عادة ما نكون في حالة اتصال مع الآشياء والاشخاص في المواقف التي تحدث لنا في إيقاع حياتنا اليومية ، سواء أكان ذلك الإتصال لفظا أو فعلا أو شعورا , فيمر عبر مرشحاتنا لتحليل الموقف بااستخدام آدوات التحليل كالتعميم أو التعديل أو الحذف ؛فينتج عن نظرتنا أو رأينا وخبرتنا كاستجابة لذلك الموقف ؛وقد تتحول تلك الاستجابة لتصبح أحد أكثر الإتصالات التي نعقدها دائما ،وهي اتصالنا مع ذاتنا والإسنغراق في مشاعرنا وآفكارنا وحديثنا الداخلي ؛ الذي قد يكون بنّاءا أو هداما في نفس الوقت ،لأن ما نحدّث به أنفسنا إنما هو بمثابة برمجة لعقلنا الباطن وسرعان مانحصده سلوكا وفعلا. يقول د. جوزيف ميرفي: إ"ن ما تبذره من أفكار في عقلك الباطن طوال اليوم ، ستحصده زرعا في جسمك وحياتك " فكم منا وآمام تجارب تمر بنا ينغلق على ذاته ويجري حديثا يستنزف شعوره وأحاسيسه ويكلفه صحته حتى دون طائل ، وقد يقع في منزلق خطير كالتشكيك بنفسه . ويمكن يتساءل الفرد عن الخطأ ارتكبه ليحصل كذا وكذا ،و ما الذي فعلته أنا ليحدث هذا، نغوص في قاع المشكلة ، وننسى الحكمة فيما حدث أو يحدث ، نغفل عن قول الله عز وجل " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " ونتجاهل قوله تعالى " إ مع العسر يسراً " ومتى أدركنا أذلك تحول اتصالنا مع ذاتنا شيئا فشيئا إلى تلك البقعة المضيئة في كهف مظلم ، والتي تعرف ب " الحل " , نبدأ نفكر في الحكمة من هذه التجربة ، وما الأمر الجيد فيها ، وما الذي ستضفيه أو ستغيره في حياتي هذه التجربة . وهكذا حتى نصل لبر الأمان. وعند كسرنا لحالتنا الشعورية عند بدء أو خلال تلك الحالة السلبية وانشغلنا بقراءة كتاب أو بحضور دورة تدريبية ، أوبتواصلنا مع الآخرين أو حتى انشغلنا بنشاط تستهويه نفوسنا ، ومتى ما كان اتصالنا يعبر بنا إلى فهم أعمق لذواتنا ، مع اعتنائنا بخصائص الحديث والأفكار لانتقلنا إلى التفكير المنطقي والإيجابي العقلاني في كل موقف أو تجربة فور حدوثها بفضل الله أولا وآخيرا ، فلنا أن ننعم بعد ذالك بكمّ من المخرجات المثمرة لكل حياتنا. يقول الغزالي يرحمه الله ":كل مايصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره ، فكما أان المرء ينهض على قدميه وينشط وينتج بدافع من أفكاره ، و يمرض ويشقى من أفكاره أيضا". 1