رؤية المملكة العربية السعودية 2030 هي مزيج من الطموح والتحدي وإستشراف لمستقبل واعد في ظل قيادة ملهمة أدركت ببصيرتها الثاقبة أن الإعتماد على النفط كمصدر دَخْلٍ آحادي لن يكون مجدياً في قادم الأيام لاسيما في عصر التقلبات السياسية العالمية والنكسات الإقتصادية التي مُنِّيَّ بها الإقتصاد العالمي خلال العقود الماضية مما كان بدوره إيذاناً بإنبثاق فجر الرؤية الأغر لتكون بمثابة خارطة طريق نحو تنمية مستدامة، ومستقبل مزدهر مشرق على كل الأصعدة وفي مختلف المجالات. فبلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية هي قلب العالم النابض بالحب والسلام، ومهوى أفئدة البشر على ظهر هذه البسيطة. فهي بموقعها الجغرافي الإستراتيجي تمثل حلقة وصل بين قارات العالم الثلاث فضلاً عما حباها الله إياه من تنوع حضاري وإجتماعي وديمغرافي وإقتصادي مما مكنها من تبوء مكانة رفيعة ومركز قيادي على الصعيد العالمي ،ورؤية المملكة العربية السعودية 2030 كما نصت عليه وثيقتها المعلنة، ترتكز على ثلاثة (3) محاور رئيسة هي المجتمع الحيوي، والإقتصاد المزدهر، والوطن الطموح، التي تتسق وتتكامل مع بعضها البعض لتحقيق أهداف الرؤية الرائدة. وتعد وثيقة الرؤية بداية إنطلاقة نحو غدٍ أجمل من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية التي تهدف لبناء مستقبل واعد للوطن والمواطن على حدٍ سواء. ولأجل تحقيق الآمال المعقودة على الرؤية والتطلعات المرجُوَّة منها، فقد بدأت قيادة البلاد الموفقة ممثلة في مؤسساتها المعنية بتنفيذ عدد من البرامج الطموحة التي أسهمت ومهدَّت الطريق بشكل فعلي أمام بناء هذه الرؤية ووضعها حيّز التنفيذ ومن هذه البرامج على سبيل المثال لا الحصر: إعادة هيكلة الحكومة الرؤى والتوجهات تحقيق التوازن المالي إدارة المشروعات مراجعة الأنظمة قياس الأداء التحول الاستراتيجي لشركة أرامكو السعودية إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامّة رأس المال البشري التحول الوطني الشراكات الاستراتيجية التوسع في التخصيص تعزيز حوكمة العمل الحكومي هذه الأمثلة لا تعدو عن كونها غيض من فيض، فهناك العديد من البرامج المتعددة الرائدة قيد التنفيذ والتي لو استقصيت من كافة جوانبها لاستوعبت أسفاراً ولكن حسبنا من السوار ما أحاط بالمعصم. والحديث عن طموحات الرؤية وتحدياتها حديث ذو شجون، ولعله من المناسب هنا ذكر بعض ما ورد في تقرير شركة ماكينزي الإستشارية العالمية المتعلق بخطة المملكة العربية السعودية لما بعد النفط المتمثلة في التحول للإستثمار والإنتاجية أو ما عبر عنه بخطة 246 التي تشير إلى مضاعفة (2) حجم الإقتصاد السعودي خلال الأثني عشر عاماً القادمة ليصل إلى ستة (6) تريليونات ريال بينما يرمز الرقم (4) إلى أن القطاع الخاص سيستثمر أربعة (4) تريليونات دولار خلال نطاق الرؤية الزمني ليوّلد ستة (6) ملايين وظيفة لأبناء وبنات الوطن الجادين من ذوي القدرة الكفاءة والتأهيل. ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن كل ما ورد في تقرير ماكينزي والتقارير المماثلة يظل ضرباً من التنظير سيبقى حبراً على ورق قابل للنقد والتعديل وفق مقتضى الحال ما لم يتم تنفيذه بحذافيره على أرض الواقع من قِبل الجهات ذات العلاقة. وهنا تتجسد عِظَم الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتق كل منتمٍ لهذا الكيان الرائد، المملكة العربية السعودية، أفراداً وجماعات، وكيانات تنظيمية، فالكل مسؤول ومساءل ضمن نطاق مسؤولياته وصلاحياته المخولة له. ختاماً، إن استدامة النجاح لن تتحقق إلا باستدامة مقوماته، وهو الهدف المأمول تحقيقه من خلال رؤية المملكة 2030 التي تستند في الأساس على عناصر قوة البلاد وسر نمائها وإزدهارها والتي ستكون محصلتها النهائية توظيف وإستثمار هذه العوامل والمقومات بطريقة أكثر فعالية تضمن إستدامتها على المدى البعيد بمشيئة الله تعالى وتوفيقه.