غادرت الولاياتالمتحدة العراق تاركة إياه لقمة سائغة لاستخبارات عدوتها الحالية إيران , وقد تترك أفغانستان للهند قريباً . وها هي تخشى التصادم مع الإستخبارات الروسية التي باتت تخترقها بالعينين اليونانية والصربية في البلقان , فأفولها قادم حتماً حال اشتعال أي جبهة في العالم , فما عادت قادرة على التحكم بنتائج أيٍّ منها بعد فشلها في تحقيق أهدافها السابقة من مغامراتها الفاشلة . فكلمات العلاقات الودية والصداقة الحميمة والدعم والتضامن وتطابق وجهات النظر حيال جميع القضايا الإقليمية والدولية , غمرت مقالات الصحفيين وتقاريرهم وتحليلات المراقبين والمتابعين منذ اليوم الأول لزيارة الأيام الثلاثة التي قام بها الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش لليونان . حيث التقى بنظيره اليوناني كارلوس بابولياس ومن ثم برئيس البرلمان فانغيليس ميماراكيس . تلك الكلمات كانت عناوين وسائل الإعلام الصربية التي ذكرت إن إن موقف اليونان بشأن استقلال كوسوفا لن يتغير قطعاً , وهو الموقف المتطابق مع موقف روسيا تماماً , ويتطابق موقف البلدين ( صربيا واليونان ) مع موقف النظام القمعي السوري في كل ما يقوم به من جرائم وحشية ليتطابق كذلك مع الموقف الروسي القذر حيال الثورة الشعبية السورية . ولقد قال الرئيس اليوناني في تصريح : "إن الأوضاع الجيوسياسية تجعل اليونان وصربيا يظهران تعاضدهما حيال جميع القضايا القومية والإثنية والعرقية في البلقان . ولم يتطرق إلى النزاع على إسم مقدونيا , لكنه أبلغ ضيفه بموقف بلاده الرسمي من أزمة قبرص والمشاكل مع الجارة مقدونيا . علماً بأن نيكوليتش وقبل زيارته , صرح بأن صربيا جاهزة للتوسط بين مقدونيا واليونان لحل مسائل الخلاف بينهما ". الحليفان التقليديان , اتخذا كل التدابير اللازمة بلقانياً بعد يوم واحد من إعادة انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة . فالمحلل الصربي دوشان يانييتش يؤكد أن الولاياتالمتحدة ستفتح جميع ملفات البلقان العالقة مطلع العام المقبل أي بعد مراسم تنصيب أوباما ويرى المراقبون أن ذلك هو من أكبر ضرورات الإدارة الأمريكية التي تخشى توسع الحرب في الشرق الأوسط منطلقة من سوريا التي جعلت الأحلاف العالمية العسكرية تعيد تمحورها وأصبح لها جذر في البلقان , وهو ما يشير إلى اندلاع حرب كونية قريباً إذا ظل الوضع على ما هو عليه . ويلخص المحلل السياسي الصربي تحليله في ثلاث نقاط ستجد الولاياتالمتحدة نفسها مضطرة للعمل على إنجازها هي طيّ مسألة كوسوفا وإنهاء النزاع اليوناني المقدوني والتخلص من كافة القضايا العالقة بالبوسنة والهرسك . وحال فشلها يقول المعلق السياسي سناد حسانوفيتش فإنها ستفقد توازنها الدولي وسيختلط الحابل بالنابل . أما جورغوس باباداكيس , المحلل السياسي اليوناني , يقول بأن مسألة استقلال كوسوفا , تنظر إليها اليونان من زاويتين , تركيا العدوة أولاً وشمال قبرص ثانياً . فالأولوية بالنسبة لليونان وبغض النظر عن سخونة الوضع مع مقدونيا مرحليّاً إلا أنها تقف ضد تركيا بلقانياً في شتى القضايا والنزاعات . ومن هنا , يأتي موقفها من استقلال كوسوفا لصالح صربيا المتصارعة مع تركيا تاريخياً مثل اليونان . وعودة إلى الرئيس اليوناني الذي أعلن إن بلاده تدعم دول غرب البلقان في سعيها للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي , مكتفياً بالحديث عن السلم والإستقرار ربما لكسب الوقت كما يرى العديدون من المراقبين . فهو اكتفى بما أدلى به للصحافة المحلية لبلاده بأن البلدين اليونان وصربيا تجاوزا ما كان أصعب من المرحلة الحالية بكثير , وهما قادرتان على تجنيب البلقان من المخاطر المحدقة به . واليونان التي تعصف بها أوضاعها الإقتصادية الخانقة , تموج على إرهاصات سياسية تجاه كوسوفا ومقدونيا وقبرص وتركيا حيث تدور بها النزاعات من كل جانب عدا قضية تشيميريا ( ألمقاطعة المتنازع عليها مع ألبانيا ) . ألبرفيسورة بيليانا فانكوفسكا أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأوروبية , لا ترى أن الولاياتالمتحدة معنية بالنزاع بين اليونان ومقدونيا حول الإسم لأن اللجنة الأوروبية المكلفة بهذه المسألة قد تبث بها قريباً وفي وقت مبكر . وبالنسبة لقبرص فإن الجزء اليوناني منها أصبح في الإتحاد الأوروبي والمسائل الإقتصادية وانعكاساتها على الوضع الداخلي اليوناني أضعف سياسة اليونان الخارجية . المحلل الكوسوفيّ آرديان أريفاي صرح لأوروبا حرة أنه لا يرى أن الإدارة الأمريكية القادمة ستضع قضية كوسوفا على سلّم أولوياتها . ولنفس الجهة أي أوروبا حرة صرح الدبلوماسي البوسني الأسبق خيرالدي صومون أن هيلاري كلينتون اكتفت بتأكيدها على ضرورة التقيد باتفاقية دايتون التي لا أرى أن الدستور المنبثق عنها أو تركيبة الدولة كفيلة بتقدمها . ألعلاقات مع الصين وروسيا أصبحت الأكثر إلحاحاً لصانع القرار الأمريكي , لأنهما يخوضان مواجهة صلبة ضد الولاياتالمتحدة والغرب في سوريا , وأما البلقان فهو محض رؤى للمحللين البلقانيين . ولكنه سيزيد من لهيب الإنفجار السوري ليمحو ما يبدو لنا أنه باقٍ 1