تفاوتت التحليلات حول خلفيات خطوة حكومة أبوظبي بتوفير الدعم المالي لدبي لمواجهة ديون شركة "دبي العالمية" المملوكة للأخيرة، فقد اعتبر جون سفكياناكيس، كبير خبراء الاقتصاد في البنك السعودي الفرنسي أن الثمن "سياسي" يتمثل في إخضاع دبي لقيود سياسية وتجارية تفرضها أبوظبي، وخاصة على صعيد العلاقات الخارجية الروابط مع إيران. غير أن المحلل السياسي والأستاذ الجامعي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، رفض هذه التحليلات التي قال إنها "تظهر عدم معرفة بتاريخ الإمارات" مشدداً على أن تدخل الإمارة الكبرى في دولة الإمارات العربية المتحدة جاء بسبب عدم رغبتها في التعرض لحرج سياسي واقتصادي كان سيلحق بها وبدبي وبالاتحاد على حد سواء. وقال سفكياناكيس إن المنافع التي ستحصل عليها أبوظبي جراء دعم دبي ستكون "سياسية،" وتتمثل في الضغط على دبي للخضوع للسياسات العامة لدى سائر دول الخليج العربية حيال إيران. ولفت سفكياناكيس إلى أن الجالية الإيرانية في دبي تقدر بقرابة 350 ألف شخص يدير معظمهم مصالح تجارية ضخمة، خاصة وأن إيران هي الشريك التجاري الأكبر لدبي التي تشير تقارير غربية إلى أنها متنفس أساسي للاقتصاد الإيراني المتأثر بالحصار الدولي. وذكر سفكياناكيس أن الدعم يصب في النهاية لصالح أبوظبي التي لا ترغب في رؤية انهيار سعري لأصول دبي، كما أنها كانت تسعى لحل أزمة دبي قبل موعد القمة الخليجية التي اختتمت بالكويت الثلاثاء لتجنب الحرج. وأضاف سفكياناكيس : "المسألة السياسية كانت دائماً مهمة، ومن المعروف أن دبي كانت تسعى دائماً للتمتع بسياسة خارجية منفصلة، وهو أمر أبوظبي التي كانت ترغب دائماً في التدخل فيه، وقد حصلت اليوم على هذه الفرصة." ولفت سفكياناكيس إلى أن أبوظبي ترغب في رؤية تغيير في سياسة دبي بالتجارة الخارجية والجمركية، وخاصة حيال إيران، دون ان يستبعد وجود ضغوطات أمريكية تصب في هذا الإطار. ورأى الخبير الاقتصادي أن أبوظبي، وبخلاف ما يعتقده البعض "لن تتدخل دائماً لمعالجة ديون دبي بسبب ضخامة حجم هذه الديون التي يقدرها البعض بقرابة 120 مليار دولار." وتابع بالقول: "لا يمكن لأبوظبي أن تدفع 12 مرة، لذلك على دبي البدء ببيع بعض الأصول وقد تكون أبوظبي مهتمة بالاستحواذ على الأصول التي يمكن لها أن تدر الأموال، مثل المرافئ والمناطق الحرة والطيران والمترو." ولدى سؤاله عن احتمال رفض دبي بيع هذه الأصول باعتبار أنها مربحة لها في ظل تعثر أصول أخرى قال سفكياناكيس: "دبي مفلسة تماماً، لذلك لن يكون أمامها خيار سوى البيع.. عندما تكون مفلساً فلا يمكنك وضع شروط." وبحسب سفكياناكيس، فإن نموذج دبي الاقتصادي "انتهى إلى غير رجعة." على أنه أشار إلى أن عودتها مستقبلاً تكون "بالعودة إلى الأساسيات دون قفزات غير محسوبة للأمام، أي العودة إلى الخدمات والتصدير ومرحلة ما قبل ما يمكن تسميه ب'عوارض النخلة' المتمثلة بالاقتراض الضخم لتمويل مشاريع مشكوك في فائدتها." غير أن آراء سفكياناكيس لم تلق موافقة عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي والباحث الإماراتي المعروف، الذي اعتبر أن القول بوجود مطالب سياسية وضعتها أبوظبي على دبي لتمويلها "غير مقنع وفيه مبالغة ويدل على عدم فهم لديناميكية العمل والعلاقة بين الإمارتين، وخاصة على المستويات العليا." وتابع عبد الخالق بالقول: "لا أتصور وجود شروط من هذا النوع، ولست ممن يؤيد نظرية دفع دبي لتعديل سياستها الداخلية والخارجية." وأعاد الباحث الإماراتي أسباب دعم أبوظبيلدبي إلى رغبتها ب"تجنب الحرج الذي يمكن أن ينجم لو أن إحدى شركات دبي أفلست، والذي كان يمكن أن يكون سياسياً واقتصادياً ينعكس على دبيوأبوظبي والاتحاد نفسه، في فترة لاحقة." ولم ينف عبدالله أن إعلان أبوظبي كان مفاجئاً بالنسبة له، باعتبار أن الانطباعات الأولية كانت تشير إلى وجود تردد في أبوظبي، بينما كانت دبي تظهر وكأنها تريد تدبر أمرها بنفسها. ولم ينف عبدالله احتمال وجود ضغوط أمريكية على دبي بسبب علاقاتها التجارية مع إيران، لكنه شدد على أن الإمارات مستقلة في قرارها ولا تخالف قرارات الأممالمتحدة. وأوضح قائلاً: "قد يكون هناك انزعاج أمريكي منا ومن غيرنا ولكن العقوبات المفروضة على إيران على نوعين، واحد فرضته الأممالمتحدة، وتلتزم به الإمارات كما سائر دول العالم، وآخر فرضته أمريكا خارج سياق الأممالمتحدة وهو غير ملزم لسائر الدول، ورغم وجود ضغوطات أمريكية إلا أن القرار الإماراتي يخضع لموازنة داخلية تقوم على المصالح الوطنية." وأقر عبدالله بأن الأزمة أفقدت دبي "الكثير من وهجها وبريقها بسبب تراكم القروض وسوء إدارة الديون،" لكنه رفض المقولات التي ترجح انتهاء دورها، معتبراً أن الضربة التي تعرضت لها الإمارة "كانت قوية لكنها غير مميتة،" وبوسع دبي استعادة مكانتها وما خسرته مع الوقت.