صحف ، قنوات فضائية ، إذاعات ، مواقع تواصل اجتماعي ، منتديات ، محاضرات ، ندوات، والكثير من القنوات والمنافذ التي ترشقنا يوميا بالمعلومات والآراء والأفكار والانطباعات، بعضنا يستقبل ويتبنى ويصادق ويتّبع دون تمحيص أو تفكير أو تحليل، هؤلاء هم من يؤجرون عقولهم للغير، ويتنازلون عن ميزة عظيمة ميزنا الله بها دون غيرنا من المخلوقات، وهي التفكير، فنرى البعض وقد أخلد فكره وعقله لنوم عميق وبات يُقاد ويتحرك بطريقة أشبه بالديناميكية. ولا يكمن خطر هذه العقول المؤجرة في أنها تستقبل فقط دون إعمال للعقل ودون اختيار أو اقتناع، ولكن بعضهم يدافع ويجاهد عند مناقشة فكرة ما أو الاعتراض عليها دون أن يفقه كنه هذه الفكرة أو المغزى من وراءها، فيكون مصادقا ومؤيدا لها ولقائلها، ويطالب بعدم نقدها بل قبولها والتسليم بها لأنها صدرت ممن يرى أنه قد وصل لدرجة يمنع معها حتى مناقشة أفكاره، بل يجب أخذها والاقتناع بها كأمر حتمي مسلم به. قال: لقد أخطأ الدكتور فيما قاله حول الموضوع الفلاني وأرى أن الموضوع كيت وكيت، انتفض أحدهم فجأة وصار يدافع عن صحة وحكمة وبلاغة ما قاله الدكتور ومنزلته العلمية والاجتماعية مع التحذير بعدم تجاوز الحدود ومحاولة التشكيك في آراء العلامة بديع الزمان الفلاني، هذا مثال على أحد المؤجرين لعقولهم المتعصبين لمن يرون أنهم في مصاف الذين لا يتسرب الخطأ إلى كلامهم وآرائهم، بل الصواب دائما حليف ما ينطقون، والصدق هو ما به دائما يتفوهون. عندما يعتاد الشخص أن يكون تابعا ومنقادا وبوقا ومرددا لأفكار غيره لن يستطيع مستقبلا أن يكوّن قاعدة معرفيه وثقافية أو شخصية مستقلة متفردة، بل نجده دائما يتوارى خلف من أجر عقله لهم ولأفكارهم. هؤلاء دائما سيكونون في الظل. عيد جريس [email protected]