رفضت جمهورية مونتينيغرو " الجبل الأسود " الطلب الروسي بشأن إقامة قاعدة روسية عسكرية في مدينة بار البحرية قبل سنتين . وجاء الطلب الروسي بعد أن أحست روسيا بأنها ستضطر لمغادرة قاعدتها في طرطوس السورية وإن هزيمتها الشرق الأوسطية باتت حتمية منذ وقئذ . لكن انضمام هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة للناتو جعل روسيا تنحدر لهاوية كبيرة . توقف منذ أيام نيناد بوبوفيك زعيم حزب الشعب الصربي في موسكو . وهو الحزب الذي تأسس في ديسيمبر قبل سنتين خارجاً من الحزب الديموقراطي الذي يتزعمه فويسلاف كوشتونيتسا . وهذا الحزب أضحى جزءاً من الإئتلاف الصربي الحاكم منذ انتخابات نيسان الماضي بزعامة ألكسندر فوتشيك . أحاديث الساسة الروس والصرب عن منظومة ألدول البلقانية المحايدة خرجت للعلن بعد قرار بوتين الذي أفضى إلى انسحاب قواته من سوريا . هذه القوات التي ما انتصرت في حرب واحدة منذ الحرب العالمية الثانية وللآن . بل تلقت شر الهزائم الواحدة تلو الأخرى . أكد الخبراء والمراقبون البلقانيون أن ما يشهده البلقان الآن من صراع يقود إلى حرب عالمية . وقال هؤلاء إن الإنسحاب الروسي من سوريا جاء بسبب الإحتدام المشتعل بين روسيا والغرب بما لم يسبق له مثيل في هذه المنطقة التي تشتعل بؤرها الآن . ويظهر صراع القوتين الروسية والبريطانية بشك جليّ في الوقت الراهن . ولما اكتشفت روسيا أن بريطانيا تعمل على توسع نفوذها بلقانياً سارعت وعلى الفور بإعلان انسحابها من سوريا . فالسياسات الدولية الراهنة ذات علاقات معقدة بين الشرق والغرب . ووجهتها تكمن في لعبة البوكر البلقاني بما يحتم على الجميع انتظار اندلاع لهيب الحرب العالمية القائمة . ألا يكفيكم أصدقائي الأعزاء أن عرفتم بزيارة الأمير تشارلز من ويلز وزيارة الرئيس الروسي بوتين للبيت البلقاني . والآن عاد الأمير تشارلز فيليب آرثر جورج نجل الملكة إليزابيث الثانية وزوجته كاميلا دوقة كورنوال إلى البلقان ليظهرا قوة بلدهما وتأثيره في البلقان . ومع الزيارة أعلن بوتين فجأة انسحاب قواته من سوريا . ستستمر زيارتهما حتى التاسع عشر من الشهر الجاري وستشمل كرواتيا , صربيا , مونتينيغرو وكوسوفا . في ذات الوقت الذي أخذت فيه روسيا تعمل على تأسيس رابطة البلدان البلقانية المحايدة . هذه هي الزيارة العاشرة للأمير تشارلز فزيارته الأولى تمت عام 1978 . حينئذٍ , زار صربيا , كرواتيا , ألجبل الأسود والبوسنة والهرسك . وتشارلز زار كرواتيا والبوسنة والهرسك أربع مرات لكنه زار مقدونيا مرة واحدة فقط . وبموازاة ذلك , أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نيته زيارة سلوفينيا في تموز المقبل التي تحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسها . وكان رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف قد زارها العام الماضي . وسلوفينيا عضو في الإتحاد الأوروبي والناتو . ومع أنها أولى جمهوريات يوغوسلافيا البائدة التي نالت انفصالها وانضمت للناتو والإتحاد الأوروبي بسرعة , إلا أن رئيسها بوروت باخور بعث دعوة رسمية لبوتين ليحضر احتفال تأسيسها . وذكرت وسائل الإعلام السلوفينية إن حضور بوتين يمثل رمزاً للصداقة السلوفينية الروسية . صحيفة المساء السلوفينية قالت في تحليلها للدعوة إنها بعد جديد لسياسة البلاد الخارجية . هذا البعد الذي تفسره الولاياتالمتحدة بأنه يرفض عزل روسيا ومثلها تأتي دعوته من قبل النمسا وفنلندا . ألأستاذ الجامعي ستويان سلافيسكي علق على ذلك بقوله : " وما دام الإتحاد الأوروبي والناتو عاجزان عن ضم بلدان البلقان فإن حكوماتها ستعمل على توازن في علاقاتها مع روسيا " . وأضاف : " لقد شهد البلقان صراعات الدول الكبرى على مر التاريخ فانهارت بسببها حضارات وبزغت أخرى " . وذهب مثله المحلل الجيوسياسي البلغرادي ألكسندر بيشيك الذي قال : " وأضحى التنافس الشرقي الغربي في بلادنا تناحرا " . وفي ذات السياق يقوم الوزير البريطاني لشؤون بريطانيا ديفيد ليدينغتون بزيارة إلى مقدونيا يوم غد . تفتيت يوغوسلافيا وتفكيكها تم مطلع تسعينيات القرن الماضي . وخلق حالة جيوسياسية جديدة تطورت أحداثها حتى امتدت إلى دمشق وكييف . فقد شاهدنا أسلحة ومرتزقة تأتي منها . وجاء منها من يدعمون شعب سوريا . فزادوا جوف روسيا هلعا .وتأجج صراع الغرب مع الشرق وسنتابع مجريات الحرب القادم لهيبها.