نصيحة الحاكم ..... أصلها وضابطها إن تقديم النصيحة لولاة الأمر من شعائر الدين ومن أعظم علامات أهل الإيمان والسنة السائرين منهج سلف الأمة من الصحابة والعلماء الربانيين والأئمة أصلها الكتاب والسنة ، بل النصح لولاة الأمر من أهم مقتضيات البيعة ومن أول أسس السمع والطاعة عَنْ تَمِيمٍ بن أوس الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلنَا: لِمَنْ؟ قال: وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ( رواه مسلم ) . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ) ( رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي بتقديم وتأخير وروى صدره إلى قوله ليس بفقيه رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه بزيادة عليهما ) . قال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله : ( مناصحة ولاة الأمر فلم يختلف العلماء في وجوبها إذا كان السلطان يسمعها ويقبلها ) (الاستذكار8/579 ) وقال النووي- رحمه الله : ( أما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق, وطاعتهم فيه, وأمرهم به, وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف, وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, وترك الخروج عليهم, وتألف قلوب الناس لطاعتهم, قال الخطابي - رحمه الله : ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم, والجهاد معهم, وأداء الصدقات إليهم, وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة, وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم , وأن يدعى لهم بالصلاح ) (شرح صحيح مسلم 2/227 ) وبعد هذه النصوص والأثار والأقوال التي تدل على فضل هذه الشعيرة العظيمة ووجوبها على القادرين عليها لابد لنا من أمر أخر يجب علينا معرفته الا وهو كيف تكون هذه النصيحة لولاة الأمر ؟لابد بل هي الطريقة المشروعة للنصح للحاكم الإسرار بها فيما بينك وبينه وعلى ذلك جاءت النصوص والأثار الصحيحة ومنها : عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلا كان قد أدى الذي عليه ) . (أخرجه الإمام أحمد ورواه ابن أبي عاصم في السنة ) و عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال: ( أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟! والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه ) (.رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم) قال النووي رحمه الله : ( موضحا قصد أسامة قوله “أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ ) وَقَالَ عِيَاض : ( مُرَاد أُسَامَة أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَاب الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ ، بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَنْصَحهُ سِرًّا فَذَلِكَ أَجْدَر بِالْقَبُولِ ) . (فتح الباري) وعن سعيد بن جبير- رحمه الله – قال : قال رجل لابن عباس- رضي الله عنهما : آمر أميري بالمعروف ؟ قال : ( إن خفت أن يقتلك, فلا تؤنب الإمام , فإن كنت لا بد فاعلا ففيما بينك وبينه) . (رواه ابن أبي شيبة) وفي الختام إعلم أخي المبارك أن هذه هي الطريقة الشرعية والطريقة الأثرية السنية من هدي سلفنا الصالح في النصح والإنكار على ولاة الأمر وعليك الحذر مما يخالف هذه الطريقة من الطرق البدعية والمحدثة والتى لم تجلب للإسلام والمسلمين خيراً قط , أسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لما فيه نصرة الإسلام وعز المسلمين, وأسأله أن يحفظ جميع بلاد المسلمين أمنها وإيمانها ويكفيها شرأعدائها الغالين في الدين والجافين عنه من أهل الأهواء والبدع والضلال والإلحاد أجمعين ........... آمين والحمد لله أولاً وأخراً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن سار على هداه وأقتفى أثره الى يوم الدين . كتبه محمد بن سريع العجمي عضو الدعوة والإرشاد بمحافظة الخرج عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية