في بعض الحالات قد يصل بنا إلى حد الهوس و القلق و التوجس خِيفة منه .. فنخاف منه على أي شيء و كل شيء حتى على توافه الأمور .. و لو كان بالإمكان إغلاق أعين كل من حولنا و منعهم من النظر إلى أي شيء جديد أو جميل يخُصنا لفلعنا حتى لا يصلنا ( الحسد ). الحسد .. و ما أدراك ما الحسد فقد أصبحت هذه الكلمة تؤرقنا .. تُقيدنا .. تحاصرنا في ضحكاتنا و أفراحنا و أتراحنا ...يا لهذا الخوف .. و القلق .. و التوتر من هذا ( الحسد ) و عين الحاسد النفّٓاذة .. و الغريب في الأمر أن يُقابل ذلك حِفاظنا على صلواتنا الخمس في كل يومٍ و ليلة و زيادة. .. كذلك لكلٍ منّٓا وِرده اليومي الخاص صباحاً و مساءً من الأذكار و الأدعية المأثورة لتحصين النفس من عين الحاسد و الحاقد و الكاره ( أي أننا استعنّٓا هنا و لجأنا للخالق العظيم ) فنحن مقتنعين بقدرته على دحر تلك العين اللعينة . و رغم ذلك لو حدث لنا أي أمرٍ لا نحبه أو كارهين له فوراً تلفتنا يميناً و يساراً بحثاً عن تلك العين الحقودة التي أصابتنا و فعلت فعلتها اللعينة .. و رمتنا بسهام الحسد المقيتة نعم ..قد يكون ذلك ! .. فعين الحسد حق و ذكرت في القرآن الكريم ( و من شر حاسدٍ إذا حسد ) و لكن في بداية السورة .. سورة الفلق ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ) أي أننا نلتجئ و نعتصم بالله عزَّ و جل و نستعيذ به من شر ما خلق سواءً عين حاسد أو حاقد أو خلافه . يا لهُ من أمر غريب متناقض عند البعض .. فأين اليقين بالله هنا و الإيمان بالقضاء و القدر خيره و شره أم أننا نريد أن نكون دائماً في هناءٍ دائم دون ابتلاء .. ألا يكون الابتلاء من محبَّة الله لعبده فإذا إحبَّ الله عبداً ابتلاه .. و نعرف جيداً جزاء الصبر و الاحتساب .. اليست الحياة دار عملٍ و ابتلاء ؛ فلا نُعلٍّق فشلنا و أخطائنا و تقصيرنا على شمَّاعة العين و الحسد .. العين حق و لا يُنكر أحد ذلك و لكن صلاتنا و صيامنا و أذكارنا و عباداتنا بشكل عام حِصناً لنا منها .. فلا نجعلها هي الهاجس الذي يقتل فرحتنا و يجعلنا لا نستمتع بها و أيضاً يؤثر على علاقاتنا بمن حولنا و لنتوكل على من خلقنا وهو الرحيم بنا .. و إن كنّٓا على يقين بعين حاسد فدواء الحسد كلنا يعرفه كما ذُكر في آيات القرآن و السنة .. فلا نجعلها هاجسا مرعبا و نمط حياة ؛ حتى وصل الأمر بنا أننا عندما نفرح بشيء لنا أو لغيرنا و نقوم بمديحه نخاف أن يؤخذ الأمر بشكلٍ لا يرضينا فنذكر الله مراتٍ و مرات و نُسمع من حولنا خوفاً من اللبسِ في المفهوم و أننا لسنا حٓسٓدة بل مشاركين لفرحتهم . 1