حدث في مثل هذا اليوم : عاد عبدالحكيم عامر في ال 26 من أغسطس آب عام 67 م إلى منزله مقطع الأجنحة مخنوق الحرية مسلوب الإرادة ! دنيا جديدةُ ألقى به إليها صديق عمره توأم روحه جمال عبدالناصر عن حق أو عن غير حق ، ومنح الضوء الأخضر لبعض من أعدى أعداء المشير في حقبة من تاريخ مصر يا ويل من يفقد فيها سلطته ! كانت هذه نقطة اللا عودة ! . لكن فصلاً آخر كان في انتظار تلك المأساة لم يكن يصلح معها إلا أن يختفي المشير عبدالحكيم عامر .. إلى الأبد ! . كان ضباطه الذين استنجدوا به قد ألقي بهم جميعاً إلى المعتقل ، وكذلك إخوته وأبناء عمومته وأصدقائه ، وكان هو نفسه قد انحدر من قمة السلطة إلى سفحها في غضون أيام معدودة إلى أن نزعت عنه حتى حريته الشخصية . وكان خصامه مع صديق عمره توأم روحه جمال عبدالناصر قد وصل إلى نقطة اللا عودة . وفوق هذا وذاك لم يُمكّن من الدفاع عن نفسه أمام مصر وأمام العرب فيما تلى نكسة الخامس من يونيو/حزيران عام 67 م . لماذا إذاً نستكثر على عبدالحكيم عامر وقد كان له تاريخ في هذا الشأن أن يكون قد قرر أن يأخذ روحه بيده .. لماذا ؟؟ لأن هناك من المتناقضات السياسية ومن الملابسات الواقعية ومن التفاصيل الفنية ما يدعونا إلى أن نقف اليوم لحظة أو لحظتين أمام ما يقوله لنا من كانت بين أيدهم السلطة كلها ، ولم يكن أي منها عند إذن بين يديه ! . تمر السنون وتندمل الجراح وتسكن الأحزان لكن الشكوك في ملابسات موت عبدالحكيم عامر تشتعل كل يوم ! . قفلة : يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين معلق أنا على مشانق الصباح وجبهتي –بالموت- محنيّة لأنني لم أحنها حيّة ! هشام الجطيل