في عام 1982م وقعت أشنع وأوسع حملة عسكرية شنها النظام السوري وكانت ضد مدينة حماة بدعوى التصدي للمعارضة وتطهير المدينة مما يسمى بالمخربين، استمرت هذه الحملة لمدة 27 يوما تقريبا، يذكر الخبراء أن هذا الاجتياح البربري الذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين لم يسبق له مثيل منذ العصور الوسطى ، استخدم في هذا الاجتياح آليات لا تستخدم إلا في الحروب في ظل إعطاء الضوء الأخضر من قبل النظام السوري للقوات العسكرية لتفعل ما تستطيع في سبيل القضاء على المعارضة وتأديب كل من يناهض النظام. ذكرت صحيفة النوفيل أوبزرفاتور الفرنسية بتاريخ 30 نيسان 1982: "في حماة، منذ عدة أسابيع، تم قمع الانتفاضة الشعبية بقساوة نادرة في التاريخ الحديث.. لقد غزا ( حافظ ورفعت أسد) مدينة حماة، بمثل ما استعاد السوفيات والأمريكان برلين، ثم أجبروا من بقي من الأحياء على السير في مظاهرة تأييد للنظام، صحفي سوري مندهش قال موجهاً كلامه لأحد الضباط: رغم ما حدث، فإن هناك عدداً لا بأس به في هذه المظاهرة. أجاب الضابط وهو يضحك: نعم، ولكن الذي بقي أقل من الذين قتلناهم". كما ذكرت مجلة الإيكونومست في عددها الصادر في (مايو) 1982 تحت عنوان أهوال حماة: "إن القصة الحقيقية لما جرى في شهر شباط في مدينة حماة الواقعة على بعد 120 ميلاً شمال دمشق العاصمة لم تعرف بعد وربما لن تعرف بداً. لقد مرّ شهران قبل أن تسمح الحكومة السورية للصحفيين بزيارة خرائب المدينة التي استمرت تحت قصف الدبابات والمدفعية والطيران ثلاثة أسابيع كاملة. ونتيجة لذلك فإن قسماً كبيراً من المدينة القديمة القائمة في وسط البلد قد مُحي تماماً، وسوّي مؤخراً بواسطة الجرافات". ونحن نشاهد هذه الأيام توالي الأحداث في سوريا وما تتعرض له المدن والبيوت من مداهمات عشوائية، وزج كل من يخرج أو يتحدث ضد النظام في السجون والمعتقلات، يعتصرنا الألم لما يحدث وبخاصة أن جيش النظام شن هجوما على مدينة حماة من جهاتها الأربع وبدأ بالقتل والتدمير العشوائي مما يعيد إلى الذاكرة تلك المأساة المروعة التي ارتكبها حزب البعث وينذر بمجزرة أخرى ستتعرض لها هذه المدينة، ويطرح تساؤلا مؤلما وهو هل ستتكرر تلك المذبحة المرعبة؟ وهل سيقف المجتمع العربي والدولي مكتوف الأيدي أمام ما يحدث كما فعل سابقا؟. نسأل الله الكريم أن ينصر أهلنا في سوريا، وأن يثبّتهم على الحق والإيمان، وأن يقيهم ظلم الحاقدين وبطش الظالمين. عيد جريس [email protected]