عمّت الإحتجاجات والإضطرابات العاصمة البنغالية دكا في الخامس من الشهر الجاري . وتواصلت , واستمرت الفوضى , وجيء بعشرات الآلاف من الجنود . وشهد كل شارع من شوارعها وأزقتها على قتلى وجرحى سقطوا هنا وهناك . وسائل الإعلام , لخّصت ما يجري في أن المحتجّين خرجوا ليطالبوا بسنّ قانون الإعدام لكل ما من شأنه الإساءة للإسلام . ولم تُشرْ أيّ منها إلى ربيعٍ بنغلادشيّ , يجري على مساحة 144000كم مربع يعيش عليها 150 مليون نسمة من أكثر الكثافات السكانية على الأرض . هذا البلد الذي يخلو من خطط إقتصادية وعمّاله بأدنى الأجور يعملون والفقر يغمرهم جميعاً والكل منا شاهد ما جرى مؤخراً عندما هوت إحدى البنايات بأكملها ولا تزال أعداد القتلى في ارتفاع . كانت بنغلاديش تسمى باكستانالشرقية عقب استقلالها عن الهند . وبعد انفصالها عن باكستان , أقرّت دستوراً يستند إلى الشريعة الإسلامية فنسبة سكانها المسلمين تبلغ 88% والمتبقون هم من المجوس والبوذيين . لكن الحكومات المتعاقبة وضعت البلاد تحت الهيمنة الهندية وحاربت القيم والمعتقدات الإسلامية ورسّخت أعتى أنواع الغلوّ العلماني المعادي للشريعة الإسلامية . وتشهد بنغلاديش عبر المدونات والكتابات أشد السخرية والإستهزاء بالله ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وبدين الإسلام . دون اتخاذ عقوبات رادعة من قبل الحكومة . فكثرت الإستفزازات وشاعت الكراهية وساءت الأوضاع والمشاعر وزاد الإحتقان الشعبي ككل وليس لدى جماعة حفظة الإسلام فقط كما روّجت وسائل الإعلام الغربية والهندية وغيرها . وقد وجدنا عدداً من وسائل الإعلام الغربية تنتقد خطاب كراهية الآخر في الخطاب السائد في بنغلاديش . ووصل الحد إلى مطالبة البعض بفرض قانون يحظر ارتداء الحجاب . لقد أصبحت وسائل إعلام عديدة أداة لنشر الإساءات بهدف غرس الصراع وتغذيته لشطب الآخر . وما يتعرض له الإسلام تتعرض له الكنيسة والمعابد الأخرى جميعها ودونما استثناء على الإطلاق . فلماذا لم نجد احتجاجاً على إقدام البعض في أمريكا وكندا والإتحاد الأوروبي على فصل الإناث عن الذكور في عدد من المدارس مثلاً بينما نجد هذا الكمّ الكبير من الإنتقادات على المسلمين ؟ لتتم مطالبة بنغلاديش بإلغاء دستورها بالكامل وشطب كلمة الإسلام منه . إنه الأسوأ مما يقدمه النظام الرأسمالي من قهرٍ للعمال واستغلال للمواطنين ومحاربة للمعتقدات الدينية والكيل بمكيالين . ثار البنغلاديشيون عندما وجدوا أن سلطات بلدهم تنفذ أوامر الهند وتطرد لاجئي بورما وميانامار وتتفرّج على ذبحهم دون تحريك ساكن أو السماح لهم بمدّ يد عطف أو حنان لهم . وثاروا بعد أن علموا أن عدداً من قادة بلادهم الحاليين كانوا متورطين في جرائم بحقهم أثناء حرب الإستقلال عام 1971 وهم الآن يعملون على تنفيذ أجندات أعدائهم . ما يجري في بنغلاديش , أصبح سهلاً علينا تفهمه , فهو شبيه بالربيع العربي . ويلزمه تضحيات كبيرة كي يحقق مرامه . وعلينا نشر ذلك وعلى أوسع نطاق في العالم كي يستوعب مفهوم الثورة الجديدة التي لن تستثني إحدى ساحاته . 1