تناولت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية الأزمة السورية، وقالت إن البلاد تشهد سلاما يصنعه "النسور" الروس والأتراك، ممثلين بكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن روسيا وتركيا تقتسمان الغنائم في سوريا دون إشراك الولاياتالمتحدة، وإن وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران التقوا لبحث الأزمة السورية في موسكو قبل أيام دون أن يبلغوا أي مسؤول أميركي أو يدعونه للحضور. وأشارت إلى أن روسيا وتركيا أعلنتا الخميس الماضي عن توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بين النظام السوري والمعارضة المعتدلة المناوئة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وأن موسكو وأنقرة أعلنتا أيضا عن عزمهما عقد مؤتمر في كزاخستان الشهر القادم لبحث السلام في سوريا. ووصفت الصحيفة هذه الخطة الروسية التركية بأنها تمثل سلام "النسور" حيث تقوم القوتان بالإضافة إلى إيران بالتفاوض على الأشلاء الدامية للشعب السوري بحيث تقدم مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط . إعلان موسكو وقالت الصحيفة إن الإعلان عن الهدنة في سوريا -التي تسري اعتبارا من أمس الجمعة- يمثل علامة على تضاؤل نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة، وعلامة أخرى على بدء الوفاق بين الرئيسين بوتين وأردوغان اللذين قررا اقتسام الغنائم في سوريا بدلا من الاقتتال عليها. ورجحت الصحيفة أن تقوم روسيا بالضغط على الأكراد في سوريا الذين يحاولون السيطرة على أجزاء في شمال سوريا وإقامة كيان لهم على الحدود التركية. وأوضحت أن الرئيس أردوغان يريد أن يمنع هذه الشريحة من الأكراد من إقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا على حدود بلاده يتماشى مع الكيان الكردي في العراق أو إقليم كردستان العراق. وقالت إن الرئيس أردوغان يحتقر الطاغية بشار الأسد لكنه وصل إلى نتيجة مفادها أن الأميركيين لن يساعدوه على الإطاحة به، وبالتالي فإن أردوغان وجد أن الروس يمكن أن يساعدوه في الضغط على الأكراد. تعزيز مكانة وأضافت الصحيفة أن بوتين يحاول أن يثبت للعالم أن روسيا تقف إلى جانب أصدقائها على عكس الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما والأميركيين، وأن روسيا تحاول أن تمضي في تعزيز مكانتها المتنامية بوصفها قوة في الشرق الأوسط. وأضافت أن الخطوة الروسية بشأن السلام في سوريا من شأنها أيضا الدفع بالولاياتالمتحدة إلى الهامش، وإلى استرجاع روسيا مكتسباتها الإستراتيجية في المنطقة كالتي سبق للرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر أن حققاها في سبعينيات القرن الماضي. وأوضحت أن الرئيس بوتين سيسعى أيضا للحصول على قواعد عسكرية في الشرق الأوسط. وقالت إن "النسور" ممثلين في روسيا وتركيا وجهوا إهانة قوية للولايات المتحدة ممثلة بالرئيس أوباما، لكنهم سرعان ما يوجهون الدعوة إلى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من أجل أن تبارك لهم خطوة السلام في سوريا في مقابل التعاون في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. وأوضحت أن بوتين قد يشن بعض الغارات على تنظيم الدولة بين الحين والآخر في مقابل أن تقوم أميركا برفع العقوبات عن روسيا ومقابل تقديم الولاياتالمتحدة بعض التنازلات لوكلاء بوتين في شرقي أوكرانيا. وأضافت أن إيعاز بوتين إلى مستشاريه بعدم طرد دبلوماسيين أميركيين من بلاده كرد على خطوة أوباما على روسيا هو جزء من هذه الحسابات. وقالت إن السياسة الخارجية التي تبناها أوباما وأدت إلى تراجع الدور الأميركي على المستوى العالمي هي التي سمحت للاستبداديين بالزحف والتقدم في العالم أكثر من أي وقت مضى منذ سبعينيات القرن الماضي. واختتمت بالقول إن الدرس المأساوي في سوريا يتمثل في القول إنه عندما يطير الصقر بعيدا فإن النسور تبدأ بالاقتراب.