على النافذة المطلة من غرفة الصف حمام لا يكف عن الشجار ترقب الصغيرات تحركاته من خلف الزجاج المشغول يتهامسن ويتشاجرن هن أيضا على اختيار اسم لكل حمامة شق ضجيجهن صوت انساب إلى ذاكرتي صوت طفولي أبح صوت غناء رقية : حمام اللي فوق الأغصان غنى غرد وانا بعدك بغرد وغني يطير قل لي وش حصل في زمنا كيف الذي يظلم يعيش متهنى تلك الترانيم التي لا تكف رقية عن ترديدها لم اعبأ بها كثيراً اعتقدت أنها أناشيد أحبتها لمجرد الغناء, واكتشفت متأخرة أنها رموز لواقعها الأليم الطفلة السمراء الهزيلة ذات الملامح الحادة عيناها تحملان أسرار لا تقرأ بصوت عالٍ أتأمل بريقها بهدوء دون أن اثير اسئلة غابت رقية و لم تعد أهازيجها ترفرف بالفصل غابت إشراقة محياها التي تشق الزحام بلا استأذن غابت كغياب الشمس هدوء تتبعه سكينة ****************** هناك .. في الجانب الأيسر من الرصيف أمام إشارة المرور تقف بعباءة حمراء سلبت منها الشمس سوادها وهي تنتظر احمرار الإشارة لتنطلق بين السيارات ويداها ترتعشان وخلفها طفلة لم تتجاوز الثامنة ملامح الطفلة ليست غريبة حادة وهزيلة تشبه رقية تماماً بل هي رقية بعينها بكل تفاصيلها لا يفصل بيني وبينها إلا عدة سيارات أصابني الذهول و لم أفقت إلا بعد أن تحركت الحافلة طرقت نافذة بشدة وانا أنادي برقية شعرت أن الزمن يسير بسرعة أكثر من قبل شعرت كأن حمامةً حطت على يدي لثانية وطارت غابت رقية بين الزحام زحام مختلف زحام جارف لا يعرف أن قهر البراءة محرم لكن هناك في نهاية الطريق خبايا جميلة وحياة أخرى اجمل من الأحلام تنتظر رقية وكل البؤساء