ما أن وطئت قدماي الأراضي اليمنية في منفذ حرض إلا وجال في خاطري أحداث اليمن الأخيرة وتداعياتها كنت أتجول بناظري في كل مكان محاولا الاستكشاف لعلني استشف بعض حقائق الأحداث على الأرض كان الميدان أمامي ساذجا وفسيحا يكتظ بالسيارات وبالعابرين بين جنبات الحدود هنا الدكاكين مشرعة أبوابها والقهاوي الشعبية يزكم أنفاسها رائحة الدخان المنبعث مثقلا بهموم لقمة العيش , لا يوجد أمامي أي أثر لممارسات سياسية أو أي تعاطي فكري من أي نوع كان قد ينم عن احتقان أو تطرف . وبينما أنا كذلك إذا بي الحظ بين الجموع طفل لما يتجاوز الثامنة بعد يقف بجانب عمود العبور (المخطوم) بحبل يتدلى على غاربة يصر صر صعودا ونزولاً لتنظيم حركة العبور بين المملكة واليمن كان ذلك الصبي مختلفا عن أقرانه عيناه الغائرتان اللتان تنظران تجاه المملكة العربية السعودية تحكي سراً هكذا حدثتني نفسي, مشيت إليه بهدوء يدفعني الفضول ,داعبته بابتسامة ثم مددت إليه يدي ببعض النقود رفضها بأنفة وأمام إصراري أخذها ثم أهداني (مسواكاً) نديا كابتسامته , سألته عن اسمه فقال (غازي) , عاشت الأسامي ولماذا تقف هكذا يا غازي رغم أن الموظفين يطردونك فقال: رغم أنفهم سأقف هنا فأنا أنتظر والدي . إذن أبوك مغترب في السعودية لا تخف سيعود بإذن الله قريبا محملا بالهدايا , رد غازي بسرعة لالالالالا السعودية حيث تلك الأنوار هناك أتراها إنها وطني , ماذا ؟! نعم يا عم أنا سعودي وأبي سعودي . فقلت : وماذا تصنع هنا إذن ؟ فقال: لقد تركني والدي مع أمي اليمنية وعاد للوطن تركنا نعيش عيشة الفقر بلا بيت أو تكاليف حياة ورحل إلى السعودية وأنا هنا أنتظر عودته ثم حدق في تلك الأنوار تعاطفت معه كثيرا وصدقته في كل ما ذكر خاصة بعد أن بدأ يبكي , هدئت من نحيبه وحنينه لا يزال على ما يبدوا يتلظى داخله لوطنه ووالده . ورحت أصالة عن نفسي وعن (جازان نيوز) ومحبيها وعن أهل الوطن جميعاً نناشد والد (غازي) أن يعيده لوطنه وأن لا يترك ابننا هناك يقف منتظراً خلف عمود الحدود. 5