قبل ما يزيد عن العام كتبت مقال بعنوان - السعودة حلم أم حقيقة – تناولت فيه بعض العوائق التي أدت إلى عدم نجاح السعودة بالشكل المرضي، وذكرت بأن السعودة ستظل حلماً إذا إستمر الوضع على ماهو عليه، وبالرجوع إلى نتائج الإحصاءات التي صدرت مؤخراً يتضح لنا جلياً بأن نسبة السعودة للخلف درّ، حيث إرتفعت نسبة البطالة إلى 10% وزاد عدد العاطلين عن العمل إلى مايقارب نصف مليون عاطل يحمل نصفهم الشهادة الجامعية، وفي هذا المقال سأكتفي بالحديث عن مكتب العمل في الخرج. لا شك بأن ارتفاع نسبة البطالة مع إزدياد المشاريع وتوسع الشركات في المملكة بشكل عام يؤكد بأن النهج الذي تسلكه مكاتب العمل حالياً في توظيف الشباب بالقطاع الخاص مازال دون المستوى المأمول، وبالنظر إلى محافظة الخرج نجد بأن لدينا أعرق وأكبر الشركات لإنتاج الألبان في العالم وليس بالمملكة فحسب، إضافة إلى ذلك فإن بيانات الغرفة التجارية في الخرج تؤكد بأن هناك مايقارب ثمانمائة وثمانية وستون شركة ومؤسسة مسجّلة رسمياً، عدا الشركات الكبرى التي لها فروع في الخرج ولم تدرج في الغرفة التجارية، وبإستثناء المؤسسات الفردية الصغيرة التي يأتي تصنيفها في الدرجة الرابعة، فمن المفترض أن هذه الشركات والمؤسسات بإمكانها تدريب وتوظيف جميع الشباب العاطلين بالخرج في وظائف مناسبة وبرواتب جيدة. ووفق سجلات مكتب العمل في الخرج للعام 1430/1431ه يتضح بأن عدد السعوديين الذكور العاملين في القطاع الخاص وصل إلى أربعة آلاف موظف في المقابل فإن عدد الموظفين غير السعوديين المدرجين في مكتب العمل بلغ مايقارب مائة وأربعة آلاف موظف، أي بمعنى أن نسبة السعودة حسب هذه البيانات لم تتجاوز 4% وهذا بالطبع أمر مؤسف للغاية لاسيّما إذا علمنا بأن نسبة السعودة المعتمدة حالياً 30% والنسبة المنصوص عليها في نظام العمل بالمادة السادسة والعشرون البند الثاني ذكرت بشكل صريح ألا تقل النسبة عن 75%. في الواقع لا نعلم ماهو الدور الذي يمارسه مكتب العمل في الخرج مع هذه الشركات والمؤسسات في ظل هذه الأرقام، وكم عدد الجولات التفتيشية التي قام بها والمخالفات التي تم رصدها وتسجيلها، وكم عدد مرات نقل الكفالة والتأشيرات التي صدرت من مكتب العمل مقابل عدد المواطنين الذين تم تسجيلهم وتوظيفهم بشكل فعلي وليس بشكل وهمي، وكم عدد المتقدمين الذين تخللت ملفاتهم في قوائم الإنتظار دون حصولهم على وظائف، وكم مقيم يعمل بمهنة مقصورة على السعوديين أو يعمل في مهنة غير مهنته الفعلية، وكم مقيم تم إستقدامه وهو بالأصل غير مؤهل للمهنة التي أستقدم عليها، ومايزيد الأمر غرابة بأن هذه الشركات والمؤسسات الوطنية لديها القدرة على إستيعاب هذا الكم الهائل من غير السعوديين وليس لديها القدرة على إستيعاب أبناء البلد. لقد سئمنا من سماع القصص والحكايات التي يتناقلها رجال الأعمال ورؤساء الشركات، بأن الشاب السعودي ليس لديه القدرة أو الرغبة في العمل أو أنه لايقبل إلا بالوظائف الإدارية والمكتبية، فكم من شاب عاطل وطموح يصرخ بأعلى صوته وينادي يامكتب العمل نريد عمل! وإذا إفترضنا جدلاً بأن هناك نسبة منهم لم يستقرون في وظائفهم فقد نجد لهم العذر، فكيف للشاب الإستقرار دون أن يجد الدعم والتوجيه والتوعية الكافية من مكتب العمل، ودون أن يجد التطوير والتدريب والإهتمام منكم يارجال الأعمال، وكيف له أن يتكيف مع بيئة العمل ويستطيع السباحة مع أسماك القرش! دون أن يمنح كافة الوسائل المساعدة لضمان نجاحه وإستقراره. على مكتب العمل مسئولية كبيرة في توظيف شبابنا العاطلين ووضع حد لهذه الشركات والمؤسسات وللسعودة الوهمية! وعليه أن يفرض على كل شركة أو مؤسسة ترغب في الإستقدام أونقل الكفالات تقديم خطة سعودة لاتقل مدتها عن خمس سنوات وعدم الإكتفاء بنموذج حصر الشواغر المعمول به حالياً مع الأخذ بالإعتبار توظيف أخواننا المعاقين، وحفظ هذه الخطة في ملف كل شركة بمكتب العمل وإلزامها بتوقيع إتفاقيات تدريب وتوظيف مع صندوق تنمية الموارد البشرية يتم على ضوئها منح التأشيرات للشركة بشكل تدريجي وذلك مقابل توظيف 10% على الأقل سنوياً بعد التأكد من أن سوق العمل لاتوجد فيه الكوادر الوطنية المؤهلة، وبهذا الإجراء سيتمكن مكتب العمل من القضاء على السعودة الوهمية وحصر الإستقدام للوصول للهدف المنشود بإذن الله في سنوات قصيرة مع خلق الفرص المناسبة لشباب المحافظة وتأهيلهم وتدريبهم بالشكل المطلوب. دمتم بخير.