شدني كثيراً ما يقدمه الأستاذ الدكتور : عبدالكريم بن محمد الحسن بكار – حفظه الله تعالى – من برامج في القنوات الفضائية , ومقالاته المكتوبة التي تشكل منبعاً فكرياً ؛ لما فيها من أفكار مترتبة تصل إلى القارئ بوضوح تام , ناهيك عن ديباجته البلاغية المتينة وانغماسه في الإهتمام بالقضايا الفكرية والإجتماعية المعاصرة في زمن التحديات , متناولاً لها بسكينة وحكمة , مستمسكاً بالأصول والضوابط الشرعية. وقد وقعت أسيراً - بالفعل - في هذا الإنتاج الفكري العالي منذ أن دخلتُ إحدى المكتبات الإسلامية ووقع بصري على أحد كتبه , فلم أتمالك نفسي إلا بقراءة معظم محتوياته , ثم انطلقتُ مسرعاً لصاحب المكتبة طالباً منه جميع إصدارات المؤلف , وبعد رجوعي للمنزل وضعتُ برنامجاً محدداً للإستفادة منها , فقضيتُ أجمل أيامٍ في قراءتها وتأملها سائلاً الله - العلي القدير - أن ينفعني بها . أما الفوائد التي استفدتها من هذا الإنتاج الفكري الرائع فكثيرة جداً , لأن كل كتاب زاخر بفوائد عظيمة , فآثرتُ - من باب المصلحة العامة - أن أخرج بعض ما استفدتهُ من هذه الفوائد بجمعها في هذ المقال المسمى باللآلئ الفكرية – وحُقَّ له ذلك – وقد ذيلتُ كل فائدة باسم الكتاب المستفادة منه , سائلاً الله تعالى أن يجازي المؤلف خيراً , وأن ينفع بهذه الفوائد , ومن أهمها ما يلي : اللؤلؤة الأولى : الفكر الليبرالي تَشَكَّل في أوربا من أجل كسر هيمنة رجال الكنيسة على الحياة العامة , وكانت الحرية وحق الاختيار هما أساس ذلك الفكر لكن نعرف أيضاً أن (الليبرالية) تتكيف مع المجتمع الذي تكون فيه , ولهذا فليس هناك ليبرالية واحدة وإنما هناك ليبراليات كثيرة. (كتاب : الصحوة الإسلامية) اللؤلؤة الثانية : الفكر الإسلامي هو عبارة عن مجموعة من الرؤى والتحديات والطروحات والاجتهادات التي توصل إليها العقل السليم من خلال اشتغاله على النصوص والأحكام الشرعية.(كتاب : المناعة الفكرية) اللؤلؤة الثالثة : ومن الملاحظ أن كثيراً من المصلحين والدعاة باتوا يركزون على نحو واسع في مسألة فقه الواقع وهذا منهم مؤشر إلى النضج والوعي بمتطلبات المرحلة.(كتاب : تكوين المفكر) اللؤلؤة الرابعة : الداعية والواعظ والمربي والمتحرك في نطاق الشباب كل هؤلاء لايرتاحون في الغالب للطرح الفكري العميق ولا للتفلسف والتنظير حيث يلمحون في ذلك نوعاً من الجهد غير المسوغ. (كتاب : نهوض التفكير) اللؤلؤة الخامسة : الأمة بحاجة إلى الداعية والمصلح والمفكر والمتخصص وسيؤدي كل واحد منهم واجبة بطريقة نافعة , شريطة أن يعي كل واحد من هؤلاء طبيعة دوره وحدوده , وشريطة أن يصغي إلى ما لدى غيره ويحاول الاستفادة منه من أجل تطوير مالديه وهذا يحتاج إلى التخلص من عقدة التفرد والتحلي بالتكامل. (كتاب : نهوض التفكير) اللؤلؤة السادسة : من المهم أن يشتغل بالقضايا الإصلاحية واحداً أو اثنان في المائة من أهل الخير والعلم. وعلى الباقين أن ينشغلوا بحماية المجتمع من التحلل الخلقي , وينشغلوا بنشر العلم وتربية الناشئة وإعدادهم للمستقبل. (كتاب : نهوض التفكير) اللؤلؤة السابعة : إذا أردت أن تعرف المستقبل , فانظر إلى الماضي ففيه عبرة وعظة وجواب عن كثير من التساؤلات وحسم لكثير من الأوهام والخيالات. (كتاب : وقفات للعقل والروح) اللؤلؤة الثامنة : المستقبل يولد من رحم الحاضر , وإن زماننا سريع التقلب والتغيير والتطور , وإن استشراف المستقبل والإعداد له يجب أن يتم من أفق تحسين قرارات الحاضر ؛ إذاً كلما كانت قراراتنا في التعامل مع واقعنا أكثر رشداً وأكثر حكمةً توقعنا بإذن الله تعالى مستقبلاً أكثر أمناً وازدهاراً. (كتاب : نهوض التفكير) اللؤلؤة التاسعة : إن عواطفنا وأحاسيسنا هي التي تشكل البنية العميقة لنا , فالإنسان يكون إنساناً ليس على مقدار تفكيره , ولكن على مقدار مشاعره وعواطفه. (كتاب : تكوين المفكر) اللؤلؤة العاشرة : نحن الصحويين مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالاهتمام بالتربية الروحية والاجتماعية , وإعداد الجيل الجديد للحياة من أفق رؤيتنا الجديدة للفرص المتاحة والتحديات الماثلة. (كتاب : الصحوة الإسلامية) اللؤلؤة الحادية عشر : العولمة تستخدم القوة الناعمة أو الذكية التي تعتمد على الجاذبية والإغراء , وليس على الترغيب والترهيب , ومع هذا فإنها تخترق العالم , وتحدث تأثيرات سياسية وثقافية واقتصادية تستعصي على العد والحصر (كتاب : الصحوة الإسلامية) اللؤلؤة الثانية عشر : إن الفكر الإسلامي سوف يكتسب من المناعة والحصانة والقابلية للاستمرار على مقدار ما يملك من التوازن في بنيته العميقة بين الثوابت والمتغيرات وبين المثالية والواقعية وعلى مقدار ما يملك من المرونة والفهم والاستيعاب وفي تقديم الحلول. (كتاب : المناعة الفكرية) اللؤلؤة الثالثة عشر : نحن على المستوى الفكري في حاجة إلى جهاز مناعة مماثل من أجل حماية فكر الأمة من التدمير ومن أجل إبقائه في حالة من النشاط المكافئ للتحديات التي تواجهنا.(كتاب : المناعة الفكرية) اللؤلؤة الرابعة عشر : إن المسلم الملتزم والواعي بشجون عصره سيواجه من الآن فصاعداً المزيد من الشعور بالغربة وإن عليه أن يعد نفسه للاستفادة من هذا الشعور كي يجعل منه وقوداً روحياً في حركة التحرير: تحرير الذات وتحرير الأمة وبناء المستقبل.(كتاب : المناعة الفكرية) اللؤلؤة الخامسة عشر : تجربتنا الإسلامية في الماضي والحاضر , تنطلق من أن النصر الحقيقي الذي افتتحت به الحضارة الإسلامية انطلاقتها كان على مستوى النفوس بتحريرها من حب الدنيا , ومن الطموحات الصغيرة , كما كان على مستوى العقول بتحريكها وتشغيلها , وفك أسرها من أغلال الخرافة والأوهام والتقاليد.(كتاب : رؤى ثقافية) اللؤلؤة السادسة عشر : لا تحتاج الأمة اليوم إلى من يتكلم باسمها وإنما تحتاج إلى وعي جديد يدفعها إلى أن تعمل أفضل ما يمكن عمله في ظل الظروف والمعطيات. (كتاب : المتحدث الجيد) اللؤلؤة السابعة عشر : إن الحضارة التي نعيش في ظلالها اليوم حضارة صورة وشكل وإن من غير الحكمة أن يتجاهل الدعاة ذلك على نحو كلي. (كتاب : المتحدث الجيد) اللؤلؤة الثامنة عشر : الملاحظ اليوم انجذاب كثير من المثقفين إلى فلسفات خارجة عن هدي الوحي , وعن مقاصد الشريعة الغراء . كما أننا نلاحظ كذلك تركيزاً إعلامياً غير مسبوق على إشاعة المعارف المتعلقة بالقوة والتفوق واللذة , واكتشاف المجهول , مع إهمال مقصود أو غير مقصود للمسات والطروحات الفكرية المرتبطة بالفضيلة والهداية ؛ مما أدى إلى ارتباك الوعي المسلم المؤسس على الالتصاق بمعاني التدين الحق , واتخاذ الكثير من سلوك السلف محكاً مرجعياً له . وهذا في الحقيقة عامل تأخير وانحطاط أكثر من أن يكون عامل بعث وارتقاء. (كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة التاسعة عشر : إن الآراء والأفكار والنظم التي ننتجها بغية إصلاح شأننا العام , تحمل على نحو دائم طابع البيئة الثقافية والاجتماعية التي نشأنا فيها , فالثقافة التي نتشبع بها ليست مجموعة معلومات وأقوال , وإنما هي أنساق من النظم التي تحدد طريقة تفكيرنا , وتعاملنا مع كل ما حولنا.(كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة العشرون : النقد هو الذي يجدد الأبنية الفكرية , حين يصقلها , ويجعلها في حالة من التوهج والإشعاع. (كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة الحادية والعشرون :إن انحباس الحركة الإصلاحية في كثير من بلاد المسلمين , يعود في جزء منه , إلى أن المكتبة الإسلامية تعج بعشرات الألوف من الكتب والرسائل التي يزج بها سنوياً , لكنها خالية – تقريباً – من الكتب التي تدل الإصلاحيين على موطن الخلل والقصور في أعمالهم ؛ والعجيب أن النقد الذاتي معدوم , والنقد الغيري مرفوض وليس أمام من يتألم على الطاقات المشلولة , والإمكانات المهدرة سوى الثناء أو السكوت. (كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة الثانية والعشرون : لا حظ كثير من الناس أيضاً أن كثيراً من الأفكار التي تدعو إلى الاستقلال العقلي , ومسايرة روح العصر , وقد ولدت لدى معتنقيها نوعاً من العتمة الروحية , مما أدى إلى التحلل من كثير من القيود الأخلاقية التي كانت محترمة من قبل . وهذا في اعتقادي ليس نتيجة مباشرة لقبول الأفكار الجديدة , وإنما يحدث بسبب إهمال الجوانب الروحية لدى هذا الفريق من الناس.(كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة الثالثة والعشرون : بعض المفكرين العرب خفضوا الثقافة كلها إلى نسق من أنساقها , وهو النسق المعرفي , وشطبوا النسق الروحي والعاطفي , بل النسق الأخلاقي أيضاً ؛ وكأن الأفكار والمعطيات العلمية والبحثية , هي التي تسير الوجود ؛ وهذا خطأ فادح ؛ فالبشر كائنات عاطفية في المقام الأول وكثير من مشروعاتنا المصيرية لا يقوم على أساس عقلاني , فاختيار شريكة الحياة – كما اختيار الأصدقاء – كثيراً ما يقوم على أساس عاطفي , وأحياناً مصلحي . وكانت النتيجة لذلك أن عالم أولئك المفكرين والباحثين ظل مفعماً بمشاعر الوحشة والمرارة والجفاء. (كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة الرابعة والعشرون : ومن الملاحظ اليوم أن المفتونين بالحضارة الغربية , لا يهتمون بصحة الأفكار , ولا بمدى انسجامها مع الأفكار والقيم الإسلامية التي تشكل صلب ثقافتنا بمقدار اهتمامهم بفاعلية تلك الأفكار , وتأثيرها في تحسين الإنتاجية , مع أن الفكرة أو القيمة التي لا تجد لها أساساً في البنى العميقة للثقافة قد تتحول فاعليتها من وسيلة بناء إلى وسيلة هدم. (كتاب : تجديد الوعي) اللؤلؤة الخامسة والعشرون : وتزداد أهمية التفكير في زماننا هذا بسبب وفرة المعلومات إلى حد إرباك الذهن , وصار لدينا مجال متسع للتحليل في كل قضية من القضايا , كما كثرت الاحتمالات الواردة في كل مسألة من المسائل , حتى أصبح من الممكن أن يتلقى معظم مايطرح من آراء بالقبول وبتنا في وضع لا نحسد عليه. (كتاب : اكتشاف الذات) اللؤلؤة السادسة والعشرون : أبرز صفات المفكر أنه يمتلك رؤية نقدية شاملة ينقل من خلالها تناقضات مجتمعه والصعوبات التي يعاني منها إلى حس الناس وأعصابهم . فإذا ما حرمت أمة هذا النمط من الرجال , وأوجدت صعوبات عطلت وظائف التبصيرية فإن تأزماتها مرشحة للبقاء والتجذر والتوسع. (كتاب : فصول في التفكير الموضوعي) اللؤلؤة السابعة والعشرون : إن نقد الذات سيظل مقياساً دقيقاً للوعي بالذات وللوعي بالماضي والحاضر , والأمة التي تحرم منه تحرم من خير كثير. (كتاب : فصول في التفكير الموضوعي) اللؤلؤة الثامنة والعشرون : لدى بعض المثقفين العلمانيين نوع من الهلع من توبة بعض زملائهم أو ملاينتهم للإسلاميين , لأنهم يريدونها حرباً لا هوادة فيها , وهم يظنون أنهم بذلك يحمون الجهود التنويرية التي يبذلونها من الارتباك والنكوص. (كتاب : الصحوة الإسلامية) اللؤلؤة التاسعة والعشرون : أبرز سمة من سمات نظرة الإسلام للإنسان التوازن والاعتدال ؛ فلا يطغى الاهتمام بشؤون الآخرة على إعمار الأرض وتلبية متطلبات العيش السوي , كما لا يطغى الاهتمام بالدنيا على القيام بما يتطلبه الفوز بالآخرة. (كتاب : اكتشاف الذات) اللؤلؤة الثلاثون : فإن مسلم اليوم مطالب بأن يبحث عن التوازن في كل مظاهره وأشكاله : يوازن بين إمكاناته وطموحاته , وبين حاضره ومستقبله , وبين حاجاته الروحية والفكرية , وحاجاته المادية , وبين خصوصياته وعلاقته الاجتماعية , وإنما نقول ذلك ؛ لأن المرء حين يصاب بأزمة كبرى – كما هو حاصل الآن – يفقد حاسَّة الاتزان لديه , ويصبح الاستغراق في شيء على حساب شيء آخر مرضاً عاماً أشبه بالوباء , وانظر إلى إشعاعات قول الله – جل وعلا – : ((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)). (كتاب : اكتشاف الذات) أبو خلاد ناصر بن سعيد السيف 8 ربيع الأول 1433 ه https://twitter.com/#!/abu_khalad