حذّرت "الدعوة السلفية" في الإسكندرية من المساس بالمادة الثانية من الدستور المصري، التي تنصّ على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". ودعا السلفيون إلى تفعيل هذه المادة بمراجعة كافَّة التشريعات المخالفة للشريعة، وإلى إطلاق حملةٍ لجمع توقيعات مليونية للتأكيد على عدم المساس بها، مؤكدين أنّ "الأُمَّةَ لم تَخترْ هذه المادةَ لتَبقى حَبيسةَ الأوراقِ لمُدَّةِ أكثر مِن ثلاثين سنة!". جاء ذلك خلال مؤتمر حاشدٍ عقدته مساء أمس الثلاثاء أكبر جماعات التيار السلفي في مصر، وحضره ما يقرب من 100 ألف شخص إلى جانب عددٍ لافت من الشيوخ والدعاة الإسلاميين، بهدف التأكيد على هوية مصر الإسلامية في ظلّ الإعداد لتعديل الدستور و"تحرُّش البعض" بالمادة الثانية منه. وتصدرت توصيات المؤتمر الذي تحدث فيه كل من: د.محمد إسماعيل المقدم، ود.ياسر برهامي، ود.سعيد عبد العظيم، ود.أحمد فريد، التأكيد على هوية مِصر؛ "كدَولةٍ إسلاميةٍ مرجعيةُ التشريع فيها إلى الشريعة الإسلامية". ورأى الدعاة السلفيون أنّ هذه مسألة "تُحَتِّمُها عقيدةُ الأُمَّة وعَقْدُها الاجتماعيُّ، فضلاً عن دُستورها وتاريخِها عبر خمسة عشر قرنًا"، واعتبروا أنّ كل ما يخالف الشريعة الإسلامية في نصوص التشريع "يُعَدُّ باطلاً". وكانَ مجموعة من الشخصيات القبطية تقدمت بمذكرة إلى نائب الرئيس، عمر سليمان، تطلب المشاركة في الحوار الوطني الذي بدأه مع عددٍ من القوى السياسية من أجل طرح رؤيتهم الخاصة. وقال الناشطون ومن بينهم المحامي، نجيب جبرائيل: إنّ الأقباط "عانوا مناخًا شديد الظلم مما أدّى إلى إقصائهم عن المشاركة في صنع القرار". مشددين على "ضرورة إحداث تعديلات دستورية" تؤكّد على علمانية الدولة، في تلميح على ما يبدو للمادة الثانية من الدستور. وخلال مداخلة مع قناة "بي بي سي" أكّد جبرائيل على ضرورة النظر فيما وصفه ب "مطالب الأقباط في مصر" مهددًا بتنظيم مظاهرات قبطية حاشدة في حال جرى تجاهلها. لكن يرى السلفيون أنّ "الأمانَ الحقيقيَّ" للأقباط في مصر يتمثل "في الشريعة والقائمين بها"، وليس في رفع الشعارات "كالمواطَنة وإلغاءِ خانة الدِّيانة مِن البطاقة وإلغاءِ صفة الدّولة الإسلامية"، كما جاء في بيانهم الثالث خلال الأحداث. ودللوا على ذلك بالتعاون الذي قام بينهم وبين الأقباط خلال الأحداث، وما قاموا به من حماية ممتلكات الأقباط و"أنَّ أحدًا منهم لم يَتعرض في وسط الغياب الكامل لسُلطة الدَّولة والأمن"، لأي أذى، "حتى كانت مشاركة أفرادهم في توزيع بيانات الدعوة السلفية بأنفسهم وطلب الحماية منهم ضد المجرمين الذين لا يُفَرِّقُون بين مالِ مُسلِمٍ أو نَصْرَانِي"، حسبما جاء في البيان. وخلال مؤتمرها أثنت الدعوة السلفية على "جهود الشباب المتظاهرين" في كل أنحاء مصر، والتغيير الذي أحدثوه. وذلكَ ردًا على ما تردّد من أن التيار السلفي يعارض التظاهرات. ومن بين توصيات المؤتمر التي ألقاها، الشيخ على حاتم- وهو وكيل وزارة سابق- إلغاء قانون الطَّوارئ، ومنعُ القَمع والتعذيب، والسجن والاعتقال دون محاكمة، والإفراج الفَوريُّ عن كُل مَن سُجِنَ أو اعتُقِلَ بغير حق. وهي ممارسات طالما تعرض لها السلفيون كغيرهم من باقي الجماعات الإسلامية في ظل نظام الرئيس مبارك. وطالبوا أيضًا بإصلاح المؤسّسة الأَمنية "لإعادة الثّقة فيها عند الأُمّة"، واعتبروا أَول خطوات هذا الإصلاح "التخلص مِن العناصر الفاسدة التي يَثبت تَورُّطُها في الاعتداء على حُرُمات الناس وحَقِّهم في احترام آدميّتِهم وكرامتِهم الإنسانية"، وإعادةُ بناء هيكلها مِن جديد، وتدريبُ العناصر الحالية مِن خلال "دوراتٍ تأهيلية في حسن معاملة الجماهير". إعلاميًا طالب السلفيون بالإلغاء الفَوري لسيطرة الحِزب الوطني على المؤسسة الإعلامية، "التي ما زالت تَسير على النَّمَط القديم، حتى بَعدَ أنْ صارت عَديمةَ المصداقية!"، على حدّ قولهم، وطالبوا باستبدال هؤلاء بشخصيات "مقبولةٍ محترَمةٍ مِن الجماهير"؛ تُحاول إعادةَ الثّقة في المؤسّسة الإعلامية. وعقد السلفيون مؤتمرهم بعد صلاة العصر، بجوار المصلى القديم لمسجد "الفتح" بمنطقة "مصطفى كامل" في المدينة الساحلية شمال مصر، وحضره عدد كبير من دعاتهم: كالشيخ شريف الهواري، وسعيد السواح، وسعيد حماد، وأحمد النقيب الذي حضر متأخرًا وألقى كلمة حثت على المحافظة على دين الأمة، وكان منسق المؤتمر الشيخ عبد المنعم الشحات. وتمثل الهدف من كل هذا الحضور إبداء موقف "الدعوة السلفية" من الأحداث التي تشهدها مصر منذ نحو أسبوعين. 3