نظرة تاريخية لسياسة القمع الإيرانية اتجاه القوميات والأقليات الدينية منذ عهد الأخمينيين حتى الثورة الإيرانية السياسه الاباده بدات في زمن دخول الاقوام الاريائية الهمجية 1500 ق.م الي هضبة ايران ؛ فدخول الاريائين كان نذيرا بالشوم والدمار والهلاك الي الاقوام الاصلية التي كانت في الهضبة؛ بحيث ادي دخول الاقوام الاريائية الي الهضبة الي دمارو امحاء الحضارات الاصلية كاغوتيين واللولوبيين والكاسيين وحضارة اوراروتو المتطورة و ** والحضارة الوحيدة التي وقفت سدا في وجه المد الاريائي هي حضارة عيلام؛ ولكن في القرن السادس قبل الميلاد هذه الحضارة هزمت من قبل امبراطورية الاخمينية بقيادة قوروش . تأسست الامبراطوريه الاخمينية بيد قوروش سنة 550 ق.م وكان هذا الأخير قد استطاع هزيمة وفتح كل الحضارات القديمة والمتفوقة والمتطورة في الشرق الأوسط كالعيلاميين وبابل وفينيقية وليديا بقوه السلاح مع إن ملوك الأخمينيين حتى نهاية حكم خشايار الاول 465 ق.م استمروا بتوسيع إمبراطوريتهم على حساب الممالك المجاورة ولكن في نفس الوقت امتازوا بسياسة التسامح الديني ولعل المشهد السلبي الوحيد الذي ذكره التاريخ عن الأخمينيين هو قتل قمبيز العجل المقدس بعد فتحه لمصر في زمن الاخمينيين حدثت ثورات كثيرة ولكن لا يذكر التاريخ بان ملوك الاخمينين أبادوا شعبا بسبب قوميتهم او ديانتهم على الرغم من القتل والإعدامات والتعذيب التي أجراه ملوك الاخمينيين في حق الثوار وكانت أعدادهم بالآلاف ومن طرق التعذيب البشعة التي كانوا يستخدموها ضد الثوار على سبيل المثال: “يدفنون الناس أحياء حتى الرقبة ويطعمونهم العسل والحليب والخبز وبما إنهم مدفونين ولا يستطيعون دفع ما أكلوه؛ تنموا في أجسادهم الدود والحشرات وهم أحياء سقطت حضارة الأخمينيين بيد الاسكندر الكبير سنة 330 ق.م؛ وأدى موت اسكندر إلى تقسيم امبراطوريته بين قادته وبالنسبة إلى ممتلكات اسكندر الأسيويه فكانت حصة سلوقس؛ وفي سنة 64 ق.م سقطت سلوكيا وقامت على أنقاضها الإمبراطورية الاشكانية البارثية التي كان نظام حكمهم شبيه بحكم ملوك الطوائف؛ فكل جزء من إمبراطوريتهم كان يحكمه ملك شبه مستقل أو عائله حاكمه والإمبراطور كان يسمي بشاهنشاه أو ملك الملوك بسقوط الاشكانيين وظهور الساسانيين سنة 224 م؛ بدأت مرحلة جديدة في تاريخ إيران لم تعرفها من قبل؛ مرحلة بإمكاننا القول إن النظام الحالي في إيران هو استمرارية هذه المرحلة وهي دخول الدين والكهنة في كل أجزاء و أركان السياسة وبالواقع وبدون مبالغه يمكن القول بان كهنة الزرادشتية هم الذين كانوا يحكموا البلاد والملك كان آلة بيدهم وقوه الكاهن الأكبر كانت إلى حد بأن عزل ونصب الملوك كان بيده إذا أردنا أن نقارن قوة الدين والكهنة في السياسة وتأثيره على الملوك بين الساسانيين وما قبلهم ؛مع إن روحانيين أو الكهنة الزرادشتية كان لهم مجلس خاص في زمن الإشكانيين ولكن أكبر عمل ديني عمل من قبل ملك قبل الاشكانيين كان تجميع افستا -الكتاب المقدس للزرادشتية- من قبل بلاش الاول (55 م الي 77م ) ملك الاشكاني ولم يكن لهم سلطان بالحكم. أدى تدخل الكهنة الزرادشتية في الحكم إلى بزوغ ظاهرة جديده في زمن الساسانيين المتمثلة في إبادة الأقليات الدينية مثل المانويون في زمن بهرام الثاني بأمر من كرتير الكاهن الأكبر وإباده 16000 مسيحي بأمر من شابور الثاني سنة 341 م ( أمر شابور بإبادة جميع المسيحيين الساكنين في الإمبراطورية ولما رأى بأن القرى الغربية وبين النهرين كلها مسيحيه وقد خلت من سكانها؛ أمر بإن القتل يقتصر على القسيسين والرهبان والراهبات ) وذبح مئات آلاف من المزدكيين أو دفنهم أحياء بأمر من أنوشيروان والجدير بالذكر بإن المسيحيين في الامبراطوريه أكثرهم لجئوا من بطش روما في عهدها الوثني إلى إمبراطورية الاشكانية بسبب تسامحها الديني. ( قصة الحضارات - ويلدورانت ) أيضا ظهرت ظاهرة جديده في فتره حكم الساسانيين وهي الفكر العنصري والتمييز العرقي؛ فملوك الساسانيين كانوا يدعون بأنهم من نسل أباطرة الاخمينيين وهذا التفكير وبقوتهم العسكرية جعلت منهم ملوك متكبرين وأدى هذا الفكر العنصري إلى مذابح عرقية كثيره في الامبراطورية ومنها مذابح شابور الثاني للعرب وصلب شيوخ العرب من أكتافهم حتى سُمي “بذي الاكتاف” وأيضا الإبادة الجماعية التي أجراها خسروبرويز في أورشليم ودمشق سنة 611 م إذا ما قرأنا تاريخ الطبري أو الكامل في التاريخ وردود فعل الفرس ووصفهم للعرب ؛ بسهوله وبوضوح ندرك الفكر العنصري المتطرف عند الساسانيين شكل العنصرية بعد إنهيار الساسانيين تغير كليا في ايران؛ لأن في زمن الساسانيين العنصرية في الناس العامة لم تكن متطرفة وكان لها شكل عادي والعنصرية المتطرفة كانت عند الطبقه الحاكمة والملوك خصوصا؛ ولكن بعد الإسلام هذا الأمر تغير وخصوصا في أواخرالقرن الثاني وأوائل القرن الثالث ففي هذه الفتره نشاهد بإن رجال من العامة قادوا ثورات ومعارك ضد الخلفاء العباسيين كثورة بابك الذي أبدع دين جديد عندما قام بمزج الزراتشتية والمانوية والمزدكية؛ ومازيار واشتهر أيضا يعقوب ليث الصفاري الذي أسس أول حكومة مستقلة عن العباسيين وشن حروب و معارك ضدهم ولكن في أواخر القرن الرابع والقرن الخامس أخذت العنصرية اتجاه آخر عند الفرس؛ ففي القرن الثالث و بأمر من يعقوب صفاري قام محمد وصيف الذي كان كاتبا ليعقوب الصفاري بقول أول شعر في اللغة الفارسية فأخذت العنصريه عند الفرس تتجه نحو الأدب والشعر ففي هذه الفتره ظهر الشعر الملحمي عند الفرس وبهذا بدأت العنصرية تظهر في القصائد ومن أشهر الشعراء في ذلك الوقت مثل دقيقي وأما عنصري وأشهرهم فردوسي الذي كتب ملحمة شاهنامه ( أو كتاب الملوك ) والذي يتحدث عن الفخر والإعتزاز بملوك و أبطال الفرس ما قبل الاسلام والذي كان بعضهم من صنع الخيال كرستم وزال؛ ففي الشاهنامه التي تتكون من 60000 بيت لا نجد أكثر من 800 كلمه عربية وسبب هذا الأمر هو كرهه للعرب و امتناعه المتعمد لاستخدام الكلمات العربية صحيح إن قبله بقرنين كان هناك شعراء مثل بشار بن برد الذي كان من الموالي ووالده كان من أسراء تخارستان؛ كانوا يستهزئون ويستحقرون العرب ولكن في النهاية أشعارهم كانت باللغة العربية لا الفارسية يقول علي بن احمد بن حازم في كتابه تاريخ العرب: “أن الفرس كانوا من سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم وجلالة الخطير في أنفسهم أنهم كانوا يسمون أنفسهم الأحرار والأبناء وكانوا يعدون سائر الناس عبيداً لهم فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطراً تعاظم الأمر وتضاعفت لديهم المصيبة وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى ففي كل ذلك يظهر الله سبحانه وتعالى الحق وكان من قائمتهم سنبادة واستاسيس والمقنع وبابك وغيرهم علي عكس السلاله البويهيون التي كانت تتبع سياسة التسامح؛ الزياريون وخصوصا في زمن مرداويج ( مردويه) بن زيار كان يتبع سياسة القمع بالنسبه للعرب فانه كان يقول: ساحيي مجد امبراطورية الساسانية. (تاريخ الخلفاء سيوطي) ان مجزره مدينة همدان التي كان فيها بعد مدينة طالقان وشيراز واصفهان اكبر تجمع عربي في داخل ايران في ذلك الوقت و التي استمرت يومين والذي قتل فيها العشرات الالاف جرت بامره. اول ما عمله مرداويج لما وصل للحكم هو إحياء التقاليد المجوسية القديمة بعد هزيمة اللساسانيين وبعد ان اصبح ملكهم بيد العرب المسلمين في سنة 651 حتي سنه 1925 تاسيس المملكه البهلويه علي يد رضا خان استغرق 1274 سنة وفي هذه المده 24 عائله حكمت؛ من بين ال 24 عائلة كان 5 منهم فرس والبقيه اما عرب ( الامويون والعباسيون والمشعشعيون والكعبيون )؛ اما لر ( الزندية ) والباقي اما اتراك اما مغول؛ ومن بين 1274 سنه التي اذا جمعنا مدة حكم الفرس علي ايران وجمعنا سنين حكم العائلة الخمسة؛ مدة حكمهم لا يزيد علي 250 سنة اخر سلاله فارسية الاصل التي حكمت ايران قبل الغزنويين كانت ال بوية التي سقطت سنه 447 هجري؛ وهذا الامرجعل العنصريه الفارسيه تكبر مع الزمن وتتبدل الي بركان ثائر في زمن البهلويين والنظام الديني الحاكم إذا قلنا إن تأسيس الدولة الصفوية في إيران أهم حدث تاريخي بعد هجوم المغول ومن أهم أحداث تاريخ إيران على العموم ما أخطأنا، فبقيامها اتخذت إيران المذهب الشيعي الاثناعشري مذهبا رسميا، وكان لهذا التحول آثاره البعيدة في تاريخ إيران خاصة وتاريخ العالم الإسلامي عامة؛ أيضا إذا قارنا ظلم الصفوين مع المغول ما أخطاءنا تأسست الدولة الصفوية سنة 1501 للميلاد؛ الصفويون كانوا من سلالة شيخ صفي الدين الاردبيلي ( التركي النسب ) الذي كان صوفيا ولكن له انتماءات سياسية، الملك اسماعيل الصفوي أسس الدوله الصفوية عندما كان عمره 14 سنه فقط وحتى مماته عندما كان عمره37 سنة نشر المذهب الشيعي بقتله مئات الآلاف وربما الملايين من أهل السنة فمدن كثيرة اختفى أهلها كلها بسبب إنهم كانوا سنه مثل مدينه ماهان في مركز إيران التي قتل كل أهلها وقتله لمئات آلاف من سكان تبريز واصفهان وشيراز وهمدان وقزوين وحتى وصف دكتور حسين خنجي بمجازر الصفويين وخصوصا شاه اسماعيل الصفوي بان عدد الناس اللذين قتلهم أكثر من عدد الناس الذي قتلوا بيد المغول الغالبية العظمى من الإيرانيين بصرف النظر عن عرقهم القومي كانوا سنة وقليل من الناس كانوا مسلمون شيعة أو ديانة أخرى في بدء تأسيس الصفوية ولكن لما مات الشاه ( الملك ) اسماعيل الصفوي كان العكس فعدد أهل السنة في إيران كان قليل إلى حد الاستغراب. أهم صفة لإسماعيل الصفوي بالتعامل مع أهل السنة انه كان لا يهتم إذا كان الذي يحاوره عالم ديني أو من عامة الناس كما إنه قتل التفتازاني أكبر علماء السنة في إيران ورمى بنته وزوجته الى جنوده ؛ ولكن معاملته مع الديانات الأخرى كالمسيحيين واليهود والزراتشتيين كانت معاملة حسنة نسبيا أول من أجرى سياسة التطهير العرقي في العهد الصفوي كان الشاة عباس الثاني ( الكبير ) على عكس أسلافه الذين كانوا يركزون على التطهير المذهبي ولكنه اتخذ سياسة معتدلة نسبيا فهو لم يقم بمجازر بل قام بتهجير الأقوام من موطنهم إلى ناحية أخرى مثلا قام بإجلاء الآلاف من الأكراد من كردستان إلى خراسان والآلاف من اللر من لرستان والبختياريين من جبال بختياري إلى مناطق أخرى وهذه سياسة استمرت حتى الدولة الأفشارية؛ فنادر شاه اتخذ نفس السياسة ولكن بشكل أعنف العصر الحديث / البهلويون والنظام الديني الحاكم منذ بداية العصر الحديث في زمن رضا شاة بهلوي؛ امتاز شكل العنصرية في عصر البهلوية بإن الوسائل و الأهداف تغيرت كليا؛ أولا: الهدف الأساسي كان القوميات العرقية لا الديانات والمذاهب؛ ولأول مرة ظهرت سياسة تفريس الاقليات كما انة مازال الهدف الرئيسي ، ثانيا:لم يكن هدف الشاة مثل السلالات التي سبقته وهو السيطرة السياسية فقط؛ بل بغضه وعداوته للأقليات العرقية الغير الفارسية على الأخص الأقلية العربية ثالثا: بهدف انمحاء الثقافات الغير الفارسية وبشكل مباشر الثقافة العربية؛ منع الأقليات من ارتداء ملابسهم التقليدية وكشف الحجاب للنساء إجباريا وإجبار الرجال على لبس ملابس صممتها وخصصتها الحكومة رابعا: تستهدف سياسة التفريس والعنصرية على الأقليات بشكل عام وعلى العرب بشكل خاص ( والسبب لأن المنظمين لهذه السياسة كانوا يعتقدون بأن كل الأقليات غير العربية في إيران من العرق الاريائي إلا العرب ولهذا تركيزهم الرئيسي لتطبيق هذه السياسة كان على العرب ) خامسا: لأول مره في تاريخ إيران بعد الإسلام اعتماد سياسة استيطان أقوام الغير العربية في المحافظات العربية (فاستنادا بكتاب كارستن نيبور الرحاله الالماني الدنماركي الذي جاب منطقة الخليج في أواخر القرن ال18 لم يكن هناك مدن غير عربية على الساحل الشرقي للخليج ولكن الآن وبفضل سياسة الاستيطان الذي اتخذته الحكومات الإيرانية من عهد رضا خان إلى الآن فعدد الفرس والأقوام الغير عربية أصبح أكثر من العرب الذين هم السكان الأصليين في تلك المدن مثل ابوشهر وبندرعباس ومعشور والخ ) سادسا: كانت هذه السياسة بتوجيه من مثقفين عنصريين والجدير بالذكر إن معظمهم من الأقليات العرقية ولم يكونوا فرس أصلا مثل سعيد نفسيي واحمد كسروي؛ ناصر انقطاع ( تركيوا النسب )و برويز ورجاوند ( لري الأصل ) واسدالله علم ( عربي الأصل ) وتحت قيادة العقل المدبر والمنظم الرئيسي لهذه السياسة والذي كان فارسي زردشتي الديانه وهو دكتور افشار يزدي قد يستغرب القارئ في تأكيدي على الملابس؛ لكن أمر رضا شاه في توحيد الملابس كان يشمل على القبعة التي أسماها ( كلاه بهلوي ) أو القبعة البهلوية وعدم التزام الرجال في لبسها كان أحيانا عقوبته المتمرد منهم السجن وأحيانا الإعدام أما بالنسبة لشعب منبوذ كالعرب فالعقوبة كانت أكبر وفي الواقع كانت أشد وأظلم ؛ لأن العرب لم يعيروا اهتماما لهذه الأوامر ووقفوا وصمدوا في وجه الطاغية وأوامره التعسفية والنتيجة كانت إن رضا شاه أمر بدفن عشرات من شيوخ القبائل والعشائر وهم أحياء وترحيل المئات قسرا من العائلات العربية سيرا على الأقدام إلى محافظات غيلان ومازندران أقصى شمال إيران الذين مات الكثير منهم في الطريق يمتاز عهد محمد رضا والحكومة الدينية الحالية بان سياسة التفريس كانت متمركزة على المحافظات العربية ومع إن محمد رضا استمر في منهج أبيه في قمع وتفريس الأقليات وخصوصا العربية لكن بسياسة مختلفة؛ فسياسة محمد رضا كانت تأسيس منشئات صناعية في المحافظات الغير الفارسية وخصوصا المناطق المأهولة بالعرب واستخدامهم في الأعمال البسيطة والمتواضعة وإسكان الفرس في المحافظات العربية ببناء البيوت والمستوطنات لهم وإعطائهم خدمات مجانية واستخدامهم في الوظائف المهمة ؛ ففي زمن محمد رضا الاستثمار في بناء المصانع في محافظه خوزستان ( الاحواز ) كان يوازي الاستثمار في جميع المصانع في إيران من حيث القيمة المالية وهذه المصانع غير المصفاة لمصانع البترول والغاز التي تمتاز بها المحافظة إن منشئات البتروكيمياويات في مدينة معشور ومدينة عبادان ؛ محطات طاقة الكهرباء رامين وزرقان؛ محطة كهرباء دارخوين النووية ( التي لم تستكمل بسبب حرب ايران مع العراق )؛ مجموعة مصانع صلب الاهواز والمجموعة الوطنية لصناعة الصلب؛ مصانع الاسمنت؛ منشئات اقا جري لاستخراج وتصفية الغاز و غيرهن من أهم المصانع التي تأسست في عهد محمد رضا بهلوي في المحافظات العربية؛ ففي زمن محمد رضا الاستثمار في بناء المصانع في المحافظة خوزستان ( الأحواز ) كان يوازي الاستثمار كل المصانع في إيران من حيث القيمة المالية ؛ والمشاريع الزراعية الكبيرة مثل تقسيم الأراضي الزراعية بين المزارعين في سنة 1963 الذي الشاة قام بتسميته بالثورة البيضاء في الحقيقة سياسة الشاه بالنسبة للعرب كان مزيج من الحرمان الإجباري للشعب من أكثر حقوقه؛ إلى جانب إعطائه بعض الامتيازات الابتدائية والمتواضعة لسهولة تفريس الشعب ( بالأخص الشعب العربي )و تطبيق سياسته التطهيرية للقوميات والمزج العرقي إلا أن من جهة الدين والمذهب لم تتعرض الأقليات لقمع كثير من قبل الحكومة البهلوية خصوصا في زمن محمد رضا الأقليات العرقية والدينية في عصر الحكومة الدينية (منذ عام 1979 إلى الآن ) ومقارنتها مع الحكومة البهلوية لا نبالغ إذا قلنا ما تعانيه الأقليات الدينية والعرقية في هذا العصر من الظلم والاضطهاد والإعدامات والاعتقالات والتعذيب كان الأسوأ من زمن الصفويين إلى الآن؛ فالمنهجية التي تتخذها الحكومة الدينية بالنسبة للأقليات ( وخصوصا العرب ) فريدة من نوعها وقل نظيرها في التاريخ؛ سواء تاريخ إيران أو تاريخ البشرية، فان الحكومة الدينية الإيرانية في ظاهرها حكومة دينية ولكن إذا راجعنا تاريخ الثورة منذ نشأتها سنة 1963 حتى الآن ندرك بان نظرة مؤسس الثورة السيد خميني (الذي هو من أصول هندية) وخليفته السيد خامنة اي الي الدين هي نظرة الوسيلة للوصول إلى الغاية والتي كانت تتغير مع تغيير الأحوال في العالم والمنطقة والأمور الداخلية ولهذا القمع الجاري في إيران لا يخص قوم أو مذهب بل في إيران كل القوميات وكل المذاهب تجري عليهم كل أنواع سياسة القمع والاضطهاد ولكن حجم ومقداره يتغير حسب القومية والمذهب والأوضاع الداخلية في البلاد فالثورة بدأت بكذب وخداع وتزوير والخميني وأعوانه وأنصاره استفادوا من الدين كوسيلة لخداع الشعب بهدف الإطاحة بالشاه؛ والوصول إلى الحكم واستمر الاستفادة من قناع الدين لبدء حرب بين ايران والعراق؛ فاستفيد من الدين لاستمرار الحرب مع دولة اسلامية واستمرت هذه الاستفادة من الدين بقتل وقمع المخالفين للنظام ( مجزرة صيف 1987) وقتل الاقليات خصوصا العرب ( مذابح الاربعاء السوداء في مدينة المحمرة سنة 1979 وسنة 2000 في الاهواز سنة2005 ) ومذابح اكراد قارنا سنة 1979 و... وتزوير وصية خميني علي يد رفسنجاني وخامنه اي للاطاحة بايت اللة منتظري اللذي كان نائبا لخميني و في مقابلة مع الإذاعة الفرنسية في تاريخ 14.9.1978 قال خميني: “لا نقصد من الحكومة الدينية بإننا كعلماء دين نحكم؛ بل نحن لن نكون إلا مجرد ناظرين للأمور” وفي مقابلة في باريس 7.11.1978 قال:”أنا شخصيا لا أرغب ( في الحكم ) وحتى لو رغبت فان كهولة سني ومرتبتي الاجتماعية ( كعالم ديني ) لا يسمحوا بان أتقبل مسئولية في الحكومة الجديدة” وفي كتابة تحرير الوصية يقول: “العالم الديني لا يجب أن يعمل عمل أخر غير التعليم ونشر التوحيد والتقوى وتعليم القوانين السماوية ونشر الأخلاق وتهذيبها ( كشف الأسرار ص 208 ) ولكن بعد إن انتصرت الثورة واستقر له الأمر تغير كل شئ؛ وهذه بعض من الحوارات والمقابلات بعد الثورة/ في جلسة له مع مندوبي لمجلس الشورى في جماران 17.8.1981 :”لتعلموا أن لا احد غير علماء الدين يستطيعوا بان يتدخلوا ويعملوا في السياسة ولا تظنوا بأنكم تستطيعوا بان تزيحونهم ( يخاطب اليساريون والأحزاب العلمانية والمعارضة ) ما إن انتصرت الثورة حتى بداء خميني بالتصفيات السياسية والتي بدأت بالإعدامات لكبار النظام الحاكم السابق واستمرت والتي مازالت مستمرة بقمع العشوائي الأقليات؛ ففي 13.2.1979 بأمر من خميني نصب الخلخالي بمدعي العام وبدا بالإعدامات لمسئولين سابقين وما إن انتهى بداء بالإعدامات في الأقليات القومية و أهمهم العرب والأكراد ولما تأسست محكمة الثورة في 24.2.1979 بداء قمع الأقليات تأخذ طريقا مشروعا وقانونيا؛ أيضا بداء بالتصفيات للعلماء الدين الكبار الذين كانوا يطالبون بحقوق الأقليات كايت اللة الشيخ محمد طاهر شبير الخاقاني (الزعيم الروحي لعرب ايران ) وتم اعتقاله ونقله إلى مدينة قم ووضعه تحت الإقامة الجبرية وهو أول زعيم ومرجع ديني كبير يتم اعتقاله بعد انتصار الثورة؛ والعلماء الذين كانوا يخالفون دخول الدين في السياسة أو منتقدي نظرية الولاية الفقيه كالسيد شريعتمداري ( الذي أنقذ خميني من الإعدام ) والسيد محمد الشيرازي والشيخ حسن ألقمي وعلماء آخرون اللذين كانوا قد أبدوا وجهات نظر مخالفة لأراء خميني الذي حول الإسلام إلى مجرد وسيلة للتسلط على رقاب الشعوب في إيران من خلال ابتداع نظرية ولاية الفقيه إن شكل ومنهج سياسة قمع الأقليات العرقية في إيران في العهد الحكومة الحالية وخصوصا العرب وهي استمرارية لسياسة التفريس لنظام البهلوي لكن بشكل أعنف وأقسى بحد أنة لا يقارن مع العهد السابق؛ لان كما قلنا الشاه كان يعطي امتيازات لتسهيل إجراء السياسة و لكن السياسة التي اتخذتها الحكومة الدينية فهي بدون اعطاء امتيازات ( لأنها تظن إعطاء الامتياز للأقليات ضعف ومذله ) تعمل ما تشاء وتستمر بإجراء سياساتها القمعية بحق الأقلية إن الشاه في سنة 1963 اجري سياسة تقسيم الأراضي التي أسماها الثورة البيضاء ولم يستثني قوم أو شعب في اتخاذ وإجراء السياسة ولكن الحكومة الدينية الحالية اتبعت منهج مصادرة الأراضي بالقوة ( حتى سنة 2006 أكثر من 500000 هكتار من أراضي زراعية للعرب صودرت من قبل الحكومة والتي أكثرها خصبة وعلى ساحل الأنهار مثل نهر قارون ) وسياسة منع المزارعين من زرع الأراضي التي تتخذها فقط في المناطق العربية لا غير وسياسة التفريس العلنية التي تتخذها الحكومة بحق العرب ( عدم السماح بتسمية المواليد بأسماء عربية مثل وائل ونائل وعمر وعثمان و ... ) إلا إذا كانت دينية؛ والاستمرار بتسمية القرى الجديدة بأسماء فارسية وكذلك المدن والأنهار والشوارع ؛ إضافة إلى انتشار قرار حكومي سري بكيفية التعامل مع العرب وتفريسهم بتوقيع خاتمي ( مبدع نظرية حوار الحضارات ) في زمن رياستة التي أدت إلى انتفاضه سنة 2005 واستشهاد المئات و إلقاء القبض على الآلاف من العرب أيضا الشاة لم يتخذ سياسة توطين الشعوب الغير عربية في المناطق العربية بشكل مفرط والمناطق الفارسية التي كانت في مستوطنات صغيره في المدن العربية أو بجانب المدن ولكن الحكومة الحالية بدأت ببناء مدن لغير العرب في قلب المناطق العربية وأيضا اتخذت إعطاء تسهيلات مالية وإهداء أراضي لبناء بيوت لغير العرب؛ و إنشاء وبناء مؤسسات خدمية هائلة مثل الماء الصحي والكهرباء والمستشفات والمدارس والطرق وبالمقابل فإن المناطق العربية التي لا تبعد سوى بمئات الأمتار من المناطق الفارسية تفتقر لهذه الخدمات سياسة تغيير مجرى الأنهار التي مصبها المناطق العربية إلى الأنهار المتواجدة بالمناطق الفارسية ( كتغيير مسار نهر كارون إلى أصفهان وكاشان وكرمان ) ومنع الماء عن العرب سياسة اتخذت من قبل الحكومة والتي لم نشاهدها في العصور السابقة مع إنها كلفت الحكومة بمليارات الدولار وقد بدأت بعهد رفسنجاني وأوجها في عهد خاتمي وحتى في الأزمة الاقتصادية التي شهدتها إيران بسبب تخفيض سعر البترول استمرت و بشكل أكبر أما بالنسبة للعمل والتوظيف في المديريات أو المصانع الحكومية فالأولوية للفرس الذين يسكنون في المناطق العربية هذا إذا لم يستخدموا الموظفين من المدن الخارج من المناطق الغير العربية ولم يأتوا بهم ( مثل استخدام 300 موظف غير عربي من مدن بهبهان ودزفول ومسجد سليمان في محطة الكهرباء في مدينة عبادان العربية واستيطانهم في المدينة ) توزيع المخدرات بأسعار منخفضة وشبة مجانية واحدة من أهم السياسات والطرق التي اتخذتها الحكومة في المناطق العربية؛ فالمخدرات التي سعرها بعشرات الآلاف في المناطق الغير عربية سعرها يكون أقل بكثير في المناطق العربية أيضا شملت هذه السياسة تأسيس مؤسسات حكومية مثل ستاد عشاير ( منظمة المسؤولة عن الأمور العشائرية ) التي تعمل علي نشر البيارق ونشرا لفتن بين العشائر والقبائل العربية خصوصا سياسة الرعب التي اتخذتها الحكومة لزرع الخوف في الشعب العربي بتعذيب وإعدام العرب والناشطين السياسيين ورمي أجسادهم في الأنهار حتى يراهم عامة الناس وهي سياسة منحصرة في المناطق العربية ولأول مرة اتخذت الحكومة منهج ووجه جديد لتوجيه الاتهامات وتبرير للإعدامات وهو إنها تتهم السياسيين بتوريطهم بتجارة المخدرات واتهامهم بتغيير مذهبهم إلى المذهب السني زرع الكره للعرب في قلوب الشعوب الغير عربية ( حتى بالنسبة لمواطنين العرب ) وهذه السياسة استمرارية سياسة البهلوية صحيح إن الحكومة سمحت للعرب أن يكون لديهم نواب في المجلس ولكن المندوب العربي هو الوحيد الذي لا يحق له أن يقول خطابه بلغته العربية وأيضا المندوب الوحيد الذي لا يحق له أن يدخل المجلس بملابسة التقليدية؛ إن زرع الكرة بالنسبة للعرب كان واضحا حتى في المجلس؛ حين طالبوا مندوبي العرب في المجلس 1.5% من سعر منتجات بترول التي أكثر من 90% منة تستخرج من حقول في المناطق العربية؛ واجهت هذا القرار اعتراض و ردود فعل عنيف من قبل مندوبي المجلس أما بالنسبة للأقليات القومية الأخرى فان سياسة القمع تمركزت أولا على الأكراد وبعدها البلوش وبالنسبة للسياسة الدينية فالحكومة الدينية تمركزت أولا على أهل السنة والجماعة في المناطق العربية والتركمانية والعربية وبعدها البهائيين والطريف بالأمر بان الاضطهاد والقمع لا يشمل الزراتشتيين فهم مواطنين لهم حقوق ككل مسلم إن السياسات القمعية والطرق البعيدة عن العدالة التي تقوم بها الحكومة الدينية بشعوبها وخصوصا العرب لا ينتهي وكما يلاحظ القارئ أكثرها جديدة وفريدة من نوعها سواء كان في تاريخ إيران السابق وحتى التاريخ الحديث وكلها مدروسة وذات تخطيط منظم ويكفي قولا ودليلا بأن نذكر إن بعد انتصار الثورة أهم شخصية سياسة وثقافية بهلوية التي لاقت دعم من خميني ولم يتم إعدامه ( في وقت الذي كان يعدم حتى الحطاب بمجرد معرفة انه من محبي النظام السابق ) الدكتور افشار يزدي مؤسس ومبدع الفكر العنصري الفارسي المتطرف مقارنة تاريخية هذه كانت نبذه من تاريخ إيران وتعامل الفرس مع الشعوب الغير فارسية وخصوصا العرب ونلاحظ بأن الشعوب في ثلاثة مراحل تاريخية قمعوا واضطهدوا بسبب عرقهم أو ديانتهم أكثر من باقي المراحل وهي الفترات التي كان الحكام يحكمون باسم الدين ولكن أكثر مرحلة قمعوا الأقليات هي الأزمنة التي كان الحاكم الديني ( الكاهن ) نفسه يحكمهم؛ صحيح إن في عهد الساسانيين والصفويين كان الحكم دينيا ولكن في النهاية كان هناك ملك إلى جانب العالم الديني أو الكاهن وكان هناك شبه موازنة؛ مع إن كفة الميزان في زمن الساسانيين كانت مع الكاهن وكفة الميزان في زمن الصفويين كانت مع الشاه ( الملك ) ولكن في الحكم الديني الحالي لا يوجد مقارنة فالميزان فيه كفة واحده وهو الولي الفقيه الذي ملك رقاب الناس و باسم الدين يقتل ويقمع الشعوب والأمر يصبح أكثر خطرا ومعقدا حين يقول بأنة منصوب من الله والاختلاف معه تعني الكفر والإلحاد ومخالفة الله وأن مرضاتي هو رضا الله حتى لو كانت بمعصية. 1