القانون الأمريكي الجديد، خصوصاً بعدما التزمت المملكة رسمياً بالتوقيع على اتفاقية ثنائية مع الولاياتالمتحدة لتنفيذ قانون "فاتكا" بحسب مصادر امريكية رسمية وذلك لحماية البنوك والمؤسسات المالية السعودية من تبعات عدم الالتزام. وقال المحامي بندر بن عبدالله النقيثان الحاصل على ماجستير بالقانون من جامعة هارفرد في حديث نشرته صحيفة" الرياض" إن قانون فاتكا صدر عام 2010، وفاتكا هو اختصار لقانون باسم "القانون الخاص بالالتزام الضريبي الخاص للحسابات الأجنبية ". مضيفاً بان هذا القانون يهدف بشكل أساسي إلى ملاحقة حملة الجنسية الأمريكية أو حملة حق الإقامة في أمريكا (Green Card) الذين يعيشون خارج أمريكا ولا يدفعون الضرائب أو الذين لا يقدمون الإقرارات السنوية المطلوبة للافصاح عن دخلهم وعن حساباتهم المالية، الأمر الذي يعد واجبا على كل أمريكي أو حامل لحق الإقامة في أمريكا (Green Card) سواء أكان يعيش بأمريكا أو خارجها. وتابع النقيثان قائلا: بأن هذا القانون سيفرض على جميع البنوك والمؤسسات المالية عامة حول العالم بلا استثناء والزامها بأن تفصح سنوياً للسلطات الضريبية الأمريكية (IRS)عن حسابات عملائها الذين يحملون الجنسية الأمريكية أو حق الإقامة في أمريكا (Green Card)، وكذلك عن عملائها الذين يشتبه بحملهم لأي من تلك الوثائق وفق مؤشرات محددة. وفي حالة عدم امتثال البنك أو المؤسسة المالية بالإفصاح المطلوب سيواجه البنك أو المؤسسة المالية عقوبة جسيمة تتمثل في الحجز على 30% من أية مدفوعات لذلك البنك أو المؤسسة المالية، وتأتي أهمية هذا القانون بالنسبة إلى أمريكا في أنه سيساعدها في تحصيل الضرائب المستحقة على الأمريكيين في الخارج والمقدرة ب 100 مليار دولار سنوياً. بالإضافة إلى إلزام البنوك والمؤسسات المالية بالإفصاح عن الحسابات المالية العائدة لأشخاص أمريكيين، كما انه يجب على البنوك أو المؤسسات المالية اعتبار أي حساب لديهم قابل للإبلاغ عنه عند توفر مؤشرات محددة على أن الحساب لصالح شخص أمريكي، ومن أهم هذه المؤشرات أن يكون محل ميلاد صاحب الحساب في أمريكا (ما لم يقدم وثيقة تنازله عن الجنسية)، وأن يكون لصاحب الحساب عنوان بريد في أمريكا. وكذلك أن يكون لصاحب الحساب رقم هاتف أمريكي، وأن يقوم صاحب الحساب بالتحويل دورياً لحساب في أمريكا، بالاضافة الى أن يقوم صاحب الحساب بالتوكيل رسميا والتفويض بالتوقيع بما يتعلق بالحساب لشخص لديه عنوان بأمريكا. وقال النقيثان إن هذا القانون دخل حيز النفاذ في مواجهة جميع البنوك والمؤسسات المالية (خارج أمريكا) حول العالم ابتداءً من 1يوليو 2014م. مبيناً بنفس السياق إلى أن جميع البنوك والمؤسسات المالية خارج أمريكا حول العالم ستخضع إلى هذا القانون، بما في ذلك البنوك والمؤسسات المالية الروسية والصينية والسويسرية. مضيفاً بأن بعض البنوك في سويسرا بدأت ترفض قبول عملاء أمريكيين وتطالب بعضهم الآخر بإغلاق حساباتهم لما أصبح يشكله هؤلاء العملاء من مخاطر لا تتناسب مع العائد في العلاقة معهم. مشيراً إلى أن حكومات دول عديدة اعترضت على هذا القانون لما رأت فيه من خرق لسيادتها. واستجابةً لذلك، قدمت الولاياتالمتحدة نماذج لاتفاقيات ثنائية توقعها مع الدول الراغبة في امتثال بنوكها ومؤسساتها المالية لقانون فاتكا بشكل يحفظ لها سيادتها. بحث تصبح الاتفاقية بعد توقيعها جزءاً من القانون الوطني للدولة، ويكون التزام البنك أو المؤسسة المالية بتقديم الإفصاحات المطلوبة حينها تنفيذاً لقانون وطني وليس قانونا أجنبيا. كما تتيح بعض نماذج تلك الاتفاقيات بأن يتم تزويد السلطات الضريبية الأمريكية (IRS) بالمعلومات المطلوبة عبر الحكومة المحلية لتلك الدول، بدلاً من أن يكون تواصل البنوك والمؤسسات المالية المحلية مع السلطات الضريبية الأمريكية (IRS) بشكل مباشر. وفي ظل هذه التطورات قال النقيثان إن عدد الدول التي وقعت مع الولاياتالمتحدة اتفاقية ثنائية لتطبيق أحكام قانون فاتكا على بنوكها ومؤسساتها المالية (أو عبرت عن التزامها رسميا بتوقيع الاتفاقية قبل نهاية هذا العام) بلغ 99 دولة حول العالم، كان من بينها الصين، وسويسرا، وجزر الكايمان (التي توصف بالجنة الضريبية)، وكذلك قطر والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة. مضيفا بانه لا يعني هذا أن القانون لن يسري إلا في تلك الدول، بل سيسري على جميع دول العالم دون استثناء، فالاتفاقية لا تعطي سوى بعض الامتيازات التي تحفظ للدولة سيادتها عند تطبيقه. مشيرا إلى أن عدم تقديم الإقرار المتضمن الإفصاح عن الدخل، أو الإقرار المتضمن الإفصاح عن الحسابات المالية الخاصة به، يعد بحد ذاته مخالفة تترتب عليها عقوبات مالية ضخمة. فعلى سبيل المثال، فإن عقوبة عدم تقديم الإقرار الخاص بالحسابات المالية بشكل متعمد قد تصل إلى 100 ألف دولار عن كل حساب لم يتم الإفصاح عنه، أو 50% من رصيد ذلك الحساب. هذا كله بالإضافة إلى العقوبات والغرامات التي يمكن أن تفرض لعدم دفع الضريبة المستحقة. كما أنه في حالة ثبوت تهمة التهرب الضريبي، قد يفرض على المتهم عقوبة السجن، وقد يستعان بالشرطة الدولية (الانتربول) لتنفيذ ذلك، وكل هذا لن يعفيه من دفع المستحقات الضريبية للسنوات التي مضت بالإضافة إلى الفوائد المستحقة على تلك المبالغ عن المتأخر في سدادها وكذلك الغرامات الجزائية. وعن الحلول للسعوديين المولودين في امريكا والذين لم يتقدموا بالاقرارات السنوية المطلوبة (سواء للإفصاح عن الدخل أو عن الحسابات المالية) ولم يدفعوا الضرائب، قال المحامي النقيثان انه يجب أن يكون معلوماً بأن التنازل عن الجنسية الأمريكية لن يعفي المتنازل عن الضرائب المستحقة السابقة ولا تحمي الشخص من ملاحقات السلطات الضريبية الأمريكية. مبيناً بأن هناك خطأ كبيرا يفعله البعض وهو التنازل عن الجنسية الأمريكية دون إغلاق ملف الضرائب أولاً. حيث إن السلطات الأمريكية لن تعترض على طلب التنازل عن الجنسية وستقوم بتنفيذه، ولكن عند انتهاء اجراءات التنازل عن الجنسية الأمريكية وصدور وثيقة فقدان الجنسية ستقوم السلطات الأمريكية المختصة فوراً بإرسال نسخة من الوثيقة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وإلى إدارة خدمات الهجرة والتجنيس (INS)، وإلى السلطات الضريبية الأمريكية (IRS). وبدورها، ستقوم السلطات الضريبية الأمريكية (IRS) بفحص السجل الضريبي للشخص المتنازل عن الجنسية، وعند اكتشاف عدم ايفائه بواجباته الضريبية (سواءً الإفصاح أو الدفع) خلال السنوات الماضية التي تسبق تنازله عن الجنسية ستقوم بالعديد من الاجراءات. وقال انه بالإضافة إلى مطالبته بدفع الضريبة (مع الفوائد وغرامات جزائية ضخمة جداً) عن السنوات التي مضت، ستعتبر السلطات الضريبية الأمريكية (IRS) جميع الأصول التي يملكها مباعة بقيمتها السوقية قبل يوم التنازل عن الجنسية (كمنزله وعقاراته وأسهمه)، وستفرض ضريبة على جميع الأرباح الرأسمالية التي جناها ذلك الشخص من جراء تملكه لتلك الأصول. ووفقاً للمحامي النقيثان فإنه يجب على طالب التنازل تنظيف سجله الضريبي وإغلاقه أولاً ثم التقدم للتنازل عن الجنسية بشكل فوري قبل استحقاق ضرائب جديدة. مشيرا إلى أنه نظراً لكون قانون الضرائب الأمريكي معقدا للغاية، ويحتوي من جهة على التزامات تفصيلية عديدة، ومن جهة أخرى على مخارج وحلول قانونية عديدة، فإنه ينصح بشدة بأن تتم عملية تنظيف السجل الضريبي عبر أحد المحامين المختصين بقانون الضرائب الأمريكي، وتحديداً في الضرائب على الأمريكيين في الخارج، وذلك لتتم عملية معالجة السجل الضريبي بشكل سليم وبأقل ضرر ممكن. وحول ما اذا سيتم منع المتنازل عن الجنسية الأمريكية من دخول أمريكا مرة أخرى اشار النقيثان إنه ورد في بعض وسائل الاعلام بأنه يمنع المتنازل عن الجنسية الأمريكية من دخول أمريكا وهذا غير صحيح إطلاقاً، بل ستتم معاملته بناء على جنسيته الجديدة كأي أجنبي آخر.