لم يعد الوضع في اليمن يستعصي على الفهم ، تصفية حسابات بين حزب الاصلاح " الإخواني ومعه علي محسن الأحمر المنشق السابق عن الجيش اليمني والمستشار العسكري لرئيس الجمهورية الذي غادر اليمن بعد الاستيلاء على لوائه العسكري الذي بقي تحت سيطرته لا سيطرة قيادة الجيش المني ولا تحت إمرة وزير الدفاع اليمني المحسوب على الرئيس السابق على عبدالله صالح وأحد رفاق علي ناصر محمد الذي لجأ وقواته من اليمن الجنوبي سابقا بعد حرب طاحنة مع جناح علي البيض ، ومشايخ آل الأحمر " من جهة ، ومن جهة أخرى حزب المؤتمر الشعبي العام وقيادات الجيش والأمن - وواجهتهم الآن قوات الحوثيين . وما يتردد صباح مساء دونما نفي من رئاسة الجمهورية او من المبعوث الدولي لليمن السيد جمال بن عمر أن الرئيس هادي هو من رتب مع جمال بن عمر تسهيل دخول الحوثيين لصنعاءوالمحافظات الأخرى ، كما كشف مدير مكتب الحوثي مهددا ببث تسجيلات تكشف التفاهمات بين الرئاسة عبر ممثلها الذي رفض الحوثيون ترشيحه لتشكيل الحكومة اليمنية لاحقا ، والحوثيين من جهة أخرى ..للجم طموح آل الأحمر خصوم علي صالح ، ولقطع الطريق على الرئيس السابق ورهانه على أتباعه وأتباع ابنه أحمد بالجيش اليمني لتصفية حسابات بين الفريقين ,والاخلال بالأمن وما سينجم عنه من نفض الرماد عن النيران فيأتي على الأخضر واليابس ،فكان الحوثيون العصا الغليظة المحمية بالشرعية الرسمية والدولية . ويدلل على هذا أن دخول الحوثيين لمحافظات عمران و صنعاء والحديدة واب وذمار وحجة يأتي بتفاهمات مع قيادات عسكرية بتلك المحافظات فيدخلون سلميا دون مقاومة ،وبقى الرئيس هادي حاليا يتولى الملف السياسي ولا يمسك به بمفرده !!، وبتأليف حكومة لتسيير الأعمال فقط .ومن المؤكد أن حقيبتي الدفاع والداخلية ستسند للحوثيين أو إلى مقربين منهم ومحل ثقتهم ، والخارجية للمؤتمر الشعبي ، مقابل رئاسة الحكومة للجنوبيين ، وتسند الوزارة السيادية الثالثة " المالية" إلى شخصية مستقلة غير حزبية أو قبلية ، وبقية الوزارات الخدمية وغيرها تكون مناصفة وفق المبادرة الخليجية على أن تحوز على رضا الحوثيين !! وما يعطي دلالات أن الصراع المسلح سيكون ربما حصريا بين القاعدة والحوثيين كما بدأت بواكيره بالبيضاء ، في حال بقي الجيش اليمني على الحياد في مناطق الصراع وخاصة لو تمدد الحوثيون إلى جنوب اليمن حيث الوجود المكثف للقاعدة ، من المتوقع على المدى القريب في حال أنجز الحوثيون تفكيك مخيماتهم من صنعاء التي بدأت اليوم ، سيظل نفوذها السياسي له كلمة الفصل كما هو لحزب الله في لبنان ؛ والمثير للدهشة مع استيلاء الحوثيين على محافظة حجة وصولا لمدينة حرض الحدودية مع السعودية اليوم دون صدور بيان يعطي تطمينات من أن الحوثيين لن يتجاوزوا الخط الحدودي شمالا .يأتي ذلك في ظل ما أصدره المتحدث الاعلامي بإمارة منطقة جازان من النفي القاطع لما يتردد بمواقع التواصل الاجتماعي من اخلاء قرى حدودية لمسافة 10 كيلومترات ، ومع أن النفي كان متأخرا إلى أنه جاء في وقته المناسب عشية سيطرة الحوثيين على مدينة حرض الحدودية . نعود إلى تأكيد أن ما يجري في اليمن من تصفية حسابات بين قوى يمنية متصارعة ، لن ينتهي بلمسة سحرية حوثية أسفرت عن الانكفاء العسكري الرسمي اليمني ووقوفه على الحياد "حقنا للدماء " !.. مع هذه - الفزورة اليمنية - تبرز اسئلة .. هل سيسيطر الحوثيون على محافظات اليمن من شرق حضرموت الى جزيرة سقطرى بأقصى الحنوب ليلحقها اضافة لمحافظات شمالية والعاصمة صنعاء ، وغربا بالحديدة ،وحرض أما الشمال الشرقي محافظة صعدة معقل الحوثين ...لكن ماذا بعد أن تهدأ العاصفة الافتراضية ؛ ومن المؤكد لو تمدد الحوثيون للجنوب . ستبقى الأيام مرشحة لصدامات بين القاعدة والحوثيين ،لكن ما ذا لو أعلن الجنوبيون دولتهم المستقلة بوجود قطاعات للجيش والأمن هل سيتم قمعها لعدم دخول البديل الحوثي ،أم بانتظار دخول الجنوب تحت طاعة القوات الحوثية وعندها تسلم مسؤولية الأمن إليهم وتنتهي آمال الجنوبيين ،أم هل ستتبخر مخرجات الحوار اليمني وتُكرَّس اتفاقية السلم والشراكة بظل دولة واحدة يتسيدها الحوثيون ، أم سيتم فرض الأمر الواقع بمخرجات الحوار الوطني بالتقسيمات الإدارية " الفيدرالية "، أعتقد أن مخرجات الحوار والتي تحفظ عليها الحوثيون اصبحت بحكم المستحيلة ، فالحوثيون كانوا يطالبون بحجة والجوف وعمران وصولا إلى ميدي أما الآن فقد بسطوا سيطرتهم على الساحل اليمني للبحر الأحمر والمخا و باب المندب إلى ميدي .ومن المحتمل أن يخلي الحوثيون صنعاء وغيرها من المدن لكن من الحديدة وحرض والمخا وباب المندب فهذا يستحيل ، وقد فرضوا بأنفسهم بتمرير من القوات العسكرية اليمنية سيطرتهم ..لفرض ما كانوا يطالبون به بالحوار والذي تحفظوا عليه .بميناء ميدي . تبقى الأيام حبلى بالمفاجآت ، في ظل صمت اقليمي وعربي ودولي الأمر الذي أعطى هامشا للتكهنات بأن تنسيقا ما بين الرئيس اليمني والدول العشر الراعية لاتفاقية انهاء الأزمة اليمنية بما تسمى المبادرة الخليجية ومع قرار مجلس الأمن الذي يمثله جمال بن عمر والذي يحمل أي طرف يخرق الاتفاقية بعد أن وقعتها جميع الأطراف تحت طائلة العواقب الوخيمة ، بصفقة ما تحصر تحرك الحوثيين بداخل اليمن للتخلص من القاعدة باليمن وبمن يتخفى خلفهم من قوى سياسية يمنية ذات توجهات إخوانية ، في حين نسمع ونقرأ تأكيدات أن المرجعية الأولى للوضع اليمني هي المبادرة الخليجية المدعومة عربيا ودوليا ، كما هو حال ما تقوم به إسرائيل في فلسطين - من حيث فعالية القرارات الدولية لا من حيث نوعية الطرف صاحب العصا الغليظة - فيما اسرائيل تشيد مستوطنات ليل نهار في حين نجد البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية يكتفون بتكرار القرارات الدولية 338 و242 واتفاقيات مدريد وحل الدولتين وما إلى ذلك من القرارات .. وتظل القافلة تسير .. و... تبنح . ختاما أتمنى أن اكون مخطئا أوان ذلك حلما بعيد المنال ، مؤداه ينبثق عن أسئلة : "هل يعتقد المتفائلون جدا بأن الحوثيين سيعيدون ترتيب أمور الدولة اليمنية عبر إنجاز من تشكيل حكومة كفاءات وتتولى قوات الحوثيين بإنهاء خطر القاعدة ، وإخماد الحراك الجنوبي ، ويعلن علي صالح استقالته من حزب المؤتمر الشعبي العام ويغادر ومعه آل الأحمر والقيادات المتعاونة معهم خارج البلاد لتهيئة الأجواء ليمن جديد ، وأن يمكثوا إلى أن يعيد الرئيس اليمني اختيار مستشاريه ويعين قيادات عسكرية لا تدين للنظام السابق ويعلن استفتاء على دستور ينبثقق عن مخرجات الحوار اليمني واتفاقية السلم والشراكة ، ويستقيل الرئيس عبد ربه هادي من حزب المؤتمر الشعبي العام بصفته نائب رئيس الحزب قبل أن تنظم انتخابات نيابية بناء على الدستور المستفتى عليه شعبيا ، وتشكل على أساسه حكومة يمنية وطنية ، ويعلن الرئيس هادي عن انتخابات رئاسية بعد عام ونصف على ممارسة البرلمان لدوره التشريعي والرقابي ومنها منح الحكومة الثقة . ما أتوقعه ان الحوثيين لا يزالون بالفصل الأول من المسرحية ، وربما أن اليمنيين والجوار الاقليمي ينتظرون أن يرفع الحوثيون أيديهم وهم يغادرون المحافظات واحدة تلو الأخرى وينكفؤون الى صعدة حاملين بيد بدلا عن السلاح ورودا، ويطلقون صيحاتهم رافعين علامة النصر بيد أخرى وهم يلوحون : باي باي .... انتهت المسرحية وتقفل الستارة !!!،أتمنى ذلك ..لكن من الجنون أن يتم ذلك .