بعض ممن وصلوا إلى المناصب القيادية والمسؤولية الكبيرة من وزراء ورؤساء ومدراء يغلب على تفكيرهم الصرامة المبالغ فيها لإدارة وزاراتهم أو مؤسساتهم أو دوائرهم كأنما يجيء به كسيوف سلطت على رقاب الموظفين والعاملين , فنجد قراراتهم وتصريحاتهم بلهجة الوعيد والتهديد ( ونحن نتوعد كل من يخالف أو يتجاوز ... ) فلماذا هذا الأسلوب المتسلط ؟ وكيف هي نظرة هذا المسؤول لمن هم في إدارته ؟ وماذا يرجو أن يحققه من أسلوبه هذا ليغلب على تصرفاته وقراراته ؟ وهل يعني الوصول إلى المنصب فرض أسلوب الوعيد والتهديد ؟ ماذا يريد المسؤول من الموظف وهل يحق له أن يتوعده ؟ . عزيزي المسؤول هناك العديد من الأساليب التي تقف عليها مقومات العمل الإداري الناجح ومنها : 1- أن لا يتم إصدار القرارات المتعلقة بالأهداف الخاصة والعامة للجهة أو المؤسسة إلا بعد دراسة وتأن واستشارة وتروي حتى تأتي القرارات رشيدة ومحققة للأهداف في حدود الإمكانيات المتاحة ومتقبلة من الموظفين أو العاملين . 2- أن يعمل المسؤول على توفير الجو المناسب والبيئة الملائمة للعمل بعيد عن الضغط النفسي والذهني لتحظى بيئة العمل باستقرار يكفل لها التطور والنجاح . 3- أن يوفر المسؤول مستلزمات العمل من أجهزة وتقنيات ومعلومات تساعد على خلق بيئة عمل شائقة ومن ثم المطالبة بإتقان العمل وجودته . 4- أن يقوم المسؤول بتنمية روح التعاون وعلاقات التآلف بين الموظفين أو العاملين . 5- أن يقف المسؤول على احتياجات من تحت إدارته وإيمانه بحقوقهم والسعي الجاد لتحقيق ما يمكنه تحقيقه لهم . 6- أن يتجرد المسؤول من هيمنة السلطة ويرقى بعلاقة إنسانية خلاقة مع موظفيه مبنية على التقدير والاحترام . 7- أن يشجع المسؤول الأفكار والمقترحات التي تهدف إلى تطوير العمل وتعزيز الثقة في خبرات الموظفين والعاملين وقدرتهم على ذلك . 8- التخلي عن الفردية في إصدار القرارات المعززة بفرض التنفيذ دون النظر إلى آراء الآخرين . 9- إيجاد قنوات تواصل حوارية إيجابية بين المسؤول وموظفي إدارته لتحقيق أهداف العمل المنشودة . يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } , ويقول تعالى { فبما نعمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك , فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين } فانظر عزيزي المسؤول إلى ما أمر الله به نبيه وانظر إلى ما حققه محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته . عزيزي المسؤول اعلم رحمك الله أنه لا يخلد لك إلى سيرتك وتعاملك وأخلاقك فاختر ما تحب أن تذكر به في حضورك وحين غيابك , وتذكر أن الدين المعاملة وأن لين الجانب ما خالط شيء إلا زانه وما فارق شيء إلا شانه وهذا لا يعني أن لين الجانب هو التهاون في تطبيق القرارات واللوائح والأنظمة ولا يمنع تنفيذها ولا غض الطرف عن المتقاعسين ولكن في إطار قواعد وبيئة العمل دون التعدي على العلاقات الإنسانية . عزيزي المسؤول إذا أردت النجاح في إدارتك فيلزمك نجاح بيئة العمل ولا يكون نجاح بيئة العمل إلا بنجاح الموظفين والعاملين , ولا يتيسر نجاح الموظفين والعاملين إلا بتهيئة مناخ عمل مناسب مبني على العلاقات الودودة المبنية على الاحترام والتقدير إضافة إلى برامج التدريب وتطوير الذات وتوفير فرص متساوية بين الموظفين والعاملين لتحقيق النجاح المأمول . عزيزي المسؤول اعلم أنه لا يحق لك توعد الموظفين والعاملين ولا يخولك منصبك بذلك فأنت لا تملكهم بل تديرهم , ولو استطعت أن تكسب محبة موظفيك حتما ستحقق نجاحا باهر في عملك يرقى بالمجتمع ويرضي ولاة الأمر بعد رضى الله – عز وجل – فمن أساسيات العمل الناجح الحب المتبادل بين الرئيس والمرؤوس ومراعاة المشاعر وتقدير الذات والتواضع , وأعلم أن نجاح العمل منوط بنجاح العلاقات الإنسانية بين المسؤولين والموظفين . أسأل الله الصلاح والتوفيق والسداد لكل مسؤول , وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا وقدوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .