على إيقاع هذا الصباح, نغادر كل شيء اعتدناه ليسكننا الوطن فقط، نعيد ترتيب خزائن الذاكرة والواقع والأحلام لتكون بحجم الوطن وعلى امتداد مساحة وجدان وطني خالص. فما بين ذاكرة وطنية تنتشي بسنوات بناء المؤسس، ومراحل النهضة، وعمر الإنجازات، وبين واقع أصبح أشد تجذرا، وأعظم قيمة، وأنضج رؤية، تتوهج الأحلام. هل قلت رؤية؟ وهل سنكون بحجم هذا اليوم إن لم نستشعره بوجدان تشكله رؤية وطنية تختزل ماضي الوطن وحاضره ومستقبله؟ إن احتفاءنا بيومنا الوطني السادس والثمانين تحديدا، هو احتفاء بأسس البناء العصري التي تقدمها رؤية 2030 ، احتفاء بتشكيل الرؤى الاستراتيجية الناضجة، والأهداف الشاملة، والتخطيط العلمي الدقيق، واستغلال المقدرات، وصناعة الآفاق الرحيبة الواضحة, والإخلاص في التنفيذ . بهذه العناصر التي آمنت بها الكثير من حكومات دول العالم، والشرق خاصة، فاستطاعت أن تنتشل نفسها من مخالب القاع والفقر والحروب والمعاناة وتصعد إلى قمم التفوق والريادة في كل المجالات. فالحياة لا تنتظر أحدا، والتفوق ملك لكل من خطط وعمل بأسبابه. وهو، أيضا، احتفاء بصناعة ثقافة التقدم والنهضة والرقي في عقول وسلوك المجتمع السعودي، فالحياة الكريمة التي اعتاد عليها المجتمع السعودي ربما أنسته التفكير في أن استمرار هذه الحياة والرقي بها مرهون بحرصه على القيام بدور محوري، بأداء واجباته بإخلاص ونزاهة، وبدعم خطط الحكومة الطموحة ورؤاها النيرة وحرصها على تطوير عمليات الإصلاح ومحاربة الفساد. وبتمعته بوعي اجتماعي يتجاوز مرحلة البناء التنموي التقليدي إلى مرحلة بناء الدولة العصرية التي تستمد وجودها من عقيدتها الراسخة، وقوتها من استغلال كل عوامل بناء اقتصادها، وتأثيرها من شراكاتها وتحالفاتها وحضورها العالمي، ونهضتها من اختزال تجارب الأمم المتحضرة، وتنميتها من استثمار عقول وسواعد وإخلاص أبنائها رجالا ونساء, ووحدتها من قيم الخير والعدل وتعايش وتسامح كل الطوائف والمذاهب التي تشكل ألوان طيفها الاجتماعي. وأخيرا، هو احتفاء بالمستقبل المشرق. فاستثمار الحاضر لصناعة المستقبل هو جوهر رؤية 2030، وبكثير من الصبر والجهد والإخلاص ستحقق الرؤية أهدافها وسنزف وطننا وأرواحنا وأحلامنا إلى قلب المستقبل المشرق في موكب بهيج كبهجة حضور الوطن, وجميل كجمال جهات الوطن، وفتيّ كسواعد كل أبنائه الأوفياء