يقول المتنبي: عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ عُدتَ يا عيدُ .. وأمتنا الإسلامية ترزح تحت وطأة الفتن والتمزق والمؤامرات، وتواجه تحديات وظروف معقدة، وتعاني من جروح نازفة منذ عقود، حتى أصبحت بؤرة للصراعات والحروب، ومرتعا لدول الاستعمار والتوسع، تجرب فيها آخر ما توصلت إليه من أسلحة الدمار والفتك، وأساليب وخطط القتال، وتزرع فيها وتدرب عناصرها التجسسية لخلق القلاقل والفتن. عُدتَ يا عيدُ .. وقد عُقد مؤخرا مؤتمر التضامن الإسلامي، الذي يضم 57 دولة إسلامية، تعتبر بمفهوم العدد والتعداد والمساحة قوة عظمى، حيث يبلغ تعدادها حوالي مليار ونصف نسمة ، وتبلغ مساحتها حوالي 32 مليون كم2 أي ما يقارب ربع مساحة اليابسة، ومع هذا العدد وهذه المكانة وهذه المساحة الشاسعة وهذه الموارد الكبرى وهذا الموقع الاستراتيجي، ولكن تظل ورغم كل ذلك أمة معطلة ممزقة، عرضة للمطامع الاقتصادية والاستعمارية، تتصدع أركانها عند أول هزة، وتشتعل فيها المشكلات عند أول شرارة. عُدتَ يا عيدُ .. ولا زلنا نتغنى بماضي الأجداد التليد ، ونفاخر بما وصولوا إليه وحققوه من انجازات، ونذّكر الغرب دائما بأن ما وصول إليه من تقدم حضاري وتقني كان بسبب أجدادنا، الذين أصبحنا نردد منجزاتهم دون أن نكلف أنفسنا أن نعمل كما عملوا، وننجز كما أنجزوا، ونقتفي أثرهم ونختط منوالهم لنعيد الأمجاد والهيبة لأمة تستحق أن تكون في صدارة الأمم، حتى يحق لنا عندها أن نفاخر ونعتز. عُدتَ يا عيدُ .. وكثير من شبابنا لاهون مقلدون معطلون، لا هوية لهم ولا هدف، يجرون وراء كل ما هو غربي، فيتلقفون في انبهار ودون وعي أو تفكير المنتجات والأفكار الغربية، فيطبقونها في حياتهم ظنا منهم أن ذلك من المدنية ومواكبة التطور، إنهم شباب يتحدث عن التطور والحضارة بحماس وانبهار ، دون أن يعمل على تطوير نفسه، أو تحسين وضعه، أو حتى التفكير في مستقبله. عُدتَ يا عيدُ .. وحلمنا توحيد الكلمة، وتماسك الصف، ولم الشمل، ونهضة الأمة وتطورها وريادتها للعالم كما كانت، ولن يتأتى ذلك إلا بوعي الشباب وإدراكهم، واهتمامهم بمعالي الأمور والبعد سفاسفها، وخلع رداء الكسل وعباءة الخمول عنهم ، وشحذ الهمم، والتفكير دائما بصعود القمم، والانتقال من كوننا مستهلكين، تابعين ، مقلدين، الى منتجين، مساهمين، فاعلين. عُدتَ يا عيدُ .. والآمال كبيرة والأحلام كثيرة، وتطلعاتنا لا حد لها. عُدتَ يا عيدُ .. وخلفنا ماضٍ جميل، وحولنا واقع مرير، وأمامنا مستقبل غامض. ألا يكفينا بكاءً على الأطلال، وحسرة على ماضٍ لن يعود. عيد جريس [email protected]