مما تعارف عليه الناس أن اليهود هم أحب الناس للذهب والمال ولهذا الحب حكايات وأمثال يتداولها الناس فيما بينهم شعر وضرب أمثال فمن الأمثال التي يضرب بها حب اليهودي للمال ماقاله ابن حيان في الرجل لطيف الحس رقيق المشاعر يضعف لدى الجمال فيعشقه ( هو أعشق للجمال من اليهود للمال ) وقد قال حافظ إبراهيم يصف محبوبته وغادته اليابانية بقوله : كنت أهوى في زماني غادة * * * وهب الله لها ما وهبا ذات وجه خرج الحسن به * * * صفرة تنسي اليهود الذهبا ولا خلاف في عشق اليهود للمال والذهب ولاعجب في ذلكفهم يعبدونه ويقدسونه وقد قال لهم المسيح عليه السلام : ( لا تعبدوا إلهين .. ألله والمال ) فقد كانوا يخلصون الدين للذهب ، وشعائرهم الصياغة والصرافة والسمسرة وأعمال البنوك وإشاعة الربا وأحبارهم المقدسون قارون ويهوذا وشيلوك ، وكانوا يقولون ( قارون ولا هرون ) يعنون بذلك أن أصحاب المال أقرب وأحب إليهم من صاحب النبوة .. وقد كان يهوذا من حواري عيسى عليه السلام فأضله حب المال فخانه بثلاثين فضة ، بعد أن قبله تلك القبلة المعروفة ( بقبلة يهوذا ) وبالمال اشتروا الضمائر أجنبية وعربية مسلمة وغير مسلمة . ومن يشكك في كلامي عليه أن يبحث ولا يختلف على ذلك إثنان .. ومن هنا ومن خلال بيع المسلم ضميره وأمانته من أجل المال نجد أن المسلم أيضا يحب المال لدرجة الخديعة والغش واستحلال الرشوة وفي ذلك قصص كثيرة وصلت للغش في الغذاء وخيانة الأمانة والمبالغة في رفع الأسعار وشراء الضمائر وبيعها فيما بينهم وتجاهل التعاليم الدينية – عددوا ما تشاؤون - وفي حب كثير من المسلمين للمال منذ ظهور الإسلام أدلة كثيرة ولكن استفحل هذا العشق في عصرنا الحاضر من خلال ثقافة وعولمة مفهوم المادية والعصر المادي , فأصبح غاية أكثر منه وسيلة !! وقد جاء في القرآن حب كثير من الناس للمال قال تعالى : ( وتحبون المال حبا جما )وقال تعالى ( تبت يدا أبي لهب وتب ماأغنى عنه ماله وماكسب ) قال تعالى ( ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده ) وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال ) وقال ابن عبد البر قال صلى الله عليه وسلم ( إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وإنهما مهلكاكم ) وقال الحسن البصري ( لكل أمة صنم وصنم هذه الأمة الدينار ) ومن هنا نجد أن كثيرا من المسلمين قد يعملوا من أجل المال ما يخالف تقوى الله دون خوف في تجارة ومقاولة ومسؤول مؤتمن يبيع ضميره من خلال مصالح مشتركة كل ذلك من أجل المال فماذا تبقى لنا أن نتفاخر به أمام اليهود ومن هم ليسوا على ملة الإسلام .. قبل أن أختم مقالي سأروح عليكم وأبهجكم بحكاية شعبية قديمة بين يهودي عربي ومسلم وحاكم سأصيغها بأسلوب خاص وسهل .. يقال: أن يهوديا كان يسكن في قرية كلهم مسلمون وليس لديه ذرية ولا عائلة غير ( كلب ) ولديه من الذهب والمال الكثير ، فخاف أن يموت وتدفن جثته دون طقوس في خلاء وخاف على كلبه من الضياع أو القتل ، ففكر أن يؤمن نفسه وكلبه ، وكان في القرية رجلا مسلماعائلا فقيرا لم يلتفت إليه أحد ، فاجتمع به وقال له أنت مسلم وأنا يهودي وأنت فقير وأنا غني ولدي من الذهب والمال الكثير ، وليس لدي سوى هذا الكلب وأنت تعلم أنني أطعمه اللحم كل يوم وليلة ، وأنا مستعد أن أجعلك تعيش أجمل عيش بشرط أن تعطيني عهدا أن تفي بوصيتي بعد موتي ومن اليوم لن تحتاج على أحد.. قال له الرجل هات وصيتك .. قال وصيتي هي كالتالي : ( إذا مت تدفنني في وسط مقابر المسلمين ، وتطعم كلبي وترعاه كما كنت أطعمه وأرعاه وإذا مات تدفنه بجواري بين موتى المسلمين ) فوافق أخونا المسلم على ذلك وقد كان وفيا مع اليهودي مع أن في ذلك بيع للضمير . وعندما مات اليهودي دفنه في وسط موتى المسلمين ، ومرت الأيام وقضى الكلب نحبه فاستأجر أشخاصا معه بجنيهات الذهب ودفن الكلب بجوار قبر سيده اليهودي ، فعلم أهل القرية بذلك فاستاءوا لدفن الكلب بين أموات المسلمين ، فذهب بعضهم إلى الحاكم وحكوا له ماصار فغضب الحاكم ونفذ عليه ثلاثة من عسكره من أقوى الرجال ليحضروه ، فعندما وصلوا رحب بهم وذبح لهم الذبائح واستضافهم ثلاثة أيام أشبعهم فيها وأعطى لكل واحد منهم جنيها من الذهب ، وقال لهم عودوالمولانا للحاكم وأخبروه أنني بعد ثلاثة أيام سأحضرولن أتأخر ، وعندما عادوا أخبروا الحاكم بأن الرجل على مستوى عال من المصداقية والكرم وامتدحوه وضمنوا له حضوره ، وبعد ثلاثة أيام حضر الرجل إلى مجلس الحاكم ، وقد كان الحاكم غاضبا تكاد عيناه تشتعل ، فخاطبه بفضاضة وبصوت غليظ اهتزت له أركان المبنى قائلا له: دفنت اليهودي في وسط المسلمين فقلنا لابأس مهما كان فهو إنسان أما أنك تتجرأ وتدفن الكلب بين المسلمين أيضا فهذا لن نسكت عليه . فقال له الرجل أدام الله مولانا الحاكم إن الكلب يامولانا عندما حان أجله وقربت منيته وقبل أن يموت عطس عطستين ونبح نبحتين وأوصى لمولانا الحاكم بمائتين ، قال الرجل هذا الكلام وقد كان الحاكم مسندا ظهره وغاضبا , فاستوى الحاكم جالسا واقترب من الرجل وبصوت هادئ ورقيق قال له متسائلا ليتأكد من الوصية التي أوصى بها الكلب ( ما قال المغفور له ما قال ؟ ) قال له الرجل كما سمعت مائنا جنيه ذهب .. وميعت قضية أهل القرية تحت قوة الذهب المسيل ل اللعاب مغيرالعقول ومحطم ومفسد كثير من الضمائر .. أللهم لاتجعل الدنيا ولا الذهب ولاالمال أكبر همنا وعلى حساب ضمائرنا , ولله في خلقه ومظاهرهم وضمائرهم وسلوكهم وتعاملهم شؤون ! الله المستعان.